مع اقتراب شهر رمضان الكريم، الذي لا يفصلنا عنه إلا أقل من شهرين تقريبا، تضاعف وجود بعض الفرق الفولكلورية الشعبية المعروفة محليا باسم (بابا سالم)، هذه الفرق التي تختار غالبا، المواسم الدينية، والاحتفالات الشعبية، من أجل التجول بين مختلف أحياء وشوارع العاصمة، وهي تحمل عددا من الآلات الموسيقية التقليدية كالقرقابو، الزرنة، الطبل، وغيرها، لتعزف أنغاما شعبية معروفة، في مقابل بعض المبالغ المالية، التي تختلف من شخص إلى آخر، حيث دأب العاصميون على (العواشر)، مثلما ألفه الجزائريون، خاصة وأن فرق بابا سالم كثيرا ما تعود لبعض الأولياء الصالحين، من مختلف ولايات الوطن، كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن بعضهم، امتهنها باعتبارها حرفة تدر عليهم بعض الربح السريع· إن كان وجود وظهور فرق بابا سالم في الأحياء والشوارع بالعاصمة، يعني اقتراب موسم ما، أو عيدا دينيا، لدى الجزائريين، فيعتبر ظهورها بالتالي شبه إيذان باقتراب ذلك الموسم، وإعلاما به، من أجل انطلاق وبدء التحضيرات له، فإن بعض تلك الفرق بالمقابل صارت للأسف الشديد، مصدر إزعاج كبير لسكان عدد من الأحياء العريقة بالعاصمة، كباب الواد، المدنية، العربي بن مهيدي وغيرها، وليست الفرق هي مصدر الإزعاج في حد ذاتها، وإنما التوقيت السيئ الذي تختاره لممارسة نشاطها، بالإضافة إلى ممارستها معزوفاتها التقليدية المفضلة، في كل وقت تقريبا، وعلى مدار أيام الأسبوع، بينما كان الوضع مختلفا في الماضي حسب شهادات بعض المواطنين الذين قالوا، إنهم يتذكرون دونما شك، فرق بابا سالم، ولكنها كانت في الماضي (عزيزة)، ولا يشاهدونها إلا مرة أو اثنتين إلى ثلاث في السنة، باحتساب المواسم الدينية المعروفة في الجزائر، أما الآن، فصار الأمر أشبه بتجارة لا يراعي أصحابها أية تقاليد أو أعراف متبعة· في هذا السياق، سيدة من حي باب الواد الشعبي، قالت إن الكثيرين ينتظرون هذه الفرق أثناء مرورها من أجل إلقاء بعض القطع النقدية عليها، كمعروف، وكل شخص ونيته حسبها، لكنها تضيف، أن الوضع صار غير محتمل الآن، فالحي الذي يشهد حركية كثيفة باستمرار، ولا يهدأ إلا في أوقات قليلة جدا، زادته هذه الفرق فوضى وقلقا، مستغربة كيف لا يمكن للبعض التفكير في حالة الذين يكونون طريحي الفراش، أو في حالة من هم يعانون من ضغوط عصبية أو نفسية تزيدهم تلك الفوضى، تأزما في حالتهم، وغيرهم من الذين يعيشون ظروفا خاصة، يعتبر الضجيج والفوضى، مصدر هم كبير لهم، حتى بالنسبة للأشخاص العاديين، قائلة إنها في بعض الأحيان لا تتمكن حتى من إخضاع أبنائها الصغار للقيلولة، نتيجة الفوضى الكبيرة في الخارج· أما بشارع العربي بن مهيدي، فإن بعض فرق بابا سالم، اتخذته، مكانا مناسبا لممارسة عملها اليومي، وهو ما خلق إزعاجا كبيرا للعديد من المواطنين، بدءا من المرضى، ومن هم في وضعية خاصة، مرورا بمن هم في مكاتبهم، وتتطلب وظائفهم الكثير من التركيز والانتباه، وانتهاء بالطلبة والتلاميذ الذين يحضرون حاليا لامتحانات مصيرية، وتحتاج كل دقيقة من وقتهم إلى هدوء كبير من أجل مراجعة وحفظ دروسهم·