تكثر السهرات في فصل الصيف وما يميزها الاستمرار حتى ساعات متأخرة من الليل، وأحيانا حتى مطلع الفجر يقضيها بعض الشباب العاطل أو حتى العمال الذي يكونون في راحة أسبوعية أو العطل الصيفية، أو حتى الطلبة وتلاميذ المدارس والذين نالوا عطلهم الصيفية وبامكانهم التمتع بقسط من الراحة والاستجمام، فيستغلون ساعات النهار في البحر والرحلات الكثيرة، أمّا الليل فيخصصونه عادة للسهرات، والتي وإن كانت متعة لهم، فإنها عادة ما تكون مزعجة للبعض. الكثير من الأشخاص يشتكون من جيرانهم الذين يسهرون حتى الصباح، ويبقون طيلة الليل إما في الشارع أو حتى في ديارهم، بين موسيقى وصراخ وعبث لا ينتهي، والضحية الأولى الجار خاصة الموظف أو المريض الذي يخلد إلى النوم، أو الذي يحاول أن يخلد إلى النوم، لكنه لا يستطيع لأن الأصوات الكثيرة التي يصدرها جيرانه دون مراعاة تصله رغما عنه أينما كان تواجده، وتجعله وفوق ذلك الإزعاج يغضب من قلة احترام ومبالاة جيرانه، رغم درايتهم بأن تلك التصرفات تتسبب في إزعاج الجيران خصوصا المرضى، وقد تحدث عدة مناوشات بين الجيران بسبب تلك الأصوات العالية، وفي هذا الصدد زياد يقول إنه متذمر من تصرفات جيرانه غير المسؤولة، ومما يتسببون فيه من إزعاج في الليل، وبعد أن سئم من إقناعهم صار يزعجهم في النهار، حيث أنه يعلم أنّ جاره قد استبدل مواقيت العمل فصار يداوم ليلا ويرتاح نهارا ولهذا أصبح يقوم بتصرفات تزعجه حتى يحرمه من النوم والراحة كما يفعل هو بالمقابل دائما، ويضيف زياد أن هذه التصرفات جعلته يتدارك ويفهم مقصود جاره وأصبح يخفض من صوت الموسيقى الصاخبة التي اعتاد أن يقضي عليها سهراته كما تراجع عن صراخه الدائم. أمّا خالد فقال لنا من جهته إن أمر جارته صار لا يحتمل خاصة بعد أن أصبحت تستدعي صديقاتها للمبيت معها في الشقة التي تسكنها لوحدها بعد وفاة زوجها، ومع قدوم كل صيف تصبح شقة المرأة عبارة عن قاعة للصخب والموسيقى والرقص، حيث يسمع خالد خاصة وأنه يسكن أسفل شقتها الأغاني التي لا تنقطع لحظة واحدة من بيتها، ورغم تحدثه معها في العديد من المرات يقول لنا، إلا أنها لا تعيره أي اهتمام شأنها شأن الشخص سابق الذكر، ومع ذلك فلم يشأ خالد أن يشتكيها إلى الشرطة، وفضل أن ينتظر اللحظة التي تأتي فيها شقيقتها لزيارتها لكي يحادثها علها تستطيع إقناعها، وبالفعل فقد صارت الفتاة أكثر تعقلا من ذي قبل لدرجة أنها طلبت السماح. وإن كانت بعض تلك الحوادث تنتهي على خير، وباتفاق الجميع، فإن أخرى قد تنتهي بمشاحنات وشجارات لا حصر لها، وهو ما حصل في حي من أحياء طقارة، حيث كان بعض الشبان جالسين في الحي يتسامرون في ساعة متأخرة من الليل، وأصواتهم متعالية حيث تسببوا في إزعاج لجميع السكان، ما جعل أحد المواطنين يخرج ويصرخ في وجوه هؤلاء غير أن هؤلاء لم يستمعوا لكلامه بل قابلوه بلهجة الشتم، ما جعل هؤلاء الشبان وسكان العمارة ينتفضون عليهم ويدخلون عراكات عنيفة لحد إشهار السلاح الأبيض ولولا تدخل بعض الأطراف العقلاء لانتهت الأمور بجريمة قتل.