* أنا شاب أبلغ من العمر عشرين عاماً لم أترك ذنباً أو معصية أو فاحشة إلا وفعلتها حتى خلال شهر رمضان، والآن لم يعد قلبي يخشع لذكر الله أو لتوبة..أحس أن قلبي مغلف لا يحس.. وعندي نية للعودة إلى الله. لكنني ضللت الطريق، وأريد أن أعود لطريق التوبة.. علماً أنني كنت من أكثر الناس حفاظاً على صلاتهم.. ولا أعرف هل لي توبة أم لا؟ وكيف الطريق للتوبة؟ كيف أبدأ؟ وما هي كفارتي؟ وهل هناك رد للمظالم هنا؟ - إن القلب الذي ينكر الفتن والذنب هو صاحب قلب أبيض كما في الحديث الصحيح (تعرض فتنة على القلوب، فأي قلب أنكرها نكتت في قلبه نكتة بيضاء، وأي قلب لم ينكرها نكتت في قلبه نكتة سوداء، ثم تعرض فتنة أخرى على القلوب، فإن أنكرها القلب الذي أنكرها في المرة الأولى نكتت في قلبه نكتة بيضاء، وإن لم ينكرها نكتت نكتة سوداء، ثم تعرض فتنة أخرى على القلوب، فإن أنكرها الذي أنكرها في المرتين الأوليين اشتد وابيض وصفا ولم تضره فتنة أبداً، وإن لم ينكرها في المرتين الأوليين اسود وارتد ونكس فلا يعرف حقاً ولا ينكر منكراً). وإنك يا أخي في مرحلة صعبة تحتاج إلى صبر ومجاهدة ولا تيأس ما دمت كلما أخطأت ترجع إلى الله، وقد ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَال: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَال: أَي رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَال: أَي رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ). والمقصود أن هذا المذنب عقد العزم على التوبة كما فعلت أنت، فيقول الله له: إذا وقع منك الذنب بدون تعمد وإصرار، وإنما بسبب غلبة النفس والشيطان، وكان حالك الرجوع والتوبة، فإنك على خير إن شاء الله، فلن يضرك ما تقع فيه ما دمت على ذلك الحال، وليس المقصود بالحديث الأمر بالمعصية. فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. ونذكِّرك بما يلي: أولاً: إن الفاحشة مرذولة يأنف عن التفكير بها أسوياء البشر، وإن الإنسان الذي ابتلي بالوقوع في اقتراف الفاحشة يحتاج إلى توبة صادقة يندم فيها على ما فات، ويبتعد فيها عن رفقاء السوء والجو الذي ساعده على الوقوع في الرذيلة، ويعاهد الله عز وجل على ألا يعود لمثلها أبداً، ويستر على نفسه ولا يخبر به أحداً ويُكثر من الضراعة والبكاء والاستغفار، والله سبحانه وتعالى يقول "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " الزمر: 53. أما كفارته فليس له كفارة محددة بل تصدق بما يتيسر لك. قال تعالى: "أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" التوبة: 104. ثانياً: بالنسبة لما اقترفته في نهار رمضان فعليك حسابه ومعرفة عدده وقضاء ما فات مع الكفارة صيام شهرين متتابعين عن كل يوم أو إطعام ستين مسكيناً عن كل يوم مارست فيه الفاحشة في نهار رمضان، وإطعام المسكين مقدر بنصف كيلو من الأرز. تقبل الله توبتك ولا تتأخر في الرجوع إلى الله والإقبال عليه، ولا تسوِّف في التوبة. وقل: اللهم طهر قلبي وحصن فرجي.