** سؤالي يتلخص في كوني حديث عهد بالزواج، وقد حرصت والحمد لله على اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين والخلُق، وكان لي ذلك، إلا أني ومع كوني أستاذاً أدرِّس بالمرحلة الثانوية -وهي مختلطة- أجد حرجاً في التعامل مع فتنة التلميذات، سواء منهن المتبرجات أو اللواتي تبرجهن أخف، فيجعلني أعاني ويأتيني الشيطان من باب أنني لم أركز على عنصر الجمال عند اختياري لزوجتي، علماً أنني لم أركز في اختياري لزوجتي على عنصر الجمال. فهل الفتنة التي تحصل لي دليلٌ على خيانتي لزوجتي أم أن الأمر عادي؟ وهل ما يحصل لي قد يحصل لأي متزوج أم مصيبتي أنني خائن؟ أنا أحاول غض البصر، وقمت بوضع التلميذات في مكان مخصص لهن؛ حتى لا يبقين مختلطات مع التلاميذ، ويسهل النظرُ إليهن، ولكن يتحتم علي الإجابة على أسئلة التلميذات، علما أنني صارحت زوجتي بهذه المشكلة (فتنة التلميذات) أرشدوني مأجورين. * الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأخ الكريم.. المؤمن في هذا الزمان إزاء الفتن والمغريات المحرمة كالقابض على الجمر، وهذا ليس خاصاً بك وحدك بل لكثير من الناس. فتنة النساء الآن تملأ البيوت والشوارع والميادين، وهي الفتنة التي حذّر منها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (ما تركتُ فتنةً هي أضر على الرجال من فتنة النساء). أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وليس للمؤمن من عاصم إزاء هذه الفتنة إلا رب العالمين سبحانه وتعالى، لكني أنبهك إلى بعض الأمور التي من شأنها أن تخفف عنك هذا الأمر ومنها: أولاً: حاول قدر الإمكان والاستطاعة ألا تنظر إلى الطالبات، وجاهد نفسك في ذلك وأسأل الله الإعانة، وإذا سألتك إحداهن فانظر إلى السقف أو الأرض حتى يصبح لك هذا الأمر عادة وجبلّة. ثانياً: تجنب الانفراد بهؤلاء البنات أو الخلوة بهنّ؛ فذلك بابٌ عظيم لما لا تُحمد عقباه. ثالثاً: مارس دوراً دعوياً باللين والحسنى بين صفوف الطلاب حتى تعرف بهذا السمت والخُلق، فإن عرفت بذلك انجذب إليك كل من في قلبه حب للخير والصلاح والصالحين، وانصرف عنك كل من في قلبه مرض، وبالتالي فلن تتعرض لك من تريد فتنتك لأنها تخشى غضبك. رابعاً اختيارك لزوجتك فيه كل الخير، وسترى عاقبته في الدنيا والآخرة بإذن الله، وما يدريك فربما تزوجت بامرأة فائقة الجمال ولكنها ضعيفة الدين مغرورة أو لعوب لا يُؤتمن جانبها ولا تشعر معها بالراحة، أو عنيفة سليطة اللسان، أو محبّة للمال والماديات فترهقك بكثرة الطلبات.. فاحمد الله عز وجل على زوجتك، ولا تندم على اقترانك بها. خامساً: تبتّل إلى الله بالدعاء، وقد أخبرني أحد الدعاة عن رجل كان يشتكي من هذا الأمر أي من فتنة النساء، فلما أحسّ بالضيق والعنت والمشقة من هذا الأمر، لجأ إلى ربه ودعاه بصدق وتضرّع إن يصرفه عن هذه الفتنة، قال فوالله ما أبالي بعدها أرأيت امرأة أو جداراً. والله سبحانه يقول: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) الآية. بقي أن أقول لك إن ما تعانيه ليست بخيانة لزوجتك، بل هو دليل إيمانك بإذن الله وحرصك على دينك. ولا أنسى أن أقول لك أيضاً إن ما قد يحصل منك من هفوات فإن باب التوبة مفتوح وربك واسع المغفرة، وإياك أن تيأس من رحمة الله، أو أن يجد عليك الشيطان مدخلاً في إضعافك وإصابتك باليأس والقنوط. يقول عليه الصلاة والسلام: (لو لم تذنبوا لذهب االله بكم وجاء بقوم يذنبون)، وفي رواية: (ثم يستغفرون فيغفر لهم). ثبتنا الله وإياك، ورزقك الحياة السعيدة الهانئة، والله يرعاك ويتولاك.