يتسبب بعض المراهقين والشباب في نشر الذعر والفوضى على مستوى بعض الأحياء الشعبية، وبالضبط في الساعات المتأخرة من الليل، خاصة وأن البعض يفضلون قضاء سهرة طويلة في اللهو والمزاح والضحك بأصوات عالية بالإضافة إلى المدمنين الذين ينشرون الرعب والخوف فيها، بسبب الملاسنات العديدة التي تحدث بينهم، وعادة ما تؤدي إلى شجارات عنيفة تتسبب في وقوع الكثير من الحوادث الأليمة كجرائم القتل مثلا، وهذا الأمر الذي ينغص هدوء هذه الأحياء والذي يمتد إلى الأحياء المجاورة لها، خاصة وأنهم مرتبطون بوظائف تفرض عليهم الاستيقاظ باكرا، بالإضافة إلى الأشخاص المسنين والأطفال الذين يبحثون على أكبر قدر من الراحة. تحدث في الكثير من الأحياء الشعبية بالعاصمة مناوشات ليلية أبطالها مدمنو المخدرات ومنحرفون تنشر الفوضى والرعب وتحرم السكان من النوم بالإضافة إلى الألفاظ النابية ومختلف أنواع السب والشتم والتي تدفع أرباب الأسر بالخروج إلى الشرفات والصراخ للمطالبة ببعض الاحترام وتوفير جو من الراحة لهم، لأنهم مرتبطون بمواعيد عمل عكس بعض المراهقين الذين حولوا نهارهم إلى ليل وليلهم إلى نهار. شارعنا ليلا هو مسرح الملاسنات الكلامية والشجارات «كمال” 30 سنة، واحد من الذين يشتكون من هذه الظاهرة التي تحدث ليلا في حيهم، يتحدث عنها وهو مستاء، فقد أبدى استنكاره لهذه الأفعال التي تنتشر في الحي الذي يقطن فيه، حيث يقول: “حينا يعد تقريبا الحي الوحيد الذي لا ينام، لا في الليل ولا في النهار، فالنهار كما هو معروف تعم فيه الحركة وهو أمر طبيعي، لكن في الليل يتحول إلى مسرح للملاسنات الكلامية والشجارات التي لا تنتهي أحيانا إلا بجرحى أو قتلى، رغم تدخل الجهات المعنية في قمع هذه الأفعال، إلا أن هذه الظاهرة لم تقل”، ويسانده “حسام” صاحب ال 32 سنة، أحد قاطني حي المدنية، يؤكد أن حيه الشعبي أيضا هو مكان للسيناريوهات التي لا تنتهي “هي أحداث تقع باستمرار في الليل والنهار، فلا فرق بينهما، وأصوات المراهقين تعم الأرجاء، إلا أن الأمر المزعج هو الضجيج الذي نسمعه في الليل ويحرمنا من النوم”. الأطفال، كبار السن والمرضى هم أكثر المتضررين من هذه الظاهرة من المعروف أن أكثر المتضررين من ظاهرة المناوشات الكلامية والشجارات والصراخ الناجم عن المزاح التي تحدث في مختلف الأحياء الشعبية في الساعات المتأخرة من الليل، هم فئة الأطفال وكبار السن والمرضى بالدرجة الأولى على حد تعبير “كمال” الذي تابع حديثه عن هذه الظاهرة التي تزعج أغلبية سكان الحي الذي يسكن فيه : “...هذه الظاهرة يشكو منها جميع سكان الحي، لأنها لا تتركنا ننام الليل كباقي البشر، فتقريبا كل واحد منا يأتي متعبا من العمل، طامعا في أن يتخلص من التعب في الليل باعتباره الوقت الطبيعي للراحة، لكن بمجرد حلول الليل حتى يجد أغلبية المراهقين الحرية الكاملة في المزاح والضحك بأصوات عالية، بالإضافة إلى متعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية الذين يسكرون، ثم يطلقون العنان لحناجرهم لإخراج مكبوتاتهم، إلا أن هذا