تمكن جمال مصباح في ظرف سنة فقط من لفت الأنظار إليه، وهو ما يجعله دون شك يرى سنة 2011 بشكل خاص للغاية. البداية كانت بتمكنه من خطف مكانة أساسية مع المنتخب الوطني بعد طول انتظار وواصل بعدها تقديم مستوى مميز مع فريقه ليتشي، قبل أن يتمكن من الظفر بعقد احترافي مع العملاق الايطالي "آسي ميلان"، وهو ما يمكن القول إنه أفضل صفقة للاعب جزائري ينتقل إلى ناد أوروبي. مصباح تألق خلال كل المواجهات التي اعتمد فيها المدرب أليڤري عليه خلال الأيام الماضية، وهو ما سمح للكثير ممن لا يعرفون مصباح من اكتشاف الإمكانات العالية التي يتمتع بها. لكن الكثير لا يعرف أن مصباح عانى كثيرا ليصل إلى ما هو عليه الآن، وهو حاليا يشق طريق الاحتراف والنجاح بخطى ثابتة. مصباح عرف الكثير من العراقيل في طريقه، ولكنه كان دائما يجد الطريقة التي يتجاوز بها هذه العراقيل، وهذا بفضل نصائح أعز شخص على قلبه والذي يعتبره كل شيء في حياته الأمر يتعلق بوالده. و لقراء " الهداف " و "لوبيتور" يروي جمال مصباح قصة حياته و من أين بدأ ليصل إلى أحد أكبر النوادي في العالم و يكشف اللاعب عن أمور كثيرة لأول مرة تخص حياته الخاصة ... "والدي كان منظفا في بلدية أنسي" بدأ مصباح حديثه معنا بالتطرق إلى طفولته حيث قال: "من يعتقد أني ولدت وفي فمي ملعقة ذهب مخطئون كثيرا، أنا من عائلة متواضعة وفقيرة. والداي تنقلا للعيش في فرنسا لما كنت طفلا صغيرا، أبي اشتغل عامل تنظيف في بلدية أنسي بينما والدتي كانت ماكثة في البيت. الوالد عانى كثيرا حتى يؤمّن لنا لقمة العيش أنا وشقيقتي الكبيرتين، وهذا بالمحافظة على قيمنا وعلى تقاليدنا وديننا، صراحة لقد ضحى كثيرا من أجلنا". "شقيقتي طبيبة نفسانية والأخرى أستاذة لغة انجليزية واسبانية" وواصل مصباح حديثه قائلا: "الأمر الذي يسعدني كثيرا اليوم والذي اعتبره مفخرة لي، هو أن أرى والديّ خاصة أبي فخور بأبنائه، فكل التعب الذي تعبه من أجلنا، وقلة النوم وهو يفكر في الطريقة المثلى التي تمكنه من مساعدتنا على شق طريق النجاح لم يذهب هباء ولم يضع جهده. أسعد لما أشعر أنه لم يندم على التضحيات التي قام بها من أجلنا، فاليوم أبناؤه الثلاثة نجحوا في حياتهم الاجتماعية، فبالإضافة إليّ أنا حيث أصبحت لاعبا محترفا ولاعب دولي جزائري، فإن شقيقتيّ نجحتا أيضا فواحدة طبيبة نفسانية والأخرى مدرسة لغة انجليزية واسبانيةلذا أقول الحمد لله ". "والدي ليس نجما، ولكنه قدوتي الأولى ومثلي الأعلى" وتابع مصباح بخصوص طفولته: "في غالب الأحيان الأطفال يتأثرون بأصدقائهم، يقتدون بأحد شبان الحي، أحد المعلمين في المدرسة أو في الثانوية أو الجامعة أو حتى أحد الجيران، أنا تأثرت بشخص واحد فقط، هو والدي. صحيح أني كنت أملك أصدقاء كثر وشاهدت الكثير من الأمور، ولكن والدي كان كل شيء بالنسبة إليّ. لا أعرف إن كان السبب هو أني الرجل الوحيد في المنزل، ولكن المهم هو أنه