لا زال سكان عين النعجة ورواد محطة القطار على وجه التحديد، يتناقلون بحزن وألم شديدين حادثة مقتل شاب في مقتبل العمر دهسا تحت عجلات قطار، قبل نحو أسبوع تقريبا، الحادثة الأليمة التي وقعت أمام مرأى العشرات من المواطنين في حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء، حيث كان الشاب يهم بقطع السكة الحديدية، حينما لم ينتبه للقطار القادم بسرعة إلى المحطة من مدينة العفرون، ليقضي نحبه تحت عجلاته، مسببا ذعرا ورعبا شديدين لجميع من كانوا في المحطة ولكل من سمع بالحادثة· ولا زال الكثيرون إلى اليوم وبعد نحو أسبوع، يشيرون إلى مكان وقوع الحادثة على مستوى المحطة، بينما يؤكد كثيرون أن الحادث الأليم وإن كان قضاء وقدرا، ولا يسعنا إلا التسليم بقضاء الله وقدره، إلا أن كثيرين، يؤكدون أيضا أن الشاب لم ينتبه للقطار، ببساطة لأن أذنيه كانتا منشغلتين ب(الكيتمان) أو سماعات الأذن، هذه الظاهرة، التي استفحلت بشكل كبير للغاية مؤخرا، لدرجة أن الكبار والصغار، الرجال والنساء، وجميع الفئات تقريبا، صارت لا تستغني مطلقا عن سماعات الأذن الموصولة بالهواتف النقالة متعددة الوسائط التكنولوجية، على مدار اليوم· وإن كان الحديث عن أخطار سماعات الأذن قد أخذ حيزا واسعا مؤخرا نتيجة الانتشار الواسع للظاهرة، مثلما أشير إليه سابقا، إلا أن وقوع حوادث أليمة، ومميتة، كان سببها سد الأذنين عن المخاطر المحدقة بالشخص، بواسطة سماعات الأذن، والأغاني، أو المواعظ، والسور القرآنية، وغيرها من الأشياء المحملة على الهواتف النقالة، يجعلنا نكرر في كل مرة، التحذير، بخطورتها، وضرورة تجنب استعمالها، في الأماكن التي لا تكون فيها درجة المخاطر مرتفعة، خاصة أثناء اجتياز الطريق، أو في محطات السكة الحديدية، فالمشاة الذين يستخدمون الهواتف المحمولة وسماعات الرأس بكثافة خلال سيرهم قد يعجزون عن التنبه لأخطار الطريق أثناء السير، بما في ذلك متابعة حركة السيارات عند عبور الشارع أو سماع أصوات أبواق المركبات وهدير القطارات، لأن (سماعات الأذن تعزل مستخدميها بشكل شبه كامل عن محيطهم، إلى جانب تجنب استعمالها كذلك في ورشات العمل المختلفة، كالحدادة، والميكانيك والنجارة وما شابه ذلك، التي يكون صوت آلات العمل فيها مرتفعا للغاية، وهو ما يعرض العالمين فيها إلى مخاطر الحوادث والإصابات المختلفة، بينما كان من الأجدر الانتباه أكثر، فاكثر، حيث أن معدلات الحوادث، ترتفع بشدة، نتيجة لهذه الوسائل التكنولوجية الحديثة، التي ساهمت في عزلة الناس أكثر عن بعضهم البعض، وانطواء كل شخص على نفسه، وهو ما نلاحظه باستمرار في وسائل النقل، ومقرات العمل، وغيرها من الأماكن الأخرى، فالكثيرون يفضلون الابتعاد عن العالم المحيط بهم، من خلال اللجوء إلى سماعات الأذن، والإبحار في عوامل مختلفة، من الموسيقى، والأغاني، والقرآن، والدروس، وما شابه· وليس هذا فحسب، بل إن لسماعات الأذن الخاصة بالهواتف النقالة وغيرها من الأجهزة الموسيقية الاخرى، تنطوي على الكثير من المخاطر الصحية، حيث أكد الباحثون أن الاستماع المفرط للأصوات الصاخبة باستخدام سماعات الأذنين الخاصة بأجهزة الموسيقى المحمولة يضر بشدة حاسة السمع، ويؤدي هذا الضرر إلى التأثير على قدرة الأذن في تمييز الإشارات الصوتية في بيئة صاخبة، ولايمكن اكتشاف ذلك بالفحوص التقليدية التي تجري في غرفة هادئة لتمييز الأصوات النغمات المختلفة·