الفعل يؤذي الكثير من الأفراد الذين يريدون الاستراحة والتمتع بقسط من الراحة في الليل، لأن من سوء حظنا حتى هذا الليل أصبحنا لا نطمع فيه، فقد حذفناه من أجندتنا؛ ولكن ما يحز في نفسي هو حالة الأطفال وكبار السن، وحتى المرضى الذين يتخبطون في ألمهم ومعاناتهم مع المرض فتزيد هذه الفئة المنحرفة ألما على ألمهم من خلال سلبهم حقهم في النوم، فهؤلاء المراهقين لا ينامون ولا يتركون الناس تنام، رغم أن النوم مريح للمريض، إذ أنه يعتبر عاملا من العوامل الأساسية في التخلص ولو بقليل من الألم والمعاناة، فبالنوم ينسى بعض المرضى ألمهم من جهة، ويستطيع الأفراد الذين يشرفون على صحتهم من الاستمتاع بقسط من الراحة من جهة أخرى، وأنا شخصيا لا أشكو من شيء والحمد لله، إلا أنني لا استطيع الاستيقاظ صباحا كل يوم، من أجل الذهاب إلى العمل باكرا بحكم موقعه البعيد عن مكان إقامتي، لأننا لا ننام باكرا، فأنا أنام تقريبا في الوقت الذي يذهب المصلون إلى المسجد لأداء صلاة الفجر التي أصبحت لا أؤديها كما كنت”. أشخاص أبرياء يذهبون ضحية الملاسنات الكلامية والشجارات يشهد مجتمعنا ظاهرة الملاسنات الكلامية التي تحدث في العديد من شوارع الأحياء الشعبية، ولكن كثيرا ما تأخذ هذه المناوشات أبعادا خطيرة بعد أن تتحول إلى شجارات عنيفة فتحدث جرائم قتل بشعة، عادة ما يذهب الأشخاص الأبرياء ضحية لها، وهذا ما أكده لنا “محمد” 25 سنة، أحد القاطنين بجسر قسنطينة الذي تحدث قائلا: “هناك الكثير من الأشخاص الذين يلقون حتفهم على يد مجموعة من الشباب السكارى والمنحرفين، وهذا ما حدث لصديقي في العام الماضي، كان يريد فك شجار اندلع بين بعض السكارى مع قاطني الحي بسبب الكلام البذيء الذي تفوهوا به في إحدى الليالي الرمضانية، فكانت النتيجة أن دفع حياته ثمنا لذلك وخطأه الوحيد هو أنه حاول فك الشجار الذي وقع بين أحد السكارى مع جاره في العمارة، ولكن من سوء حظه فقد كان السكير يحمل خنجرا وجه له به عدة طعنات في البطن فأرداه قتيلا”. وليس ببعيد عن “محمد”، التقينا ب«كريم” صاحب ال26 ربيعا، والذي حدثنا أيضا عن حالة أخرى لشاب ذهب ضحية شجار ليلي همه الوحيد كان فك النزاع الذي وقع بين أحد الجيران الذي تعاطى المخدرات مع أخيه،قائلا: “الشجار الذي وقع حوالي الثانية والنصف صباحا بسبب حادثة بسيطة لم يتخيل أي واحد منا أن تكون سببا في نشوب شجار عنيف قضى على حياة أخ لم يكن يرغب سوى في فك الشجار بطريقة سلمية، إلا أن ذلك المتعاطي للمخدرات لم يفهم الأمر جيدا، لأنه اعتقد أن الضحية جاء ليشارك أخاه في الشجار ويساعده على النيل منه، فاغتنم فرصة مساعدته لأخيه من اجل النهوض بعد سقوطه، فالتقط حجرا وضربه على رأسه فأرداه قتيلا”. ورغم ما تسببه ظاهرة اللهو أو المناوشات أو الشجارات الليلية من إزعاج للسكان في الأحياء الشعبية، إلا أنها لم تتراجع، خاصة وأن البعض يجدون ضالتهم في الليل إما بالمرح والترويح عن النفس أو بتعاطي المحظورات التي تفقد الشخص رشده فيطلق العنان لصوته وكأنه في عالم خاص به، غير آبه بمن حوله.