اللاّعب محمد الجزار ل "أخبار اليوم": "غادرت الحرّاش مكرها" * "قبل أن ألعب لاتحاد البليدة كنت على وشك اللّعب للرّجاء البيضاوي" * "سعدان طلب خدماتي خلال فترة تدريبه للرّجاء البيضاوي" * "سعدي حرمني من اللّعب للرّجاء البيضاوي المغربي" يواصل اللاّعب المغربي محمد الجزار سرد مسيرته الكروية، فبعد أن تعرّفنا في عدد أمس على الكثير من الجوانب الكروية في عدد اليوم سنتعرّف على سرّ مغادرته لفريق اتحاد الحرّاش ولماذا حرم من اللّعب لفريق الرّجاء البيضاوي وهو الذي طلب خدماته أكثر من مرّة. حين يستعيد محمد الجزار شريط ذكرياته الكروية يضعك أمام أمور تتمنّى لو لم يسردها لك، كيف واجه عنصرية بعضا من لاعبي اتحاد الحرّاش وبعضا من المسيّرين، وهو السبب الذي جعله يترك هذا الفريق مكرها رغم حبّ الحرّاشيين له. لكن قبل أن نعرف مأساة هذا اللاّعب -إن صحّ التعبير- في فريق الحرّاش نبدأ بحكايته مع رابح ماجر حين لعب بجابنه في فريق النّصرية مطلع الثمانينيات. * كيف كان شعورك وأنت تلعب بجانب رابح ماجر؟ ** شعور لا يوصف، فاللّعب بجانب رابح ماجر متعة الخاطر، فهو لاعب كبير أفادني بالكثير والكثير في تقنيات الكرة وتمنّيت لو طال بقائي معه، لكن انتقاله للاحتراف في فرنسا حرمني من تذوّق حلاوة الكرة. * ماذا نلت في اتحاد الحرّاش؟ ** الحمد للّه نلت مع فريق الحرّاش كأس الجزائر عام 1987 بتفوّقنا على شباب برج منايل بهدف لصفر، وقبل ذلك شاركنا في كأس العرب للنّوادي البطلة في العراق ولعبنا المباراة النّهائية ضد الرشيد العراقي وانهزمنا بصعوبة كبيرة بهدف للا شيء، كما نلت مع الفرق أكثر من مرّة لقب الهدّاف. * لكن كيف انتهت علاقة غرامك مع اتحاد الحرّاش؟ ** غارت الحرّاش مكرها بعد الذي حدث لي في الفريق، حيث عرفت معنى الجهوية، ذنبي الوحيد أنني مغربي الأصل وإلاّ لما تعرّضت لتلك الإهانة التي أثّرت في أعماق كياني. * ماذا تقصد بكلمة الجهوية التي أرغمتك على الرّحيل من فريق الحرّاش؟ ** يا أخي بعد أن وصل الأمر إلى جرح مشاعري كان من البديهي أن أترك فريق الحرّاش، لكنّي أقول وأكرّر إنني أرغمت على الرّحيل من فريق الحرّاش. فالطريقة التي فرضت فيها مكانتي في الفريق أزعجت بعض اللاّعبين فراحوا يكيدون لي المكائد إلى درجة أنهم طالبوا من المدرّب آنذاك إبراهيم رمضاني ومساعده بوعلام جواد بتنحيتي من منصبي وإدراجي في قائمة الاحتياط وإلاّ فإنهم سيقاطعون مقابلات الفريق، غير أن المدرّبين رفضا الاستجابة لذاك الطلب، وكنت أسمع ما كان يكيده لي بعض اللاّعبين، كانوا في وجهي يضحكون معي لكن وراء ظهري يكيدون لي، وبعد أن وصل الأمر إلى هذه الدرجة قرّرت ترك فريق اتحاد الحرّاش رغم المعارضة الشديدة من الإدارة المسيّرة والطاقم الفنّي، لكن قرار الرّحيل من الفريق كان فوق طاقتي، حيث كان يستحيل عليّ البقاء في الفريق بعد أن سئمت تلك الأجواء المعكّرة. * يقال إنه في السنة التي فاز فيها اتحاد الحرّاش بكأس الجزائر عام 1987 تواطأ بعض اللاّعبين من أجل سقوط الفريق إلى القسم الثاني، بدليل أن المواجهة المصيرية التي جمعتكم بشبيبة القبائل بملعب الحرّاش غاب عنها الكثير من نجوم الفريق، ما هو جوابك؟ ** كلّ ما أقوله لك حول هذه النقطة هو إن لقاء شبيبة القبائل لعبناه بعناصر شابّة لغياب جلّ العناصر الأساسية، وكنّا مطالبين بهزم الشبيبة لنضمن البقاء في القسم الأوّل. أتذكّر جيّدا أن فريق الشبيبة كان يحتلّ الريادة بفارق 18 نقطة عن فريق النّصرية على ما أتذكّر، ورغم أن نتيجة المباراة لا تهمّه، إلاّ أن مسيّري الشبيبة رفضوا التنازل لنا عن نتيجة اللّقاء وردّ الجميل لفضل اتحاد الحرّاش الذي ساهم قبل سنتين من ذلك بتتويج الشبيبة باللّقب بعد تنازل الحرّاش عن نقاط الفوز بملعب الحرّاش. فرغم توسّلات مسيّري الحرّاش لمسيّري الشبيبة بمنحهم نقاط الفوز إلاّ أنهم رفضوا ذلك، وقالوا لمسيّري الحرّاش: (سنسقطكم بملعبكم)، وقبل دقائق من انطلاق المباراة دخل علينا رئيس الفريق وعيناه تفيضان