تربطنا علاقة متينة للغاية. كنت أستشيره في كل شيء ونصائحه كانت دائما في محلها، وله فضل كبير في تربيتي دون أن أنسى دور والدتي بطبيعة الحال، من منا يمكنه أن يتناسى حنان الأم. والدي كان قدوتي ومثلي الأعلى، رغم أنه لم يكن نجما، حيث كان عامل نظافة بسيط ولكنه كان يكسب لقمة عيشه من عرق جبينه، وكان يبعث في العائلة الدفء العائلي، بالنسبة إليّ كان أكثر من والد بل معلم ومرجع، في حياتي أسير بقاعدة وهي الله، الجزائر ووالدي". "كنت أحصل على النقود بالعمل وليس بالسرقة" استرسل مصباح خلال حديثه قائلا: "بما أن مداخيل والدي المادية كانت متواضعة، فقد وجدت أنه من الضروري أن أعمل حتى أحصل على بعض المال يكون مصروف جيب بالنسبة إليّ، كنت حينها شابا مراهقا، ولم أجد أمامي سوى بيع الفواكه والخضار في سوق أنسي. كنت أعمل رفقة أحد أقاربي وهو حميد وقد بقيت على هذه الحال لعدة شهور. كنت أعمل بعد نهاية التمدرس وبعد نهاية التدريبات، قد يدهشكم هذا ولكن نعم، اللاعب المحترف الذي ترونه الآن في فريق آسي ميلان الواقف أمامكم كان بائعا للخضار، وأنا لست نادما على ذلك تماما لأني تمكنت من جني بعض المال من عرق جبيني ومن الحلال وليس من السرقة والأموال الحرام، وهذا تعلمته أيضا من والدي حيث كان يقول لي: اعمل بشرف وعش حياتك بشرف". "عملت حتى في مغسل الملابس" اللاعب الحالي ل "آسي ميلان" الذي يتدرب مع نجوم عالمية يوميا لم يتوقف عن سرد ما عاشه خلال طفولته حيث قال: "لم أعمل فقط بائعا للخضار والفواكه، ولكني اشتغلت في أماكن أخرى، حيث عملت لمدة شهرين في مغسل الملابس، لقد كنت أحاول أن أشتغل هنا وهناك خلال فترة مراهقتي حتى أجلب بعض الأموال تساعدني على العيش، رغم أني كنت في سن صعبة حيث يتوجه الكثير عوض العمل إلى أمور أخرى لكسب المال بطريقة سهلة، ولكن الحمد لله والدي كان إلى جانبي وعلّمني شيئا مهما وهو: لا توجد مهنة متواضعة، الأهم هو العمل وفي المساء علينا أن نحمد الله على ما رزقنا. هذه هي القيم التي تربيت عليها، لهذا السبب أيضا أكن احتراما ومعزة خاصة لوالدي". " بكيت بحرقة خفية عن والديّ عندما رُفضت في نادي أنسي في أول مرة " بعدها تطرق الدولي الجزائري إلى بداية مشواره الكروي حيث قال: "مثل معظم الأطفال فقد بدأت لعب كرة القدم في الشارع، وبعدها تحوّلت الكرة إلى شغف بالنسبة إليّ وأردت أن أدخل إلى مركز التكوين في أحد النوادي، وكان والداي لا يفقهان الكثير في هذه الأمور، بل كانت لديهم انشغالات أخرى أهم يفكرون فيها، ولكن والدي لاحظ أن الكرة تحوّلت إلى هوس بالنسبة إليّ فسمح لي بالتسجيل في إحدى مدارس الكرة، وأول ما فكرت فيه كان التوجه لفريق المدينة وهو نادي أنسي القديم، ولكن المسيرين رفضوا وقالوا لي إن العدد وصل إلى حده في مدرسة كرة القدم ولا يمكن قبول لاعبين آخرين، وسأبوح لكم بسر، وهو أني يومها لما دخلت إلى المنزل توجهت مباشرة إلى