يستقبل أطفال الجزائر عيدهم العالمي المصادف ل01 جوان من كل سنة بتلك البراءة التي لا تطرح الكثير من الأسئلة حول الواقع اليومي، وإذا كانت نسبة منهم تحظى بالرعاية وبالمستوى المعيشي المقبول وبعائلة توفر لهم قدرا من احتياجاتهم، فإن الكثير منهم يرزحون تحت طائلة الفقر الذي تتسع في أوساطهم الاجتماعية عاما بعد آخر·· آخرون يستقبلونه أيضا بالأمراض التي كان من المفروض أن تندثر من الجزائر كما اندثرت من دول أخرى أقل مستوى معيشي منها· وحسب نظام الإحصاء الديني المستقى من جمعيات خيرية، فإن عدد الفقراء في الجزائر يفوق العدد المصرح به من طرف تقارير ومعايير الأممالمتحدة، فالإحصاء أو المعيار الديني يشير إلى أن الشخص الذي لا يستطيع توفير مؤونة سنة من أبسط أنواع الطعام فهو فقير، بينما تشير منظمة الغذاء العالمية التابعة للأمم المتحدة إلى أن الشخص الفقير هو من يعجز عن توفير 2500 حريرة لنفسه يوميا، ويعيش بأقل من دولارين يوميا· ومن هذا المنطلق، فإن عدد الأشخاص الذين لا يستطيعوا أن يضمنوا قوتا كافيا لهم ولأبنائهم بشكل مستمر على مدار السنة يفوق العدد المنشور، ويمس حوالي مليون عائلة بالحساب التقريبي، حسب جمعيات خيرية، بسبب العمل غير القانوني أو المؤقت لبعض الآباء، وبطالة آخرين، وكذا القدرة الشرائية المتدنية عند الكثير منهم· وبالإضافة إلى معاناة الأطفال بسبب الفقر، فإن 16 ألف امرأة تطلق كل سنة، ما يعني أن هناك 16 ألفا من الأطفال يدخلون دائرة الحرمان من الدفء العاطفي والأسري، علما أن أغلب الأسر تنفصل بسبب الفقر أو الصعوبات المادية والمعنوية، مما يعني أن عددا كبيرا من هؤلاء الأطفال يسقطون في فخ الفقر والانكفاء العاطفي، بينما الأطفال ضحايا الطلاق الذين ينحدرون من الأسر الغنية الذين لا يتعرضون إلى حدة المعاناة التي يعانيها الأطفال الفقراء هم أقلية· وإلى جانب الفقر، يعاني عدد كبير جدا من أطفال الجزائر من (أمراض الفقراء)، وهي أمراض من المفروض أن تكون قد اندثرت من العالم، منها: السل والتفوئيد والتهاب السحايا، فضلا عن الحمى القلاعية· وتشير التقارير المدرسية إلى أن أطفال المناطق الفقيرة والجبلية يأتون إلى المدارس مصحوبين بإصابات عديدة، وأن عشرات المدارس في الشمال الجزائري قد واجهت حالات كثيرة لأمراض جلدية شديدة، إضافة إلى أمراض سوء التغذية بين أطفال المدارس الذين سجلت عدة إغماءات بينهم بسبب الجوع أو فقر الدم الناتج عن سوء التغذية· وكانت تقارير المنظمة العالمية للصحة قد أشارت نهاية العشرية المنصرمة إلى عودة الأمراض القديمة التي تصيب الفقراء بقوة في عديد من الدول الأسيوية والإفريقية بما فيها الجزائر، التي سجلت كواحدة من بين خمس دول تعرضت للحمى القلاعية التي فتكت بأكثر من 200 مليون شخص في أوروبا خلال القرن ال14 الميلادي، وذلك بحوالي11 حالة عبر مختلف ربوع الوطن، وهو رقم كبير بالنظر إلى أن دولا أقل مستوى معيشي من الجزائر لا تعرف الحمى القلاعية إطلاقا· وباختصار، فإن التخلف والفقر، وقلة الوعي الصحي عند الفقراء، وكذا انعدام المرافق الصحية اللائقة وغياب سياسة صحية وقائية تعد من الأسباب الرئيسية لانتشار مثل هذه الأمراض في الجزائر، حيث تم تسجيل عودة السل إلى فئة الأطفال المتمدرسين (وبالتالي غير المتمدرسين من أبناء المناطق التي لا تتوفر على مدارس) وكذا الأمراض الجلدية، بأزيد من 1000 حالة في الوسط الجزائري، وبالخصوص في البلديات والأحياء الفقيرة، إضافة إلى أزيد من 1000 حالة تيفوئيد و15 ألف حالة داء ليشمانيوز خلال الأعوام الخمسة الماضية·