يعد شهر رمضان من أفضل الشهور عند الله تعالى، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم، وهو أيضا شهر التقوى والعبادة، ففيه يكثر المسلم من قراءة وتلاوة القرآن كلما سنحت له الفرصة، لذا فإن أغلب المواطنين يقبلون على شراء المصاحف المكتوبة، وتلك التي تكون على شكل أشرطة و(سيديهات)، بالإضافة إلى تلك التي تكون محملة بمختلف المواعظ والنصائح والدروس الدينية، التي يفضلون الاستماع إليها بأصوات أشهر المقرئين، على غرار الشيخ السديس، والشيخ عبد الباسط وغيرهما من المقرئين المشهورين بين مختلف شرائح المجتمعات العربية. وعليه، ومن أجل كسب المزيد من الأجر والثواب، فقد قرر العديد من المواطنين التغيير إلى الأفضل، وهو ما جعلهم يختارون أشرطة و(سيديهات) القرآن الكريم، لتعوض (سيديهات) وأشرطة الأغاني ببيوتهم وسياراتهم ومحلاتهم، وكذا على حواسيبهم الشخصية، فبعد أن قضوا شهورا عديدة في الاستماع إلى مختلف الطبوع الغنائية، هاهم اليوم يتخلون عنها بمجرد حلول شهر رمضان الكريم، وهو ما لاحظناه خلال الأيام التي انقضت من هذا الشهر، فالكل يستمع إلى القرآن لا غير، ففي البيوت استبدلت محطات الأغاني بمحطات القرآن الكريم، وحتى في السيارات فإن صوت القرآن الكريم هو من يدوي منها، وكلما تمر علينا سيارة ما، إما نستمع إلى بعض من الآيات القرآنية، أو بعض الدروس والمواعظ والنصائح الدينية، وحتى بالنسبة إلى بعض الشباب، الذين عودونا في الأيام العادية، على صوت الأغاني الهابطة الذي يدوي من سماعات هواتفهم النقالة، انضموا هم أيضا إلى الآخرين، وقاموا بمسح تلك الأغاني وعوضوها بتحميلهم لآيات وسور القرآن الكريم. وفي هذا الصدد، يقول لنا شاب في العشرينيات من العمر، إنه قام باستبدال كل أشرطة الأغاني التي كانت في سيارته، بأخرى تحمل آيات وسور قرآنية، ليضيف بأنه ينوي أن يتخلى عنها كلية، وليس فقط في شهر رمضان، لأن الأجر الذي سيتحصل عليه من الاستماع إلى القرآن الكريم وحفظه، أفضل بكثير من السيئات التي يجمعها وهو يستمع إلى الأغاني ويحفظها،ليعقب بأنه كلما استمع إلى القرآن أحس براحة تامة وهدوء لا مثيل له، وهذا ما جعله يتخذ هذه الخطوة، ويصر بل ويحرص حرصا شديدا، على تنفيذها والحفاظ عليها بعد انقضاء الشهر الكريم وفيما تبقى من حياته إن شاء الله تعالى. شابة أخرى قالت لنا، بأنها كانت من بين الأشخاص المدمنين على الاستماع إلى الأغاني، بمختلف طبوعها وأنواعها، فهي لا تفارقها للحظة، وأينما رأيتها تجد سماعات هاتفها النقال في أذنها، لتضيف بأنها وفي ليلة من ليالي الشهر الكريم، وبينما كانت تستمع إلى الأغاني كعادتها، قاطعتها أختها وحدثتها بفضل قراءة وتلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان، كما أخبرتها بالأجر الكبير الذي ستناله، وبما أنها لا تستطيع مفارقة سماعاتها وهاتفها المملوء بالأغاني، اقترحت عليها أختها أمرا، وهو أن لا تستغني عن عاداتها، وإنما تقوم بتغيير صغير وجد بسيط، وهو أن تعوض تلك الأغاني، بسور وآيات وأحاديث، وقصص وعبر قرآنية، ومنذ ذلك اليوم وهي مداومة على تلاوة القرآن والاستماع إلى أحاديثه الكثيرة، لتتمنى بدورها عدم الرضوخ إلى الشيطان بعد انقضاء الشهر الكريم، وتحافظ على هذا القرآن الذي أدخل الراحة والطمأنينة إلى قلبها.