غرفتي وبكيت بحرقة مثل طفل صغير. وإلى حد اليوم، فإن والديّ لا يعرفان أني بكيت ذلك اليوم وهي المرة الأولى التي أبوح فيها بهذا السر، المهم السنة التي تلتها توجهت مبكرا إلى مركز التكوين وسجلت هناك". "والدي كان يعمل ساعات إضافية حتى يدفع تكاليف الدروس والرياضة" وتابع مصباح حديثه قائلا: "مع مرور الوقت زاد اهتمامي بكرة القدم أكثر فأكثر، وأصبحت تشكل شغفا بالنسبة إليّ، حتى والدي عرف أني أملك إمكانات عالية وأني أستطيع الذهاب بعيدا من طرف بعض الأشخاص الذين كانوا يتابعون مبارياتي، لذا قرّر أن يخصص نصيبا من ميزانية العائلة من أجلي، رغم أنها كانت على قدر الحال في الأصل ولكنه كان يوفر لي على الأقل أهم اللوازم لكرة القدم، وقد ضحى كثيرا حتى أنجح في كرة القدم، حتى أنه كان يعمل ساعات إضافية ليتمكن من تمويل الدراسة والرياضة، وهو التخصص الذي اخترته في مشواري الدراسي، وبعدها حتى الأعمال التي كنت أقوم بها ساعدتني قليلا". "وفقت بين الكرة والدراسة حتى الثانوية وبعدها كان عليّ الاختيار" وأضاف لاعب "آسي ميلان": "منذ طفولتنا أكد الوالدان على أمر مهم للغاية وكانوا يرونه أساسيا وهو: الدراسة ثم الدراسة، فهم لم يسعفهم الحظ ليدرسوا ويصلوا إلى مستويات متقدمة، ولكنهم كانوا حريصين على أن تتاح الفرصة أمام أولادهما حتى يصنعوا لأنفسهم مكانة مريحة في المجتمع. الدراسة كانت أمرا مقدسا بالنسبة إليهم. أنا من جهتي كانت تسير معي الأمور في الطريق الصحيح في هذا الجانب، وكنت جيدا في المدرسة، ووصلت إلى السنة الأولى ثانوي، وهنا جاءني عرض من مركز تكوين نادي سرفيت جنيف، وكان عليّ الاختيار يا إما الدراسة أو الكرة. والدي من جهته وثق في قدراتي ولم يقف في طريق اختياري. صحيح أنها كانت عبارة عن مخاطرة مني، كان من الممكن أن لا أنجح في الكرة ولا أصبح لاعبا محترفا وأخسر أيضا الدراسة، ولكن الحمد لله الأمور سارت معي كما يجب". "حين وصلني عرضا من البارصا للقيام بالتجارب تعرضت إلى إصابة" وتابع مصباح حديثه عن مشواره الكروي: "في فريق سرفيت حصلت على أول عقد لي وعلى أول راتب أيضا، وهو ما سمح لي بتقديم المساعدة المالية لعائلتي، فبعد أوقات عصيبة خلال فترة المراهقة حان وقت اليسر، ولكن في الوقت نفسه كنت من حين لآخر أعاني من بعض الأوقات العصيبة في تلك الفترة أيضا. فمثلا كنت أعاني دائما من الإصابات في مواسمي الأولى مع نادي سرفيت، وإحدى هذه الإصابات جاءتني لما تلقيت عرضا من برشلونة من أجل القيام بالتجارب هناك، فالنادي الكتالاني تابع خطواتي مع نادي سرفيت جنيف وكان من الممكن جدا أن أصبح لاعبا في برشلونة، رغم أنه لم يكن هناك عرض رسمي ولكني كنت أتمنى لو أني أجريت التجارب هناك". "تعرضت إلى إصابة جديدة في بال، والعودة إلى الصفر مجددا" وواصل اللاعب الدولي الجزائري بخصوص تجربته في النادي السويسري: "بعد أن قدمت مستويات جيدة مع سرفيت جنيف تم