الأيام الجزائرية الكويت ( وكالات): تواجه قمة دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام في دولة الكويت تحديات سياسية وأمنية واقتصادية ومالية كبيرة، تعصف بالمنطقة العربية عامة ومنطقة الخليج خاصة. ويأتي ذلك فيما تستمر الخلافات الإماراتية السعودية حول الحدود والعملة الخليجية الموحدة ومقر البنك المركزي الخليجي، والتي بلغت أشدها في الأشهر القليلة الماضية، حيث صعدت الحكومتان السعودية والإماراتية من نبرة الخطاب الإعلامي الرسمي، وأصبحت صفحات الجرائد ساحة ل"حرب" غير معلنة بين البلدين الشقيقين، حسب تعبير مراقبيين. وذكرت صحيفة «القدس العربي» أن دولة الكويت ستقوم بمحاولة إصلاح ذات البين خلال انعقاد القمة، ولكن مصادر إماراتية أكدت ، أن دولة الإمارات تشعر ب"الغبن" من قبل "شقيقتها الكبرى" السعودية حيث استأثرت لنفسها بأغلب مقرات ورئاسة مؤسسات دول مجلس التعاون الخليجي، وان مقر البنك الخليجي كان "القشة التي قصمت ظهر البعير"، وانه لا مجال للمصالحة إلا بإعادة ترسيم الحدود في منطقة «العيديد» والقبول باستضافة الإمارات للبنك الخليجي. وكانت السعودية منعت في أوت الماضي إماراتيين من دخولها باستخدام بطاقات الهوية الخاصة بهم لان البطاقة تحتوي على خريطة تظهر أراضي سعودية كجزء من الإمارات، حسب تعبير مصادر سعودية. وتشعر الإمارات بان اتفاقية الحدود الموقعة مع السعودية كانت مجحفة، وطالبت السعودية عدة مرات بإعادة النظر بهذه الاتفاقية فكانت الإجابة من الرياض هي الرفض دائما. والمشكلة بين الرياضوابوظبي مزمنة وتمتد جذورها لأكثر من ثلاثين عاما تتمثل في مطالبة الإمارات بنصيب اكبر في حقل الشيبة النفطي الواقع على الحدود بين البلدين، وينتج حوالي نصف مليون برميل من النفط يومياً، بالإضافة إلى مطالبها بالشريط الساحلي المقابل له (منطقة العيديد) الذي تعتبره الإمارات تابعا لها، وبلغ الخلاف حول هذا الشريط ذروته عندما عارضت الحكومة السعودية بناء جسر بحري يربط الإمارات بدولة قطر ويمر فوق المياه الإقليمية لهذا الشريط. أما على الصعيد المالي، فانه بالرغم من تأكيد وزير المالية الكويتي مصطفى الشمالي أن قمة مجلس التعاون الخليجي التي تستضيفها بلاده ستتوج بتأسيس كيان الاتحاد النقدي الخليجي، إلا أن مراقبين شككوا في نجاح هذا الكيان بدون دولة الإمارات العربية التي تستضيف أراضيها فروعا لكبرى المؤسسات البنكية الدولية، إضافة إلى أن اغلب الاقتصاديين يعتبرون سوق الأوراق المالي الإماراتي من أهم الأسواق الخليجية والعربية، إضافة إلى سلطنة عمان، والتي تعتبر من الاقتصاديات الواعدة في المنطقة. وأكد مصدر إماراتي كبير ل"القدس العربي" أن دولة الإمارات لن تنضم إلى اتفاقية العملة الخليجية الموحدة حتى لو وافقت المملكة العربية السعودية على استضافة ابوظبي لمقر البنك المركزي الخليجي الموحد. وقال هذا المصدر أن المشكلة ليست في مقر البنك، وإنما يأتي قرار الإمارات نتيجة دراسة متأنية لجدوى الانضمام إلى العملة الخليجية الموحدة وأنها خلصت إلى نتيجة أن من مصلحة الإمارات البقاء خارج هذه الاتفاقية. وكشف المصدر نفسه أن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي زار ابوظبي أثناء الأزمة التي نشبت حول مقر البنك المركزي الخليجي، وعرض تسوية تنص على نقل مقر البنك من الرياض إلى ابوظبي بعد خمس سنوات وبصفة نهائية، ولكن الإمارات رفضت هذه التسوية وأصرت على موقفها الرافض للانضمام إلى اتفاقية العملة الخليجية الموحدة. أما على الصعيد الأمني فان هذه القمة تأتي في ظل حرب ضروس تستعر رحاها في جنوب المملكة مع جماعة الحوثي (شيعية)، إضافة إلى دولة غير مستقرة في الشمال الشرقي وهي العراق. وتزايدت حدة الصراع الإقليمي بين إيران والسعودية على اثر المعارك الدائرة في «صعدة» بين المتمردين الحوثيين وقوات الجيش السعودي واليمني. ويرى مراقبون أن مجلس التعاون لم ينجح خلال العقود الثلاثة الماضية في تجاوز العديد من الأزمات، وان المجلس يركز فقط على قضايا ثانوية في المجالات الثقافية والتعليمية، أما التنسيق والتعاون بين الدول في مجالات السياسة الخارجية والدفاعية والأمنية، فإنها ما زالت ضعيفة.