غيّر بعض الانتهازيين من حلة تسولهم ولبسوا حلة جديدة، وبعد أن ألفنا فئات المتسولين وهم بملابسهم الرثة وحالتهم المهينة بات هناك نوع آخر من المتسولين الذين صاروا يظهرون بمظاهر الأناس العاديين ولا تكتشف أنهم كذلك إلا بعد الاقتراب منك وطرح مشاكلهم وطلب يد العون بحجة أنهم لم يعتادوا على التسول وأن الظروف القاهرة هي من دفعت بهم إلى ذلك المصير المحتوم، كطريقة أخرى استعملها بعض الانتهازيين للسطو على جيوب الناس بالباطل. نسيمة خباجة عادة ما يباغتك أحدهم أو إحداهن وأنت تسير في الطريق أو ماكثا بمحطات النقل ويذهب في الحديث معك وسؤالك عن أحوالك وكأنه يعرفك منذ مدة طويلة، وبمجرد الاستفسار عن سر تقربه منك يرد أنه في حاجة ماسة إلى بعض من المال لحاجة السفر أو المرض أو مجبر على زيارة أحد في السجن وغيرها من الأعذار قصد الحصول على بعض من المال، ليؤكد في الأخير أنه غير معتاد على مد يده وأن الحالة المزرية والضائقة المالية هي من أوصلته إلى طلب الصدقة من الغير· ولعل تلك الطريقة المبتدعة هي آخر ما وصل إليه البعض لجلب استعطاف الناس من أجل التصدق عليهم، خاصة وأن الناس ملوا من هؤلاء الذين يظهرون بملابسهم الرثة، وربما تلك الحلة الجديدة سوف تجلب استعطاف المتصدقين، وبالفعل هي آخر ما ابتدعه هؤلاء وحصلوا بفضل تلك الطريقة على غنائم وعائدات بابتكار تلك الحيل الجهنمية، خاصة وأن صفة التصدق ومساندة الغير هي سمة شائعة بين الكثير من الجزائريين، لكن بعض الحالات كشفت لهم تلك الألاعيب والقصص المأساوية المفبركة التي يحيك خيوطها بعض الانتهازيين· وفي هذا الصدد اقتربنا من بعض المواطنين للوقوف أكثر على الظاهرة التي باتت شائعة وكأسلوب جديد اختاره البعض في ممارسة مهنة التسول، منهم إحدى السيدات التي قالت إنها في كم من مرة عايشت تلك المواقف بعد أن تتقدم منها نسوة من مختلف الأعمار ويستظهرن في الأول كأنهن يعرفنها منذ وقت طويل ويذهبن في تبادل القبل معها· وفي السؤال عن الأحوال والصحة ليظهرن بعد ذلك نواياهن الحقيقية في طلب الصدقة والحصول على قسط من المال للتداوي أو لزيارة مريض أو السفر، لكنها بينت أنها تصدهم في كل المرات خاصة وأنها حفظت الدرس من إحداهن التي سلمتها مبلغ 800 دينار بعد أن أخبرتها أن ابنها بالسجن في ولاية بعيدة وطلبت منها المساعدة من أجل زيارته، وبعد أن فرت جاءها قابض يعمل على مستوى المحطة وأخبرها بالقصة التي تسردها دوما تلك المرأة أثناء السطو على فرائسها، ففهت في تلك اللحظات أن تلك السيدة العجوز قد غدرت بها وسلبتها مالها بالباطل ففوضت أمرها لله تعالى ومنذ ذلك اليوم لم تعد تثق بهؤلاء المتسولين· مواطن آخر قال إنه وقع ضحية لابن وأبيه بعد أن تقدما منه على مستوى إحدى محطات العاصمة وترجياه لإسداء يد العون إليهما خاصة وأنهما من مدينة وهران وطلبا منه دفع ثمن تذاكر السفر حتى أنه المسكين قدم لهما مبلغ 1800 دينار بعد أن تظاهر الأب بالعجز وبتعذر ذهابه في الحافلة، بل إنه ناولهما رقم هاتفه الشخصي لإخباره بالوصول إلى ولايتهم، لكن منذ ذلك اليوم لم يظهر لهما أثر ولم يتصلا به فتأثر كثيرا لدرجة الاحتيال والنصب التي وصل إليها البعض ومنذ ذلك الوقت لم يعد يثق بأحد وهو يفضل التصدق على معارفه أحسن من رمي أمواله على أناس لا يستحقون إسداءهم المعروف· لذلك وجب الحذر من هؤلاء لاسيما وأنهم متسولون اختاروا التخفي وراء حلة جديدة تجذب استعطاف الناس وشفقتهم لكن هدفهم الرئيسي هو السطو على أموال الناس وأخذها بالباطل·