استقدامي من طرف نادي بال السويسري والذي كان قد فاز بالبطولة حينها، وحقق مشوارا مميزا في رابطة أبطال أوروبا، ولكن للأسف إصابة أخرى وهذه المرة خطيرة عطلت مشواري مع هذا النادي، وبالتالي عادت من جديد الأوقات الصعبة، حيث اضطرتني هذه الإصابة إلى العودة إلى الصفر مجددا، وأُعرت بعدها إلى نادي لوريان ووقعت بعد ذلك في نادي أروا لأعيد بعث مشواري، وتطلب ذلك مني سنتين حتى أعود إلى مستواي وأجلب اهتمام الأندية الأخرى". "في نادي لوكرن فضّلوا عليّ لاعبا من القسم الثاني" وأضاف مصباح بشأن مشواره الكروي: "بعدها تنقلت إلى نادي لوكرن الذي كانت لديه طموحات عريضة ذلك الموسم وقام باستقدامات كثيرة ومميزة، ولكن للأسف الأمور لم تسر على أحسن وجه مع المدرب وتمت إقالته. المدرب الذي جاء بعد ذلك وهو سفورزا لم يكن يضع فيّ ثقته إلى درجة أنه كان يفضّل عليّ لاعبا قادما من الدرجة الثانية، ولكني رغم هذا بقيت وفيا لعاداتي وتربيتي وقيمي الأخلاقية، وواصلت العمل دون أن أناقش قرارات المدرب، وهنا جاءني عرض إعارة من نادي أفيلينو، وقد قبلت العرض على الفوز لألعب أكثر ولأني أيضا كنت دائما أحلم باللعب في ايطاليا". "لم أنل أجرتي في أفيلينو 8 أشهر متتالية ووقتها زوجتي وضعت طفلي الأول" مصباح قال بشأن تجربته في النادي الإيطالي: "التوقيع في هذا النادي الايطالي كان بالنسبة إليّ مخرجا مهما وكنت أعتقد أنها نهاية لكل المشاكل بالنسبة إليّ، ولكن للأسف لم يكن الأمر كذلك حيث كانت الأمور تسير في أحسن الظروف من الناحية الرياضية، لكن بالمقابل كنت أعاني من الناحية المادية، بما أني بقيت 8 أشهر دون أن أنال أي أجرة بما أن النادي أفلس، ولكم أن تتخيّلوا 8 أشهر دون دخل والأصعب من هذا هو أن زوجتي في ذلك الوقت كانت حاملا ووضعت طفلي الأول في هذه الفترة، لقد كان خبرا مفرحا ولكن في وقت كنت أعاني فيه من الناحية المادية، ما يمكن أن أقوله هو أني خرجت من تلك الوضعية الصعبة بفضل مساعدة أصدقائي، شقيقتيّ وأشقاء زوجتي، ولم اجتز الوضع بشكل نهائي إلى غاية توقيعي مع نادي ليتشي". "أقول للشبان الجزائريين: اعملوا، انتظروا فرصتكم ولا تستسلموا أبدا" وختم لاعب "آسي ميلان حديثه: "مشواري كان صعبا للغاية وهذه حقيقة، ولكنني أديته دون اللجوء إلى الطرق الملتوية وسيرته بشرف، هذا أول درس اعتبرت منه. بطبيعة الحال مسيرتي لم تتوقف بعد وليست هذه هي المحطة النهائية، وستعرف الكثير من التطورات، لكني أتحدث اليوم من أجل تحسيس الشبان الجزائريين في نقطة أراها مهمة للغاية: يمكننا تغيير حياتنا بالعمل، الجدية والصبر، الكثير ربما لو كانوا مكاني في فترة المراهقة كانوا سيستسلمون ولا يواصلون كفاحهم، ولكن أنا بقيت أؤمن دائما بالقيم التي تربيت عليها وبقدراتي، رسالتي للشباب الجزائري هي: يجب العمل في هدوء وسرية، انتظروا فرصتكم واغتنموها لما تأتي، ويجب عدم الاستسلام في أول عقبة، يجب