برحيل الأسطورة الحيّة زين الدين زيدان عن المستطيل الأخضر لاعبا دفنت أحلام الكرة الفرنسية التي قادتها هذا (المجنّد) العربي الأصل نحو جمع الأمجاد من جميع أطرافها. كأس العالم 1998 وكأس أوروبا 2000 وكأس القارّات 2001.. كلّها صنعت بيد عربية (خشنة) بعدما تصبّبت جبين الزّين عرقا في حقبة هي الأفضل في تاريخ الكرة الفرنسية، لكن عندما قرّر زيدان الاعتزال نهائيا بعد وصافة كأس العالم 2006 و(نطحته) الشهيرة لماتيرازي ورّث لمنتخب (الديوك) إرثا ثقيلا لم يستطع أحد حمله، كما أن المشاكل الذي غادر على وقعها زيزو بقيت تلازم هذا المنتخب الذي توقّف عن الصياح وامتهن الصراخ فقط. في كأس العالم 2010 عصفت المشاكل بين المدرّب دومينيك واللاّعبين بقيادة المتمرّد أنيلكا، والجميع أقسم على أن هذا المدرّب يستحقّ الطرد دون كتاب شكر، وهو ما حصل فعلا بعد الخروج المخيّب من الدور الأوّل. وتحاملنا نحن العرب بالذات على دومينيك الذي اتّهم بالعنصرية لأنه رفض استدعاء كافّة اللاّعبين الفرنسيين المبدعين من أصول عربية، وعلى رأسهم كريم بن زيمة وسمير نصري، فنال الجزاء الذي يستحقّه. وقالت وسائل إعلامية فرنسية في حينه إن دومينيك يريد أن يرسل رسالة واضحة للكرة الفرنسية وهي أن عليها أن تخرج من عباءة اللاّعبين العرب بعدما أصبحت مرتبطة باسم زين الدين زيدان. لكن ما الذي حصل مع المدرّب الجديد بلان الذي قرّر استقدام كافّة اللاّعبين العرب المميّزين: بن زيمة ونصري ومعهما حاتم بن عرفة وعادل رامي وأربعتهم لعب دورا أساسيا في خططه الفنّية؟ ماذا كانت النتيجة؟ ربما لم يستطع أحد تكملة المشوار الذي بدأه زيدان وأنهاه مع رحيله. وفوق كلّ ذلك تسبّب بن عرفة في أزمة داخل معسكر (الديوك) عندما طالب بالعودة إلى باريس لأن المدرّب تجرّأ وقرّر استبداله بلاعب آخر، وقد أجمع مراقبون على أن غرف تغيير الملابس تعجّ بالمشاكل بين اللاّعبين والمدرّب، وهو سيناريو سبق وأن سمعنا عنه في مونديال جنوب إفريقيا. وخلاصة القول: حزم المنتخب الفرنسي حقائبه عائدا إلى باريس، غير أن قطار العودة إلى ما كان عليه منتخب (الديوك) في عهد زيدان لن يكون قريبا من محطّته، وربما على الفرنسيين الاستثمار أكثر بكريم بن زيمة الذي كان وحيدا يعلب بقلبه وكافّة جوارحه، وربما يقود فرنسا إلى ما هو أفضل في مناسبات قادمة.