انتهت الانتخابات وأعلنت نتائجها، فتباينت ردود الفعل وبلغت حدّ التناقض، وهو تناقض صنعته النتائج التي خلّفت فرحة عارمة في أوساط الفائزين، في مُعسكري حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمّع الوطني الديمقراطي، وعلى النّقيض من ذلك كان الاستياء الشديد مرسوما في مُعسكر الخاسرين الذين تفنّنوا في إطلاق اتّهامات خطيرة للأفلان والأرندي وللإدارة بالضلوع في عمليات تزوير أدّت حسبها إلى هذه النتائج· فبينما تواصلت الأفراح الأفلانية، وبدرجة أقلّ الأرنداوية، أمس، بعد ساعات من إعلان وزير الداخلية عن حصد (الجبهة) و(التجمّع) لغالبية مقاعد الغرفة البرلمانية السفلى، تسابقت الأحزاب المنهزمة التي خاب أملها في الحصول على نتائج جيّدة في استحقاق العاشر ماي إلى إصدار البيانات وعقد النّدوات الصحفية وإطلاق التصريحات النّارية للتعبير عن رفضها لما أفرزته النتائج· وسارع أبو جرّة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم إلى التعبير عن استيائه من نتائج التشريعيات، مشيرا إلى وجود (تجاوزات خطيرة) أدّت إلى إفرازها. ومن جهته، وصف عبد اللّه جاب اللّه نتائج التشريعيات بالمسرحية، بينما وصفها حزب جبهة الجزائرالجديدة ب (المهزلة الانتخابية)· أمّا عبد المجيد مناصرة رئيس جبهة التغيير فقد قال إن (السلطة ضيّعت على الجزائر فرصة سانحة للتغيير السلمي الديمقراطي، هذه هي الخلاصة المستخلصة من نتائج الانتخابات التشريعية التي علّق عليها الشعب الجزائري آمالا كبيرة في إحداث التغيير)، مضيفا أنه (بهذه النتائج لن تستطيع الجزائر قيادة المنطقة لغياب الديمقراطية وتفوّق الدول الأخرى عليها ديمقراطيا)· وقال مناصرة في ندوة صحفية عقدها صبيحة أمس إنه معتزّ (بما قدّمته الجبهة من مشاركة في الانتخابات)، وقال (إننا أردنا للجزائريين على الأقل المشاركين بأن تبقى جهودهم منحصرة في هذا المسار، والذي هو وسيلة من وسائل التغيير وليس كلّه)· من جهته، أعرب حزب جبهة المستقبل عن (خيبة أمله) في النتائج التي تمخّضت عن الانتخابات التشريعية، مؤكّدا على مواصلة العمل النضالي (لإحداث تغيير إيجابي) من شأنه أن يخدم مصلحة البلاد· وفي هذا الإطار أكّد رئيس الحزب السيّد عبد العزيز بلعيد في ندوة صحفية نشّطها أمس السبت بالجزائر العاصمة بعد الإعلان عن النتائج الأوّلية لهذه التشريعيات أمس الجمعة، والتي بلغت نسبتها 36 و42 بالمائة، أن هذه النتائج (جاءت مخيّبة لآمال وتطلّعات مناضليه)· وعبّر السيّد بلعيد عن (خيبة أمال واستياء الجبهة بخصوص التجاوزات التي رصدت في العملية الانتخابية)، مضيفا أن نتائج الانتخابات (تحدّت جميع التوقّعات العقلية والمنطقية)· واعتبر رئيس الجبهة ذلك (ليس في صالح الديمقراطية والجزائر) التي تسعى على حدّ تعبيره إلى (إحداث تغيير وتعميق الإصلاحات في مختلف المجالات)· في سياق ذي صلة، اعتبر الأمين العام لحزب العمّال الاشتراكي السيّد محمود رشيدي أمس السبت بالجزائر أن الانتخابات التشريعية ل 10 ماي (لم تحمل أيّ تغيير) في الخارطة السياسية للبلاد، مؤكّدا أن تشكيلته السياسية ستعمل على تأسيس جبهة اجتماعية قوية لتحقيق هذا التغيير المنشود تدريجيا· وقال الأمين العام لحزب العمّال الاشتراكي الذي لم يتحصّل على أيّ مقعد في البرلمان الجديد خلال ندوة صحفية عقدها بمقرّ حزبه إن (فوز أحزاب التحالف الرئاسي السابق حزب جبهة التحرير الوطني وحزب التجمّع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم المنضوية تحت لواء تجمّع الجزائر الخضراء بأغلبية المقاعد في البرلمان دليل على عدم وجود نية في التغيير على المستوى السياسي في الجزائر)· خيبة أمل الإسلاميين·· واهتمّت الصحافة الدولية أمس السبت بنتائج الانتخابات التشريعية المعلنة أمس، والتي أفرزت فوز حزب جبهة التحرير الوطني، مشيرة إلى (خيبة أمل غير متوقّعة للأحزاب الإسلامية) التي ندّدت بالنتائج الأوّلية للاقتراع· في هذا الصدد، كتبت جريدة (لوموند) الفرنسية في مقال لها تحت عنوان (خسارة للإسلاميين) أنه كان من المتوقّع فوز الحزب الحاكم الذي تحصّل على 220 مقعد في البرلمان· وعلّقت الجريدة أن الإسلاميين المجتمعين في تكتّل الجزائر الخضراء يعيشون (خيبة أمل) لتحصّلهم على المرتبة الثالثة· وتحت عنوان (حزب جبهة التحرير الوطني يحصل على أكبر عدد من المقاعد في التشريعيات)، اعتبرت جريدة (لوفيغارو) الفرنسية هي الأخرى أن الجزائر شكّلت استثناء مقارنة بالدول التي عاشت أحداث الربيع العربي في هذه الانتخابات التشريعية بنسبة مشاركة عالية مقارنة بتشريعيات 2007· وأضاف صاحب المقال أنه وخلافا لما حدث في كلّ من تونس والمغرب ومصر - حيث تشهد هذه الدول صعود الإسلاميين - فإن الأحزاب الإسلامية في الجزائر كانت (الخاسر الأوّل) في هذه الانتخابات· وفي ذات السياق، كتبت جريدة (ليبيراسيون) الفرنسية مقالا تحت عنوان (حزب جبهة التحرير الوطني يفوز في التشريعيات وخسارة للإسلاميين)، مشيرة إلى أن التحالف الرئاسي المشكّل من حزب التجمّع الوطني وجبهة التحرير الوطني يفوزان في هذه الاستحقاقات، بينما الأحزاب الإسلامية تشهد خسارة هي الأولى من نوعها بعد الربيع العربي الذي شهد صعود التيارات الإسلامية في تونس والمغرب ومصر·