أن تقولوا دائما أنه بعد الغيوم يأتي الطقس الجميل". ------------- مصباح جزائري بالفطرة إلى الأبد وفرنسي لأجل كرة القدم منذ سنّ 19 فقط من يعتقد أن علاقة لاعبنا الدولي جمال مصباح مع الجزائر انطلقت في 2010 قبل كأس العالم في جنوب إفريقيا حين وجّه له المدرب الوطني رابح سعدان الدعوة حينها فهو مخطئ، لأن مصباح متعلق بالجزائر كثيرا ولم ينتظر إلى غاية سنّ ال 26 لأجل زيارة الجزائر وكذا التعرف عليها، فهو للإشارة مولود في الجزائر وبالتحديد في بلدية "زيغود يوسف" ب قسنطينة، ووالده ينحدر من الحروش بسكيكدة، ووالدته من عين بوزيان بسكيكدة أيضا، وهو الذي يحاول التأكيد للجميع في كلّ مناسبة تتاح له على أنه جزائري بالفطرة وليس لأنه كبر وترعرع في أوروبا، فهذا يعني أنه غير متعلق ببلده الأصلي. " كان يطلب دائما أن أجلب له قميص المنتخب الجزائري " ودائما بخصوص علاقة مصباح الناشط في صفوف نادي "ميلان" بالجزائر فالأمر لا يخص علاقة وثائق بحكم أنه ولد في زيغود يوسف ويستطيع استخراج شهادة ميلاده من هذه البلدية الإدارية، بل هي أبعد من ذلك بدليل ما أكده لنا أعزّ أصدقائه محند بوشري، الذي قال لنا: "أنا دائما أتنقل إلى الجزائر، ولكنني أقطن في سويسرا وفي كل مرّة أسافر إلى البلاد فإن مصباح كان يطلب مني أن أجلب له قميص المنتخب الوطني في عزّ الأزمة في سنوات التسعينات وبداية عام ألفين، وكم تكون سعادته كبيرة عندما أمنحه قميص المنتخب الذي يرتديه بكل افتخار". أصدقائه كان يلبسون قميص بيلي بالرقم 10 أما مصباح فتفضيله كان للرقم 11 الذي يحمله ماجر كان قميص المنتخب الوطني هو الزيّ الذي يفضّل أن يلبسه مصباح منذ صغره وكذا يلعب به مباريات الأحياء لمّا كان طفلا، ويتذكّر جيدا أنه في سنوات التسعينات في مرسيليا لمّا توّج "الأولمبيك" برابطة أبطال أوروبا، كان غالبية أصدقائه يرتدون قميص "عبيدي بيلي" والرقم 10، أما مصباح فكانت له وجهة نظر أخرى مثلما قال: "كنت أحمل على قميصي الرقم 11، فيما جميع رفاقي يرتدون الرقم 10 مقتدين ب "عبيدي بيلي"، لكنني كنت أفضّل رقم 11 لأنه يمثل رقم قميص ماجر، هذا النجم الكبير الذي لم يسبق لي مشاهدته يلعب، ولكن من كثرة ما سمعت عنه أمورا جيّدة أصبحت أعتبره قدوة بالنسبة لي وأحببته دون أن أعرفه. وأنا لم يكن لديّ أي مشكل بالافتخار بجزائريتي رغم عيشي في فرنسا". مصباح كان عدّاء في ألعاب القوى ويركض بالقميص الجزائري أكيد أن الكثير من الجزائريين لا يعلمون أن جمال مصباح قبل أن يصبح لاعبا في كرة القدم فإنه كان عدّاء في ألعاب القوى، وهو الذي كان يملك مؤهّلات كبيرة في الركض والسرعة، ويروّح كثيرا عن نفسه عندما يمارس هذه الرياضة مثلما أكد لنا، وسبق له أن شارك في نهائي فرنسا لبطولة ألعاب القوى، وقد قال لنا عن ذلك: "أتذكر أنني شاركت في إحدى المرّات في نهائي البطولة الفرنسية لمسافة ال 1000 متر وكنت الوحيد من