** أنا شاب أبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً.. كنت متدينًا.. ولكنني للأسف انتكست تحت ضغط الشهوات.. فأصبحت أغازل الفتيات، وأشاهد الأفلام الإباحية، وأمارس العادة السرية.. رغم كل ذلك ما زلت أحب الدين والمتدينين.. فما العمل للعودة إلى سالف عهدي؟ * الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أحيي فيك جرأتك على تشخيص حالتك ومعرفتك موطن الداء فيك، فكما يقولون التشخيص الصحيح للحالة عامل كبير في العلاج، كما أحيي فيك حبك للخير وأهله والصلاح والصالحين، فهذا يدل على أنه يكمن فيك شخص طيب المعدن لديه استعدادات كبيرة لأن يكون إنسانًا نافعاً لأمته صالحا في نفسه مصلحا لغيره. أخي؛ أعلم أنك تريد الخير ولا ترضى عن هذه الحالة التي أنت عليها وأنت في الحقيقة لديك استعداد فأنت سليل عمر، وأبي بكر، وعلي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وهؤلاء الأكارم. أنت ماردٌ قوي تستطيع أن تفعل الكثير ولا تستطيع هذه المعوقات البسيطة أن تحطم قدميك، فاخطُ معي فوق الصعاب بقدميك واسم بدينك واعلُ بإسلامك على هذه السفاسف كلها وإياك والحقير تشكو منه، مغازلة الفتيات، ومشاهدة المحرمات، أو ممارسة العادة السرية، والقاسم المشترك بين هذه المحرمات الثلاثة: الأول: هو عدم مراجعة الله تعالى بدليل أن الذي يأتي شيئا من هذه المنكرات الثلاثة يستحي من أن يراه الناس فكيف لا يستحي من نظر الله إليه لا يفارقه فهو سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ إذا أردت التخلص من هذه الآفات فقف بصراحة ووضوح مع نفسك وقفة جادة وقل لها يا نفس يا رجل: إذا ما خلوت الدهر يوما *** فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب ولا تحسبن الله يغفل ساعة *** ولا أن ما تخفيه عنه يغيب الأمر الثاني: الباعث على إتيان هذه المحرمات هو (الفراغ) فإن النفس إذا لم تشغل بعمل نافع فإن لديها طاقة لا بد من أن تصرفها فإنها ستبحث عن أي مجال تنفق فيه هذه الطاقة ولا شك في أن أبواب الحرام مفتوحة وسهلة ومحببة إلى النفوس البشرية كما قال أحد السلف: (نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل). الأمر الثالث: من أسباب الوقوع في هذه المحرمات الصحبة السيئة فهي مصدر كل بلاء وأساس كل فساد وشر، فالمرء على دين خليلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليلة فلينظر أحدكم من يخالل)، وكما قال أحد الشعراء: واحذر مصاحبة اللئيم فإنه *** يعدي كما يعدي الصحيح الأجرب أخي لعلي قد وضعت أصابعي معك على موطن الداء وأسباب المشكلة فأعنيِّ على نفسك على التخلص من هذه الداء والقضاء على هذه الآفات المهلكة، وكما قلت لك أنت تستطيع كما يقول المثل الأوروبي: (إذا أردت استطعت وأنت تريد إذا أنت تستطيع). وإليك هذه الوصايا، والتي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يَنفعك بها وأن تكون لك عونا في طريقك إلى الله تبارك وتعالى: أولاً: راقب الله سبحانه وتعالى في كل أحوالك واعلم أن الله يراك وأن الله يسمعك وأن الله مطلع عليك. ثانياً: اشغل نفسك بأعمال نافعة فإن الفراغ قاتل وإن الوقت هو الحياة. ثالثاً: حدد غايتك من هذه الحياة وخلص وجهتك لله تعالى فإن الله سبحانه وتعالى إذا ما رأى من عبده صدقا في التوجه إليه أعانه ووفقه. رابعاً: احرص واصطفِ لنفسك صحبة صالحة تحصنك وتحوطك، وتأخذ بيدك إلى كل خير وتدفعك عن كل شر. خامساً: حاسب نفسك أولا بأول فإذا ما وجدت أنه يغلب على ظنك أن يرضى الله فاحمد الله عليه وإن وجدت غير ذلك فأدرك نفسك وأقبل على ربك واستغفره. - لا أريد أن أطيل عليك كثيرا من هذا ولكني أريد أن أعرض عليك هذا العرض المغري في النهاية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. وذكر منهم: وشاب نشأ في طاعة الله تعالى). أسأل الله تبارك وتعالى أن تكون أخي هذا الشاب الذي نشأ في طاعة الله سبحانه وتعالى كما أسأل الله العلي القدير أن يظلنا جميعا في ظل عرشه، كما أساله تبارك وتعالى أن يأخذ بيدي ويدك وأيدي المسلمين أجمعين إليه أخذ الكرام عليه، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.