عرفت عدة شوارع بالحراش، في الجزائر العاصمة، انتشارا مكثفا لسيارات (الماروتي) كحي الجبل وباش جراح وغيرها من الأحياء، التي صارت مليئة بها حيث لا يمكن أن تمضي أقل من دقيقة بهذه الأحياء إلا وشاهدت سيارة أو سيارتين تمران أمامك. (إن حصل وضعت في العاصمة فما عليك إلا أن تتبع سيارة ماروتي فستوصلك إلى حي الجبل المتواجد بالحراش)، هذا ما صار يقال على سبيل الدعابة بعد الانتشار الكبير لهذه السيارة في أحياء البلدية، فقد عمد الكثير من شباب هذه المنطقة إلى اقتناء هذا النوع من السيارات لتصبح بلدية الحراش بلدية (الألف ماروتي وماروتي) كما أصبح يناديها الكثير. ومنذ ما يزيد على ثلاث سنوات أو أكثر بدأت ظاهرة الماروتي تنتشر في الحراش بأعداد قليلة إلا أن أصبحت اليوم تمثل السيارة رقم واحد من حيث عددها في كافة أحياء الحراش. فقد صار أي شخص يمكنه وبسهولة ملاحظة الأعداد الكبيرة لهذه السيارة، التي يستعملها الكثير من مالكيها كسيارات أجرة بطريقة غير قانونية أو (كلونديستان) كما هو معروف عندنا لنقل الزبائن بين أحياء الحراش، فإن كان الشخص يميز سيارة الأجرة عن غيرها عن طريق اللوحة الموجودة فوق السيارة فإن سيارات الكلوندستان هنا سارت معروفة فقط لأنها ماروتي دون لوحة للتعريف. ولمعرفة سر انتشار سيارة الماروتي في أحياء الحراش، وكذا إقبال شباب المنطقة على شرائها دون بقية أصناف السيارات، سألنا أحد مالكيها وهو شاب يدعى (أمين) فكانت إجابته بأن لها عدة ميزات حسب رأيه كونها اقتصادية ولا تستهلك الكثير من الوقود، وأضاف أن صغر حجمها يسهل على سائقها التجاوز وأيضا يمكن صفها في أي مكان، وزيادة على كل هذا قال إن سعرها ثابت فثمن شرائها يبقى نفسه حين بيعها أي أنها لا تخلف خسائر لمالكها إن فكر في بيعها، وقد صادفنا شابا آخر من مالكي الماروتي (محمد) وهو يعمل كسائق كلوندستان عن سبب هذا الانتشار المكثف لنوع سيارته في كافة أحياء الحراش، فكان رده بأن أغلب مالكي هذه السيارة هم من الشباب حيث اقتنوها أول مرة منذ سنوات، حيث كانت تباع بالتسقط المريح وكذلك بسعر معقول حسب رأيه، فقام كثير من شباب الحي بشرائها ثم أصبح الأمر كموضة بين أبناء أحياء الحراش، فكل من يفكر في شراء سيارة يشتري ماروتي كنوع من التقليد إلى أن صارت كل الأحياء تعج بها. وإن كان غالبية أصحاب هذه السيارة يعملون ككلوندستان لانعدام فرص العمل والبطالة المتفشية في كل أنحاء البلاد وكذا لكسب لقمة العيش ولو بطريقة غير شرعية قانونا، فإن بعض هؤلاء جعلوها وسيلة للنصب والسرقة، فمؤخرا قام أحد من أصحاب هذه السيارات بنقل فتاة من حي الجبل نحو الحراش وفي منتصف الطريق قام بتغيير اتجاه السيارة ليقودها نحو مكان خال من المارة ليقوم بعدها بتجريد الفتاة من هاتفها النقال وكذا المبلغ المالي الذي كان بحوزتها ثم تركها بالطريق، لكن هذا حادثا معزولا لا يمثل كل مالكي هذه السيارات. وعن رأي السكان سألنا الآنسة (فتيحة) عن رأيها في هذه الظاهرة فكانت إجابتها بأنها حين تمشي في الحي وتشاهد هذه السيارة فإنها تحس بأن شيئا ما ينقص، مضيفة أنها حين تكون خارج الحراش وترى سيارة ماروتي فإنها تحس بالانتماء مثل الذي يكون في الغربة ويشاهد شيئا يدل على الجزائر. لتبقي الماروتي العلامة المسجلة الجديدة بالنسبة للحراشيين بعدما كانوا ولا يزالوا معروفين بكرة القدم وبحبهم وتعصبهم الكبير لفريقهم اتحاد الحراش فقد أضافوا اليوم شيئا جديدا أصبحوا معروفين به أيضا.