بين جميع العدّائين الذي حمل القميص الجزائري (يضحك).. وصراحة، لقد كنت أستمتع كثيرا بذلك ولطالما كان لديّ القميص الوطني في خزانتي". ''بعد الهدف في مرمى جنوب إفريقيا في 1996 احتفلت في فرنسا بالراية الجزائرية" من خلال حديثنا دائما مع مصباح عن طفولته ودرايته بكرة القدم، فإننا كنا نتفاجأ بمدى تعلقه بالمنتخب الوطني وكلّ ما هو جزائري إلى درجة لم نكن نتصوّرها، فالجميع كان يعرفه في حيه "أنسي" بأنه جزائري أين يلقبونه ب "الجزائري"، لأنه لا يتحدّث إلا عن الجزائر، وقصّ لنا هذه الحادثة التي جرت في كأس أمم إفريقيا 1996 في جنوب إفريقيا فقال: "في كأس إفريقيا 1996 واجه منتخبنا الوطني جنوب إفريقيا في الدور ربع النهائي، وأتذكر جيّدا أن أصحاب الأرض هم من افتتحوا باب التسجيل، ولكن عندما عدّلنا النتيجة خرجت إلى الشارع من أجل التعبير عن فرحتي بالراية الوطنية في يدي وأردّد بمفردي "وان، تو، ثري.. فيفا لالجيري"، وضحك مني رفاقي طويلا لأنني في الوقت الذي كنت أعبّر عن فرحتي سجلت علينا جنوب إفريقيا الهدف الثاني، وحينها توقفت فرحتي وأصبت بخيبة أمل كبيرة كما لو أنني أنا من انهزمت". كان يعشق "أوكسير" لأجل صايب وتسفاوت وبالنظر إلى تعلقه الشديد بالجزائر وكلّ ما هو جزائري، فإن جمال مصباح وجد نفسه في منتصف سنوات التسعينيات يُناصر نادي "أوكسير" وهو أهمّ فريق بالنسبة له في فرنسا، وسبب ذلك مثلما قال لنا مصباح هو تواجد الجزائريين موسى صايب وعبد الحفيظ تسفاوت في صفوفه آنذاك. وقال مصباح أيضا: "لمّا كان يلعب نادي "أوكسير" كنت أتابع مبارياته كما لو أن الأمر يتعلق بمباريات المنتخب الوطني، وكنت أناصر "أوكسير" أكثر من محبي وأبناء النادي الأصليين. ولمّا توج "أوكسير" بثنائية البطولة والكأس في 1996 غمرتني فرحة عارمة، وبالنسبة لي هذه الثنائية هي نجاح للجزائريين صايب وتسفاوت وكذا للجزائر". زميله في ميلان "ميكسيس" خريج مدرسة أوكسير يعلم ذلك و حتى تسفاوت كذلك وفي فريقه الحالي "آسي ميلان"، فإن جمال مصباح وجد شخصا عايش هو الآخر تلك الفترات الزاهية ل "أوكسير" لأنه تكوّن في ذلك النادي، ويتعلق الأمر ب "فيليب ميكسيس" الدولي الفرنسي الناشط في صفوف "ميلان"، وقال لنا مصباح عنه: "لقد قلت ل "ميكسيس" إنني كنت مناصرا ل "أوكسير" وأعشق كثيرا هذا النادي ووضحت له لماذا كلّ ذلك الإعجاب وفرح لما قلته له. وفي صائفة 2010 التقيت مع عبد الحفيظ تسفاوت لمّا أصبح "مناجير" عاما في المنتخب الوطني وتحدّثت معه في هذا الجانب، وأعلمته أنني كنت معجبا به كثيرا مع صايب لمّا كانا في "أوكسير" ويمثلان الجزائر خير تمثيل". " والده أصبح يملك الجنسية الفرنسية من أجله حتى يكمل مشواره الكروي " ما يجهله الكثير ربما أن جمال مصباح لم ينل الجنسية الفرنسية إلا في سن ال19 فقط و هذا عندما كان في نادي سيرفيت جنيف السويسري حيث إظطر والده لطلب الجنسية الفرنسية من