* لعبت في المغرب ستة مواسم لا تمحى من ذاكراتي أبدا * الفرنسي هنري ميشال استدعاني إلى المنتخب المغربي! * انتقالي إلى المغرب كلفني الحرمان من العودة إلى المنتخب الوطني * نجحت في التجارب مع برشلونة.. وهذا ما قاله كرويف عني.. حين تعود ذاكرة الحراشيين إلى أيام (المجد) الذهبي لفريقهم، يتذكرون بدون شك نجمهم المدلل آنذاك محمد راحم، اللاعب الذي سكن قلوبهم بطريقة لعبه الرائعة والجميلة، لكن في غفلة منهم غادرهم، تاركا فريقهم أشبه بالشاة التي تتخبط في دمائها، فماتت (الشاة) وبموتها، نزل اتحاد الحراش إلى القسم الثاني، فاختفى لسنوات طويلة، ذلك الفريق الذي كانت تخشاه الأندية العاصمية، بعد أن تحول إلى لقمة سائغة لدى منافسيه، إلى أن عاد إلى سالف أيامه قبل أربع مواسم من الآن. حديثنا اليوم ليس عن مسيرة اتحاد الحراش وأيامه الذهبية، بل حديثنا عن واحد من بين أبناء خريجي الفريق الحراشيين محمد راحم، الذي أحبه المغاربة أكثر مما أحبه الجزائريون، إنه محمد راحم، اللاعب الذي فتح لنا صدره، حيث تحدث عن الكثير من أسرار مسيرته الكروية، ونبدأ في الفترة التي قضاها في المملكة المغربية. ** حين يذكر اسم المغرب ماذا يذكرك هذا البلد؟ * أكيد يذكرني بالكثير من الأشياء، التي لا تمحى ولا تضمحل من ذاكرتي، باعتبار أنني لعبت في المغرب حوالي ست مواسم كاملة، تركت فيها بصماتي خاصة في فريق المحمدية. ** ماهي الأشباء التي لا تنساها؟ * تلك الدعوة التي تلقيتها من مدرب المنتخب المغربي الفرنسي هنري ميشال، مباشرة بعد تعيينه على رأس المنتخب المغربي بعد نهائيات مونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية، ظنا منه أنني مغربي، وكم كانت خيبته كبيرة حين قيل له أنني جزائري الأصل. أتذكر جيدا أنه في إحدى حوارته للصحافة المغربية، قال أتعجب من الجزائريين كيف بلاعب مثل محمد راحم لأوجه له الدعوة للعب لمنتخب بلاده، وقد أثر هذا الكلام في نفسي كثيرا، وكم من مرة تساءلت لماذا أعاني التهميش من بلادي، خاصة وأنني كنت في تلك الفترة في عز عطائي، فبدون مجاملة مني كنت لوحدي أغير مجرى المباراة. * ألم توجه لك الدعوة لتقمص الألوان الوطنية؟ * نعم تقمصت الألوان الوطنية، لكن كان هذا في بداية تألقي، في الكأس الإفريقية التي احتضنتها الجزائر عام 1990، وانتزعنا فيها التاج القاري، لكن ما أن انتقلت إلى المغرب للعب هناك، حتى تناسني الجزائريون، وكم حلمت بالعودة للفريق الوطني لكن للأسف أحلامي بقيت مجرد حلم ليس إلا. ** ماهي الفترة التي انتظرت فيها دعوة الطاقم الفني للمنتخب الوطني؟ * في الإقصائيات المؤدية إلى مونديال الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1994، أتذكر جيدا أن الطاقم الغني الذي كان رأس المنتخب الوطني المتكون من الثنائي ايغيل ومهداوي وعدوني باستدعائي للعب مباراة غانا التي جرت بمدينة تلمسان، لكن انتظاري طال وطال، والمباراة لعبت دون أن توجه لي الدعوة، بعدها تأكد لي أنني لست مرغوبا للعب للمنتخب القومي الجزائري، ومباراة غانا الوحيدة التي تمنيت لعبها لكن الله غالب. ** لنبقى في المغرب، لماذا اخترت اللعب في البطولة المغربية، بالرغم من العروض العديدة التي توصلت بها ومن أندية أوروبية شهيرة؟ * اختياري اللعب في البطولة المغربية، لم يكن بيدي بل كنت مرغما للعب في البطولة المغربية، وتلكم هي قصة طويلة، قد يطول بنا الحديث عنها. ** إلى هذه الدرجة؟ * نعم إلى هذه الدرجة إن لم تقل أكثر من ذلك بكثير. ** شوّقتنا لنتعرف ولو قليلا عن هذه القصة؟ * باختصار، أنني كنت مرتبطا بعقد مع مناجير فرنسي، وهو الذي كان وراء انتقالي إلى المغرب رغما عني، ولم أكن أحبذ اللعب في المغرب، بعد توصلي بعدة عروض من أندية أوروبية شهيرة منها على وجه الخصوص فريق اف سي برشلونة الإسباني، وفريق سيرفيت جنيف السويسري وفريق اندرلخت البلجيكي، ورغم شهرة هذه النوادي خاصة فريق البارصا وجدت نفسي ألعب في البطولة المغربية. ** لكن ما دخل المناجير الفرنسي في كل هذا؟ * لإيضاح الصورة أكثر، كنت مرتبطا بعقد مع المناجير الفرنسي، ولم يكن يسمح لي بالتفاوض مع أي فريق أجنبي كان إلا بالموافقة منه، كونه كان مناجير محترف معتمد من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفي حال الإمضاء بدون موافقة منه، يسمح له القانون أن يفسخ العقد، أكثر من ذلك بإمكانه أن يتتبعني قضائيا، وفق بنود العقد الذي يربطه مع الاتحاد الدولي. ** حدثنا الآن عن فريق برشلونة الذي كنت على وشك الانضمام إليه؟ * بعد تألقي اللافت للانتباه في البطولة الجزائرية مع فريقي اتحاد الحراش ومع المنتخب الوطني خاصة في نهائيات كأس أمم إفريقيا عام 1990، فقد توصلت بعرض من فريق اف سي برشلونة، وبما أن القانون الدولي كان ينص آنذاك أن الفرق الكبيرة المحترفة لا تتعامل إلا مع وكلاء اللاعبين المحترفين والمعتمدين من طرف الاتحاد الدولي (الفيفا)، عرض عليّ مناجير فرنسي التعاقد معه، ولم أكن أعرف حقيقة هذا المناجير، حيث اتضح لي بعد أن أمضيت معه عقد احترافي على أنه مناجير جشع وطماع. ** وكيف لمست منه ذلك؟ * بعد أن حرمني من اللعب لفريق البارصا، تصور بعد نجاحي في جميع التجارب التي أجريتها مع هذا الفريق بإشراف المدرب الهولندي الشهير يوهان كرويف، حيث قال بالحرف الواحد كرويف لرئيس النادي، هذا الجزائري لابد أن نحتفظ به، فبالعمل سيصبح لاعبا كبيرا، حيث يملك كل مقومات اللاعبين العالميين، وعلى أنني سيتم إدراجي في بداية الأمر مع الفريق الثاني وبعدها سيتم ترقيتي إلى الفريق الأول، كنت لا أبالي أن ألعب في الفريق الثاني للبارصا، المهم أن يتم الاحتفاظ بي. كلام كرويف جعلني أسبح في السماء السابعة وقلت في نفسي الحمد لله ها قد تحققت أحلامي وهو اللعب لفريق البارصا وما أدراك بفريق البارصا، لكن فجأة ضاع الحلم وإلى الأبد. ** كيف ذلك؟ * تصور أن المناجير الفرنسي وكيل أعمالي، وأثناء تفاوضه مع إدراة فريق (البارصا) طلب منهم مبلغ مالي كبير جدا، وكأنني قادم من انجلترا او ألمانيا، مع حصوله على امتيازات لا تخطر على بال أحد، وقد سعى رئيس فريق (البارصا) كل ما في وسعه للتوصل إلى اتفاق مع هذا المناجير، لكن هذا الأخير بقي متمسكا بشروطه، ومما يؤكد النية الصادقة من إدارة (البارصا) للاحتفاظ بي هو بقائي في الفريق لمدة 20 يوما، وطوال هذه المدة كنت أتدرب مع الفريق الأول، الذي كان يشرف عليه المدرب الهولندي الشهير يوهان كر ويف. وبعد أن تأكد لإدارة فريق (البارصا) استحالة توصلها إلى اتفاق مع وكيل أعمالي، توقفت المفاوضات نهائيا. ** ألم تطلب منه أن فسخ العقد الذي كان يربطك به؟ * لم يكن يسمح لي بفسخ العقد، كل ما قلته لهذا المناجير، أنني مستعد للتنازل عن المبلغ المالي الذي سأمضي له في فريق البارصا شريطة أن يسمح لي باللعب لهذا الفريق، لكنه رفض رفضا قاطعا هذا الاقتراح، قائلا لي أريد لك عقد احترافي كبير مع فريق كبير. ** وماذا بعد أن ضاعت منك فرصة اللعب لفريق البارصا؟ * انتقلت إلى بلجيكا بعد توصلي بعرض مهم من هناك، حيث طلب فريق اندرلخت خدماتي، ومرة أخرى وقف هذا المناجير في وجهي، وبقي هذا المناجير يتبعني كالظل حيثما توجهت إلى أوروبا، وهو نفسه الذي حرمني من اللعب في فريق سيرفيت جنيف السويسري، وبعد أن وصل الأمر إلى هذا الحد ثُرت في وجهه وطلبت منه فسخ العقد لكنه رفض قائلا لي، لا يمكنك أن تلعب لأي نادي محترف كان موافقة مني، الله غالب سجنت نفسي بنفسي مع هذا المناجير وإلا لما ضاعت مني فرصة العمر باللعب لفريق البارصا الإسباني. ** كيف جاء انتقالك إلى المغرب؟ * بعد أن استحال عليّ اللعب لأحد النوادي الأوروبية، نظرا للمطالب التعجيزية من هذا المناجير، وجدت نفسي في المغرب أمضي لفريق المحمدي. ** ألا ترى أن ما كان يقوم به هذا المناجير أمرا مقصودا؟ * ربما، خاصة بمطالبه التعجيزية مع إدارة فريق البارصا، وكذلك في سويسرا وبلجيكا، ومما زادت شكوكي أكثر في نية هذا المناجير غير الصادقة هو أنه رفض الاقتراح الذي قدمته له، والمتمثل كما سبق الذكر أن يسمح لي باللعب لفريق البارصا وحتى في فريق سرفيت جنيف مقابل منحه جميع المبالغ المالية الذي كنت سأستفيد منها في حال إمضائي للعقد، المهم بالنسبة لي هو اللعب في فريق أوروبي كبير، خاصة وأنني كنت واثقا من نفسي على أن النجاح سيكون حليفي، نظرا للإمكانيات الكبيرة التي كنت أملكها. ** هل ندمت باللعب في البطولة المغربة؟ * لم أندم، رغم أنني لم أحقق أي شيء طوال الفترة التي لعبت فيها في المملكة المغربية، أقصد الشهرة، حيث أحرقت نفسي بنفسي، الله غالب هذه هي سنة الحياة ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. يتبع ...الجزء الأول