عادت الدعوات لإنشاء أقاليم فيدرالية في العراق إلى الواجهة من جديد، مع دعوة رئيس مجلس محافظة البصرة إلى إعلان إقليم الجنوب بسبب الأزمة السياسية الحادّة التي يعيشها العراق منذ نهاية العام الماضي· وقال صباح البزوني رئيس مجلس محافظة البصرة في مؤتمر صحفي: (سندعو المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات إلى إعلان إقليم الجنوب إذا لم يستجيبوا للدعوة، سنعلن إقليم البصرة)، وفقا لوكالة (فرانس برس)· وأوضح البزوني أن هذه الدعوة جاءت بسبب التحدّيات والوضع السياسي الحالي، مؤكّدا أن مطالبات سحب الثقة عن الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي جعلتهم يشعرون بهاجس الخوف من أن تتبدّد الثروة بالتهريب وتمويل الإرهاب، على حدّ قوله، وتعتبر البصرة التي تسكنها غالبية شيعية إحدى أغنى مناطق العراق بالنّفط· جديرٌ بالذّكر أن الأزمة السياسية الرّاهنة التي تعيشها العراق، ظهرت بشكل قوي عندما أعلن مجلس محافظة صلاح الدين عن رغبتهم في إنشاء إقليم فيدرالي يضمّ عدّة محافظات ذات الأغلبية السنّية احتجاجا على التهميش الذي يتعرّض له أهل السنّة في العراق لصالح المشروع الشيعي المدعوم من إيران· وقد عارض رئيس الحكومة نوري المالكي بشدّة هذا الأمر، وتوتّرت العلاقة من حينها بين القوى السياسية العراقية، وتمّ توجيه الاتّهام لنائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أحد الرموز السياسية للسنة في العراق، بالضلوع في ما يسمّى ب (أعمال إرهابية)· وكان العراق يعيش أجواء رائعة من الوحدة والتلاحم الشعبي في عهد الرئيس السابق صدام حسين، إلاّ أن الغزو الأمريكي للبلد في مارس 2003 واحتلاله بذريعة (تحريره) من حكم صدام وجلب (الديمقراطية) لأبنائه على ظهر دباباته وإقامة (عراق جديد)، أفضى في النّهاية إلى تفجير حرب طائفية طاحنة بين أبناء شعبه، قتل فيها مئاتُ الآلاف من السنة والشيعة العراقيين، وقويت فيها شوكة الأكراد الذين لم يعد تربطهم بالسلطة المركزية ببغداد سوى ولاء شكلي، وبرزت بقوّة مطالب إقامة كيانات طائفية وحتى إقامة ثلاث دول للشيعة والسنّة والأكراد في العراق، وهي نفسها الخطّة التي رسمتها أمريكا قبل غزو البلد في 2003·