أجل إبنه كون جمال لم يكن بإستطاعته مواصلة مشواره الكروي بسبب تواجده بالوثائق الجزائرية و كون القوانين في أوروبا لا تسمح إلا لعدد معين من اللاعبين الذين لا ينتمون إلا الدول الأوروبية بالإنضمام لنادي أوروبي فما كان إلا أن طلب والد مصباح بالحصول على الجنسية الفرنسية حتى يستفيد جمال من ذلك و لا يحتسب ضمن اللاعبين الخارجين عن القائمة الأوروبية و كان هذا في سن ال19 أين بدأت المسيرة الفعلية لجمال مصباح ليظهر هذا الأمر أن جمال مصباح عندما حصل على الجنسية الفرنسية فذلك كان شكليا لمواصلة مسيرته الكروية و ليس بحثا على أن يكون فرنسيا مثلما يفعل البعض . ----------- مكانته مهددة من جديد أمام جوفنتيس مصباح يلعب مباراة كاملة أمام تشيزينا، أداؤه كان عاديا ويواصل ريادة "الكالتشيو" نجح فريق ميلان في تكريس ريادته للبطولة الإيطالية بفوزه في تشيزينا، على حساب الفريق المحلي بنتيجة (3-1)، في مباراة لعبها مصباح كاملة وكان فيها أداؤه عاديا ولا يعكس نتيجة المباراة، حيث كان بإمكانه أن يلعب بأكثر حرية خاصة على الصعيد الهجومي الذي يبقى النقطة السوداء لابن زيغود يوسف. ورفع ميلان رصيده أمس وهو الأهم بالنسبة ل "الروسنيري" إلى 50 نقطة، بفارق نقطة وحيدة عن جوفنتيس قبل لقاء الفريقين السبت المقبل في سان سيرو، في مباراة سيحاول خلالها رفقاء مصباح الاطمئنان على الريادة. الشوط الأول كان أفضل من جانبه وأدى مصباح شوطين مختلفين نسبيا الأول كان حسنا والثاني متوسطا، ففي المرحلة الأولى لعب متحررا وصعد أكثر، كما أنه أمن جهته الدفاعية أمام الضعف الكبير لهجوم تشيزينا، الذي اكتفى بمتابعة ما يحصل ولعب دور المتفرج أمام هدفي مونتاري (د28) وايمانيلسون (د30) في غياب رد فعل واضح. وحاول مصباح الصعود إلى الهجوم ومساعدة زملائه مع تخفيف الضغط خاصة على مونتاري وروبينهو، لكنه كان بحاجة إلى جرأة أكبر وربما إلى وقت آخر للتعود أكثر. هجوميا ظهر بشكل واضح مرتين في المرحلة الأولى وقد حاول مصباح أن يقوم بفتحات باتجاه زملائه، لكنه لم ينجح سوى في تحويل كرة عكسية وحيدة (د36) نحو زميله لوبيز قبل أن يخرجها الدفاع في آخر لحظة، كما أنه دفع في (د17) يوهان بن علوان الفرنسي الجنسية من أصول تونسية، إلى ارتكاب الخطأ عليه على مقربة من منطقة العمليات من الجهة اليمنى، أين جلب مخالفة مهمة إلى فريقه لم تستغل بشكل جيد. فيما كانت تمريرات مصباح طيلة المباراة في شكل تبادل عادي للكرة، من دون ارتكاب أخطاء في التمرير من جهة ومن دون إبداع كبير من جهة أخرى، ليبقى أداؤه بشكل عام عاديا طيلة 90 دقيقة التي شارك فيها. فريقه تراجع في الثاني و مردود الجميع كان أقل وبعد أن نجح فريق ميلان في التسجيل مرتين في الشوط الأول، تراجع بشكل كبير في المرحلة الثانية خاصة في بدايتها، وحتى الهدف الثالث الذي سجله روبينهو (د54) كان عكس مجرى اللعب، وسجل الفريق المحلي هدفا من