دموعا خشية أن نخسر المباراة وينزل الفريق إلى القسم الثاني، وطلب منّا استعمال كلّ إمكانياتنا لهزم الشبيبة. صورة رئيس الفريق وهو يذرف دموع الخوف من السقوط كانت بمثابة شعلة حرارية في جسمي، فقلت لرئيس الفريق: لا تخف لن نخسر المباراة والحرّاش لن تسقط، وكان لهذا الكلام أثر بالغ لدى جميع اللاّعبين الشبّان، فدخلنا المباراة بوجه مغاير تماما للذي آلفه أنصار الفريق ورحنا نلقّن عناصر الشبيبة درسا في فنّيات كرة القدم، فكان النّصر حليفنا بهدفين لصفر، أنجينا الفريق من السقوط لنتفرّغ بعدها لنهائي الكأس الذي جمعنا بعد ذلك بشباب برج منايل. * الكثير رشّح آنذلك فريق برج منايل لانتزاع الكأس وإذا باتحاد الحرّاش هو الذي فاز بالكأس... ** إرادة اللاّعبين هي التي سمحت لنا بقهر فريق برج منايل الذي كان لا يقهر آنذاك، وللتاريخ أقولها نصف ساعة من انطلاق اللّقاء، وفي الوقت الذي كنّا فيه في حالة استرخاء في غرف تغيير الملابس إذ بالبرتوكول الخاص للرئيس الجمهورية آنذاك السيّد الشاذلي بن جديد يفاجئنا بفتحه باب غرفة تغيير الملابس بطريقة قوية، قائلا لنا: (عليكم أن تعلموا أن رئيس الجمهورية لا أحد سيقبّله اليوم)، وقبل أن يواصل كلامه قلت له دون شعور منّي: لا نريد أن نقبّل الرئيس، بل نريد أن نفوز بالكأس)، والحمد للّه وفّقنا فوق الميدان وانتزعنا الكأس كما كنّا نأمله. وأتذكّر جيّدا ما إن دخلنا إلى أرضية ملعب 5 جويلية للقيام بالتسخينات الأوّلية حتى انتابني شعور كبير بأن الكأس لن تفلت منّا، وأن الفوز سيكون من نصيبا، وهو الذي حدث في نهاية المطاف حيث فزنا بهدف لصفر. * قلت لي سابقا إن مغادرتك لفريق الحرّاش كان بسبب الجهوية التي كانت منتهجة داخل الفريق، أريد منك تفسير حلّ هذه النقطة... ** يا أخي هناك لاعبين -سامحهم اللّه- لم يعجبهم وجودي في الفريق فكانوا يخلقون لي المشاكل، أحيانا تافهة وأحيانا أخرى كانت تصيبني في الصميم، خاصّة بعد أن وصل الأمر إلى أن طالب هؤلاء اللاّعبون من الطاقم الفنّي بإحالتي على مقعد الاحتياط، وأنا الذي كنت أحسن هدّاف في الفريق، بل في البطولة الوطنية، حدث هذا في موسم 88/89، في عزّ عطائي الكروي وفي عزّ حبّ الحرّاشيين لي. * حبّذا لو تكشف لنا عن هؤلاء اللاّعبين؟ ** كلّ ما أقوله لك حسبي اللّه ونِعم الوكيل، لا داعي لذكر أسمائهم، وأنا على يقين من أنه إذا اطّلعوا على هذا الحوار سيعرفون أنفسهم واحدا واحدا، ولن أسامحهم على ما كانوا يقومون به ضدّي. الحمد للّه حتى وإن لم أكن جزائريا فغيرتي على فريق اتحاد الحرّاش كانت أكثر من غيرة هؤلاء الذين طعنوني في الصدر وليس في الظهر، خاصّة بعد أن علمت بنفسي بما كانوا يكيدونه لي. * بعدها غادرت الحرّاش إلى اتحاد البليدة، أليس كذلك؟ ** قبل أن ألعب لاتحاد البليدة كنت على وشك اللّعب لنادي الرّجاء البيضاوي المغربي الذي كان يشرف عليه المدرّب رابح سعدان فهو الذي طلب خدماتي كما سبق وأن قلت لك من قبل، وبعد أن استحال عليّ الحصول على ورقة الخروج من الاتحادية الجزائرية لكرة القدم حتى يتسنّى لي اللّعب للرّجاء كان من البديهي أن أحدّد وجهتي، فوقع الاختيار على فريق اتحاد البليدة الذي كان واحدا من بين عدّة نوادي جزائرية طلبت خدماتي. * لكن الفريق كان ينشط في الدوري الثاني... ** الذي كان يهمّني ليس اسم ومكانة الفريق، بل أن أجد راحتي وكفى بعد أن سئمت الذهاب والإيّاب إلى المغرب من أجل الانضمام إلى فريق الرّجاء، وأحمّل مسؤولية عدم التحاقي بفريق الرّجاء للاتحادية وعلى رأسها نور الدين سعدي الذي لم يمنحني وثيقة الخروج من الاتحادية رغم أن سعدان هتف له أكثر من مرّة بضرورة منحي وثيقة الخروج، لكنه ظلّ في كلّ مرّة يقول لي: لا حاجة لك إلى هذه الوثيقة إذا أردت الانتقال إلى المغرب. تطالعون في الجزء الثالث والأخير: الوجه الآخر لمحمد الجزار، ماذا يحبّ؟ وماذا يكره؟ أشياء يرويها لأوّل مرّة.. كلّ هذا تجدونه في عدد يوم غد، وإلى ذلكم الحين دمتم في رعاية اللّه وحفظه.