لن نأتي بالجديد إذا ما قلنا أن الهاتف المحمول صار أمرا طبيعيا وعاديا بين أيدي الأطفال الصغار من تلامذة المدارس وحتى الروضات أحيانا، ناهيك عن لهو الكثير من الصغار بهواتف آبائهم وأمهاتهم في المنزل أو في الحافلة أو في أي مكان يكونون فيه، خصوصا وأن الأجيال الجديدة من الصغار والأطفال أثبتت قدرتها على التحكم في التقنيات الحديثة للهواتف النقالة ذات التكنولوجيات العالية، بشكل لا يتاح لبعض البالغين أحيانا· وبغض للنظر عن المخاطر الصحية للهاتف المحمول على الأطفال، والتي تنادي عدة بحوث علمية غربية حديثة، بضرورة الانتباه إليها والحد منها قدر الإمكان حفاظا على صحة الأطفال وعلى حياتهم أيضا، فإن هنالك بعض السلبيات كذلك التي تتعلق باستخدام الأطفال للهواتف المحمولة في ظل التكنولوجيات الحديثة، والأنواع الجديدة للنقال المرتبطة مباشرة بخدمة الأنترنت ومختلف المواقع كالفايسبوك والتوتير وغيرها من المواقع الأخرى، حيث تكفي ضغطة زر واحدة لإرسال كل ما هو مخزن على الهاتف النقال أو على بطاقة الذاكرة إلى تلك المواقع، أو تسجيل ما يحصل صوتا أو صورة أو الاثنين معا، وإرساله دون قصد إلى متصلين آخرين في قائمة الاتصالات، أو إلى مواقع الأنترنت التي يكون النقال مرتبطا بها أثناء لهو الأطفال بالهاتف النقال، وطبعا فإن ذلك يكون دون قصد منهم، وفي غياب رقابة الأهل لتبدأ بعدها المشاكل عن انتشار الصور الخاصة أو مقاطع الفيديو والتسجيلات عبر الأنترنت أو عبر البلوتوث، وما يتبعها من مشاكل أخرى، كان بالإمكان تفاديها بإبعاد الأطفال عن اللهو بأشياء حساسة كالهاتف النقال· وإذا كان الهاتف المحمول اليوم ضرورة لدى كل فرد منا، فإنه من الضروري جدا أن ينتبه الأولياء إلى ما هو موجود بأيدي أبنائهم، وحمايتهم من سلبياته قبل إيجابياته، وعدا ما سبق ذكره، فإن اكتساب الطفل للهاتف المحمول يصبح مع مرور الوقت أمرا غير محبب نظرا لأنه يلهيه عن دروسه ويكسبه بعض السلوكات والأفكار الخاطئة والسلبية من خلال ما يتلقاه عبر الهاتف النقال من صور ورسائل ونكت تعوِّدهم على بعض الممارسات الخاطئة والأفكار التي تسبق سنهم مما يؤثر في تكوينهم النفسي والأخلاقي، خاصة وأن أغلب ما يتم تبادله عبر الهواتف النقالة يخلو من كل فائدة علمية أو ثقافية للطفل بل ويتعداه إلى بعض الصور ولقطات الفيديو الإباحية والجنسية التي تشجع كلها على الرذيلة وفساد الأخلاق نظرا لأن الكثير من الأولياء يهملون مراقبة ما تحمله ذاكرة الهواتف النقالة لأبنائهم، ناهيك عما يكلفه من أعباء مالية تقع على عاتق الوالدين· هذا وقد حذر العديد من المختصين عبر العالم من مخاطر استعمال الهاتف النقال على الأطفال دون 16 سنة والمتمثلة أساسا في إصابات خلايا الدماغ بالخلل، إضافة إلى ما يمكن أن يسببه الهاتف النقال من أعراض أخرى كالصداع وضعف الرؤية ونوبات الصرع أيضا، كما أن الأطفال المستخدمين للهواتف النقالة أكثر عرضة للإصابة بالأورام الدماغية من غيرهم، لأن أدمغتهم وأجهزتهم العصبية لم تكتمل بعد بسبب الإشعاعات التي تخترق جماجمهم قليلة السماكة وتصل إلى الأماكن العميقة فيها بسبب صغر رؤوسهم، كما أن الاستخدام المتكرر للهواتف النقالة يمكن أن يسبّب للصغار الضغط النفسي والاضطراب في عادات النوم· وتتمثل أخطار الهاتف النقال عند الصغار في الموجات الكهرومغناطيسية عالية التردد التي تصدر عن الهاتف النقال أثناء تشغيله، وهذه الموجات لديها القدرة على اختراق فروة الرأس والجمجمة، ولها تأثير مباشر في كهرباء الخلايا العصبية في المخ وبالتالي التأثير في نشاط المخ، وتدخل الموجات الصادرة عن المحمول ضمن موجات الراديو والموجات القصيرة، وهي تصدر عن أجهزة إرسال الراديو والتلفزيون والهواتف النقالة· وعلى ذلك الأساس، ينبغي إبعاد الطفل مليا عن استخدام الهاتف النقال أو على الأقل تحذيره من المخاطر الكثيرة المترتبة عن استعماله المتكرر والدائم له أو الاستعانة بسماعات الأذن والابتعاد قدر الإمكان عن التحدث به لأوقات طويلة وتجنب إعطاء الطفل هاتفا نقالا من النوعية الرفيعة والاكتفاء بالموديلات البسيطة منه·