بودي في (د65) بتسديدة قوية خادعت الحارس، سبقتها فتحة من جهة مصباح الذي لا يلام كثيرا عن الهدف. وقد كان مردود اللاعب الدولي الجزائري مثل كل زملائه أقل نشاطا وحيوية، سواء من الناحية الدفاعية أو الهجومية مع تسجيل انتعاشة في الأداء العام لأصحاب الزي الأحمر والأسود، في الدقائق الأخيرة لاسيما بعد دخول الشعراوي. جهته الأقل نشاطا في المرحلة الثانية ولم يصعد وكانت جهة مصباح في الشوط الثاني عكس الأول أقل نشاطا، فيما نشطت الجهة اليمنى لفريقه حتى أن المدافع الأيمن أباتي كان وراء الهدف الثالث بكرة جميلة مررها لروبينهو، وحرره وجها لوجه ما سمح للاعب البرازيلي بتسجيل هدفه الخامس في 3 مباريات. وكان من الواضح أن مصباح قد فضل أن يقوم بدوره الدفاعي في الشوط الثاني، خاصة أمام الاندفاع القوي لتشيزينا الذي لم يكن لديه ما يخسره في هذه المباراة، ما جعله لا يلمس كرات كثيرة في النصف الثاني من الملعب، مكتفيا بدور دفاعي مقبول عموما بتوصيات على ما يبدو من المدرب أليغيري. كان قادرا على استثمار الفرصة بشكل أفضل في مباراته ال 50 في الكالتشو وبالنظر إلى ضعف المنافس خاصة في المرحلة الأولى ونتيجة المباراة، فإن مصباح كان قادرا على تأدية مباراة أفضل بالنظر إلى مستواه وإمكانياته، ولكنه لم يستثمر بشكل جيد عودته إلى التشكيلة الأساسية، ليس لأنه كان سيئا أو ارتكب هفوات مؤثرة، بل لأنه أدى مباراة عادية للغاية دون أن يترك لمسات كبيرة على فريقه خاصة في الشق الهجومي. يحدث هذا في انتظار مباراة جوفنتيس السبت المقبل، وهي المباراة المصيرية التي يبقى السؤال مطروحا قبلها إن كان سيجدد فيه أليغري الثقة أم لا، خاصة أنه في مباراته رقم 50 في الكاليتشو الإيطالي لم يلعب بالشكل الذي يترك مدربه يجدد فيه ثقته، خاصة إذا عرفنا أن المدرب السابق لنادي كالياري لم يرس على قرار ولا يزال يناوب كل مرة بين مصباح وزميله أنتونيني. ------------ مصباح: "فوزنا أمام تشيزينا هام قبل مواجهة جوفنتوس" صرّح المدافع الجزائري لميلان جمال مصباح عقب فوز فريقه أمس على تشيزينا قائلا: "هذا الفوز كان هاما بالنسبة لنا قبل لقاء القمة السبت المقبل أمام جوفنتوس لأننا كنا نريد أن نخوض المباراة ونحن نقاسمهم الريادة رغم أنّ المهمة لم تكن سهلة أمام تشيزينا التي يبقى صعبا فوق ميدانه، وقد تمكّنا من السيطرة على كل أطوار المباراة خاصة بعد أنهينا الشوط الأول متفوقين في النتيجة وهو ما سهّل مأمورية تحقيق هذا الفوز الثمين". "مباراة جوفنتوس ستكون هامة لكنها ليست حاسمة" يقول مصباح عن المباراة التقليدية المقبلة أمام جوفنتوس أنها هامة لمواصلة مشوار اللعب على اللقب حيث قال: "نلعب منذ أكثر من شهر ثلاث مرات في الأسبوع سواء تعلّق الأمر بالبطولة أو الكأس أو رابطة أبطال أوروبا، لكن هذه المرة سنحضّر لمدة أسبوع كامل لهذه المباراة التي تبقى هامة بالنسبة لنا لكنها ليست مصيرية".