يحل الرئيس الأمريكي جورج بوش اليوم العاصمة السعودية الرياض، في محطة هي الأخيرة من جولة قادته إلى كل من الكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة·وإذا كانت زيارة الرئيس بوش إلى أغنى دول الخليج تحمل في طياتها طابعا اقتصاديا فانه لم يفوت كل فرص متاحة لتوجيه أعنف الانتقادات باتجاه ايران وتصويرها على أنها الخطر المحدق ليس بدول المنطقة فقط ولكن بكل دول العالم·ولكن الرئيس جورج بوش أفرغ كل ما في جعبته، من انتقادات أمس في كلمة ألقاها بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي· وقال رئيس الادارة الأمريكية ان بلاده ستكون المدافع الرئيسي عن مصالح العالم أمام تنامي التهديد الايراني عبر العالم· وأضاف أن إيران تبقى الدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم· وطمأن الرئيس بوش حلفاءه الخليجيين في كلمة مطولة وصفها البيت الأبيض بالمهمة في جولته الخليجية بأن واشنطن ستبذل كل مافي وسعها من أجل أمنها وتجنيد كل دول العالم لمواجهة هذا الخطر قبل فوات الأوان· وإذا كان الرئيس الأمريكي حرص على طمأنة العواصم الخليجية من أي خطر ايراني فانه عمل ايضا على توجيه رسائل باتجاه النظام الإيراني وطالبه بضرور ة الاستماع الى ارادة الشعب الإيراني· وفي رسالة هي أقرب الى التحريض منها إلى النصيحة فقد أكد الرئيس الأمريكي بإتجاه الايرانيين بقوله أنه "من حقكم العيش في ظل نظام يعكس آمالكم وطموحاتكم ويحترم امكانياتكم وتمكينكم من بناء حياة أفضل لأسركم· ولم يكتف بذلك فقط، فقد عدد خصوصيات المجتمع الايراني ونبوغه وأن يوم الفرج للعيش في ظل الحرية والديمقراطية سيأتي لا محالة·وتعد هذه أعنف انتقادات يوجهها رئيس الادارة الأمريكية باتجاه السلطات الايرانية في شبه إعلان باتجاه كل دول العالم لتشكيل تحالف دولي لمواجهة الخطر الإيراني الزاحف على خلفية إصرار طهران إتمام برنامجها النووي من منطلق سلميته وخضوعه لكل إجراءات التفتيش والمراقبة الدولية· وصب خطاب الرئيس بوش في سياق الغاية التي حددها لجولته الخليجية وهي الحصول على دعم خليجي لكل مساعي أمريكية محتملة لضرب إيران بمبرر منعها من إمتلاك السلاح النووي، ويبقى هذا الرهان صعب المنال على الأقل في الوقت الراهن وسط مؤشرات بدأت تتحدد في أفق العلاقات الأمريكية - الخليجية وتوحي أن عواصم دول الخليج غير مستعدة لدخول مغامرة أمريكية جديدة غير محسوبة العواقب ضد جار هو أقوى الجيران على الإطلاق في منطقة لا تعرف الإستقرار· وأدركت دول مجلس التعاون الخليجي حجم تلك المخاطرة وخاصة في ظل المتغيرات التي عرفتها المنطقة وإيران تحديدا على عكس وضعها خلال حرب الخليج الأولى التي عرفت تجندا خليجيا مع نظام الرئيس العراقي صدام حسين لصدّ الخطر الذي كان يمثله مد الثورة الإيرانية آنذاك على كل المنطقة العربية بدعوى إنتشار الخطر الشيعي· ووفق هذا الواقع الجديد فإنه لا يستبعد أن يغادر الرئيس بوش منطقة الخليج وهو يجر أذيال الخيبة على عكس والده الذي تمكن من تجنيد أرمادة عسكرية خليجية سنة 1990 لاخراج القوات العراقية من الكويت· وقد ضمن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل نتيجة الفشل الأمريكي عندما أكد أن الرياض ستستمع بآذان صاغبة لكل الأفكار التي سيعرضها الرئيس بوش ولكن العربية السعودية تبقى جارا لإيران على مياه الخليج وهومجرد بحيرة صغيرة ولذلك فاننا نحبذ العيش في تجانس وسلام معها·والمؤكد أن دول الخليج الأخرى بما فيها الإمارات العربية الموجودة في خلاف حاد مع ايران حول جزرها في طمب الكبرى والصغرى وأبي موسى، تكون هي الأخرى قد رافعت بإتجاه المقاربة السعودية· والأكثر من ذلك أن العربية السعودية العضو الفاعل في مجلس التعاون الخليجي تبقى الطرف المؤثر على كل قراراته بالنظر إلى قوتها العسكرية والإقتصادية وحتى الجغرافية وفي حال أبدت مختلف الدول الخليجية رفضها للمقاربة العكسرية للتعامل مع إيران فان الرئيس جورج بوش سيغادر البيت الأبيض دون أن يتمكن من تحقيق حلمه في الثأر من الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد الذي تحداه وأصر على إتمام مشروع بلاده النووي حتى وإن عارضت واشنطن ذلك·