حذّر وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس أوّل أمس الأحد ممّا أسماه (ظاهرة مراح)، في إشارة إلى محمد مراح الذي اتّهم بتنفيذ هجوم إرهابي ضد مدرسة يهودية، موضّحا أن موجة معاداة للسامية بدأت تغزو فرنسا في السنوات الأخيرة بقيادة شبّان يؤكّدون انتماءهم إلى الإسلام، وهو ما قد يعتبر تواصلا للحملة العنصرية ضد مسلمي فرنسا الذين تمثّل بينهم الجالية الجزائرية النّسبة الأكبر مقارنة بباقي الجاليات، ويبدو أن عنصرية فرنسا باقية رغم رحيل ساركوزي. أعرب وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس في حديث له لإذاعة (جي) اليهودية عن تخوّفه من انتشار ظاهرة معاداة السامية التي يقودها شباب يؤكّدون انتماءهم إلى الإسلام، مبديا قلقه من انتشار ما وصفه بموجة جديدة معادية للسامية في الأحياء والضواحي الشعبية لفرنسا. وفي هذا الصدد أكّد فالس أن هناك شبابا (يقرّرون بكلّ غباء باسم هوية تشعر أنها مهدّدة، التهجّم على اليهود معتبرين اليهود أعداء)، موضّحا الانتماء الإسلامي لهؤلاء، قبل أن يستدرك قائلا: (يجب توخّي الحذر في استعمال العبارات، ويجب ألا يلقى اللّوم على المواطنين الذين ينتمون خصوصا إلى الإسلام) في محاولة للتفريق بين من أسموهم بالجماعات الإرهابية وغيرهم من المسلمين، ومع أن الوزير حاول من خلال هذا التحذير استدراك زلّته الأولى إلاّ أن خطابه لم يختلف عن الخطاب الفرنسي في عهد ساركوزي. في ذات السياق، دعا مانويل فالس إلى توخّي الحذر ممّا أسماه ب (ظاهرة مراح)، في إشارة إلى محمد مراح الشابّ الفرنسي ذو الأصول الجزائرية الذي اتّهم بتنفيذ عمليات إرهابية أودت بحياة ثلاثة عسكريين وأربعة يهود منهم ثلاثة أطفال بمدينة تولوز شهر مارس الماضي قبل أن تتمّ تصفيته في ظروف غامضة بعد محاصرته لأكثر من 30 ساعة في مقرّ سكنه في نفس الشهر، وقد استعمل وزير الداخلية الفرنسي اسم مراح للدلالة على الجماعات الإرهابية رغم أنه استنكر في بيان له بثّ مقاطع صوتية للمفاوضات التي دارت بينه وبين قوّات الأمن التي كانت تحاصره على قناة (ت أف 1) الفرنسية بحجّة أن القناة التلفزيونية لم تحترم مشاعر عائلته. فهل احترم وزير الداخلية الفرنسي بتصريحه هذا مشاعر العائلة التي ما تزال تندّد بالظلم الذي تعرّضت له انطلاقا من اغتيال ابنها دون تحقيق أو محاكمة ووصولا إلى كلّ ما انجرّ عن التغطية الإعلامية الموجّهة من مضايقات وإهانات؟ على ما يبدو فإن فرنسا لازالت بالرغم من التغيير الجذري الذي حلّ بنظامها بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة تتمسّك بسياستها العنصرية ضد المسلمين، والتي تحاول جاهدة من خلالها رسم أبشع الصور عن الإسلام والمسلمين سعيا إلى ترسيخ ما يعرف بالإسلاموفوبيا، وهو ما قد يزيد من تأزّم وضع الجالية المسلمة التي يمثّل فيها الجزائريون النّسبة الأكبر باحتضانها لحوالي 4 ملايين جزائري. ففرنسا التي عرفت بذهاب نيكولا ساركوزي تحوّلا تامّا من الرأسمالية إلى الاشتراكية بتولّي اليساري فرانسوا هولاند الرئاسة وحصول حزبه على الأغلبية المطلقة في البرلمان الجديد لم تسع إلى إحداث تغييرات جذرية تتماشى مع هذا التحوّل، بل سارت في سياستها القديمة التي رسمها الرئيس السابق خدمة لبني جلدته من اليهود، ولعلّ أكبر دليل على ذلك استمرار قانون فرض غرامات مالية على المنقبات ورفض الحكومة الفرنسية لقرار الاتحادية الدولية لكرة القدم (الفيفا) السّماح باعتماد لاعبات محجّبات في المنافسات الدولية، وهو ما سيشكّل ضغطا على الجالية الجزائرية خاصّة كونها تمثّل أكبر نسبة للجاليات الأجنبية المقيمة بفرنسا. وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي الجديد أظهر حسن نيّة في التعامل مع الجزائر بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية من خلال تمسّكه بتوطيد علاقات التعاون وتعزيز الشراكة مع الجزائر زيادة على تهنئة الشعب الجزائري بعيد الاستقلال، إلاّ أن استمرار السياسة العنصرية ضد مسلمي فرنسا تستدعي الحذر والخوف في آن معا كون الجالية الجزائرية المسلمة ستكون الأكثر استهدافا بالنّظر إلى الماضي التاريخي للدولتين والعدد الكبير للجزائريين المقيمين بفرنسا.