أيّد علماء أزهريون فتوى إماراتية صدرت الأحد تبيح للعمال الذين يعملون في جو شديد الحرارة والرطوبة الإفطار في رمضان إذا كانوا لا يتحملون الصوم وسط هذه الحرارة. وجاء في الفتوى التي نُشرت على موقع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف "يباح الفطر لأصحاب المهن التي تأخذ من أصحابها جهداً ومشقة فوق طاقتهم أثناء نهار رمضان، لأن القاعدة الشرعية تقضي بأن المشقة تجلب التيسير، إلا أنه يشترط لذلك أن تكون للعامل "نية الصوم فعلاً، وإذا وجد مشقة شديدة في أثناء يوم صومه حينها يُباح له الفطر". يجب أن يبدأ يومه صائماً وقد صدرت هذه الفتوى بناءً على سؤال لعامل في منصة نفطية عن حكم الصيام والعمل في أوقات شديدة الحرارة والرطوبة؛ إذ من الممكن تعرُّض العامل للسقوط، وتشنج الأعصاب، وإصابات أخرى خطيرة بسبب فقدان الماء والأملاح من الجسم خلال العمل. وقال الشيخ فرحات السعيد المنجي، من كبار علماء الأزهر ل"العربية.نت": "إن الفتوى صحيحة فهناك أعمال شاقة مثل العمل أمام الأفران وفي المحاجر ومصانع الحديد والصلب والمناجم ومنصات النفط، ففي مثل هذا الجو الذي ترتفع فيه درجات الحرارة مناخياً، يكون العامل في مثل هذه الأماكن معرضاً لنوعين من الحرارة وهي حرارة الجو الطبيعية وحرارة المكان الذي يعمل فيه، وفي هذه الحالة يجوز لهؤلاء العمال الإفطار في نهار رمضان إذا وجدوا مشقة في الصوم وتبين تعرض هؤلاء العمال لأضرار صحية". وأضاف الشيخ فرحات المنجي "أن القاعدة الشرعية التي استندت إليها هذه الفتوى صحيحة أيضاً، لكن يشترط أن يبدأ العامل صومه عاقداً النية على الصوم، وإذا ألمت به مشقة يجوز له الإفطار، ويقضي هذا اليوم في يوم آخر". وأيّد د. أحمد طه ريان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر هذه الفتوى، وقال "إن قاعدة المشقة تجلب التيسير قاعدة فقهية معروفة وموجودة ويجوز الاستناد إليها في إباحة الإفطار لمثل هؤلاء العمال، فلدينا مثلاً المزارعون في الحقول الذين يتطلب عملُهم التواجد تحت حرارة الشمس". وتابع: "وهناك عمال المخابز الذين ينتجون الخبز ويقفون أمام لهيب الحرارة، هؤلاء يجوز لهم الإفطار، لكن يشترط أن يعقد النية على الصوم من الليل، وعليهم أن يبدأوا صيامهم بشكل عادي، وإذا شعروا بالإجهاد وفقدوا قدرتهم على تحمل الصيام يجوز لهم الإفطار، ولكن لا يحق للعامل في مثل هذه المهن عدم تناول السحور وينوي الإفطار من الليل اعتماداً على هذه الفتوى وحرارة الجو، فربما تنخفض درجات الحرارة". الفتوى في صالح الشركات من جهته، أشاد الدكتور سامي الماجد، أستاذ الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالفتوى، وقال تشكر هيئة الفتيا التي أصدرت هذه الفتوى في مراعاة أوضاع العمال في دول الخليج العربي الذين يرزحون تحت أشعة الشمس اللافحة. وأضاف: "لكن المآل أن هذه الفتوى قد تعطي الحق في التعسف بالنسبة للشركات وأصحاب رؤوس الأموال بألا يبالوا بحقوق هؤلاء، وأن يجعلوهم يعملون في ساعات الظهيرة شديدة الحرارة، ويقال له إن كان يريد أن يصوم يؤجل صيامه. "الفتوى مآلُها لهذه الشركات وليس للعمال". ويتوافق شهر رمضان المبارك هذا العام مع شهر أوت الذي تتجاوز الحرارة فيه 45 درجة مئوية في أغلب الدول الخليجية.