انتشرت في الآونة الأخيرة خدمة جديدة خاصة بالهواتف النقالة، وهي تحميل أغاني ومقاطع موسيقية من أجل استبدال رنة الانتظار العادية بها، حيث روج لهذه الخدمة من طرف العديد من متعاملي الهاتف الجوال في بلادنا، وعن طريق بعث رسالة نصية قصيرة، ودفع مبلغ معين من المال، سيتم تزويدك برنة انتظار جميلة، حسب ذوق كل واحد منا، وبمختلف الطبوع الجزائرية والشرقية والغربية، وعليه أقبل العديد من المواطنين على تحميل هذه الخدمة من أجل الاستفادة من رنة جميلة، تحل محل رنة الانتظار العادية، غير أنه انتشرت مؤخرا ظاهرة جديدة، وهي تغيير رنة الانتظار ببعض المقاطع من الآيات القرآنية، والأدعية والأناشيد الدينية بصوت ثلة من أشهر المقرئين والمرتلين والمنشدين، الذين لمعوا في مجال الترتيل وتجويد القرآن الكريم، على غرار السديسي وعبد الباسط عبد الصمد وأحمد أبو خاطر، وغيرهم ممن تركوا بصمتهم على الساحة العربية والإسلامية· لقد ساعد التطور التكنولوجي، وظهور الأجهزة ووسائل الاتصال الحديثة العديد من المواطنين على اختيار وانتقاء كل ما يجول في خاطرهم، من مزايا ورنات، وجاءت خدمة رنات الانتظار، ليتمتع البعض بالأغاني والموسيقى التي يحبها، والتي سيتمكن كل من يتصل به من الاستماع إليها، ولما لا فإنه سيخطو خطوته هذه ليستفيد هو أيضا من رنة جميلة لهاتفه، غير أن البعض الآخر وجد من المقاطع القرآنية والأدعية الدينية سبيلا يتفادى به هذه الرنات والأغاني الهابطة والماجنة، وكان اختيارهم لها، ليتفادوا أيضا الوقوع في مخالفات شرعية، عقابها عسير في الآخرة، وعليه فإن هذه الأسباب تعد من أهم ما دفع بهؤلاء إلى استبدال الأغاني بالآيات القرآنية والأدعية، وعليه فمؤخرا بتنا نستمع إلى العديد من الأدعية والآيات القرآنية، كلما اتصلنا بشخص ما عبر هاتفه النقال، وهي كلها مقاطع بأصوات أشهر المرتلين والمنشدين· إن الترويج لهذه الخدمة من طرف بعض متعاملي الهاتف النقال في بلادنا ساهم في انتشارها أكثر بين الناس، خاصة وأنهم يقومون ببعث رسائل نصية قصيرة على أرقام مشتركيهم، توضح لهم كل خطوات الخدمة، وتضع بين أيديهم العديد من المقاطع القرآنية والأدعية، وللمشترك حرية الاختيار، غير أن هذا الأمر لقي استحسانا عند البعض، واستهجانا عند البعض الآخر، خاصة وأن البعض يعتبرها متاجرة بكلام الله، وما ترويجها بين الناس سوى لكسب المال فقط· وفي هذا السياق يقول أيمن وهو طالب جامعي، إنه يرتاح كثيرا عند سماع القرآن، وهو الأمر الذي دفعه إلى اختيار أحد مقاطع الآيات القرآنية، كرنة انتظار له، ليضيف بأنه يحب كل ماهو هادئ، لذلك فقد وجد في الأدعية كل ما يريد· شاب آخر يقول بأنه لم يكن ممن يرغبون في تحميل هذه الخدمة في بداية ترويجها، لأنها في الأول كانت خاصة بالأغاني التي يرى بأنها هابطة ولا ترتقي إلى أن تكون كرنة انتظار، ليعقب قائلا إنه حتى وإن أراد هو ذلك، فإن هناك من سيتصل به لا يستمع إلى ما يستمع هو إليه، وعليه فهو بذلك قد اختار دعاء جميلا، خاصة وأن الأدعية تبعد الهم والغم عن القلوب، لذلك فإن كل من سيتصل به، سيستفيد من لحظات تزيح عنه الهم والغم· من جهته يقول السيد مراد، بأنه لا بأس من سماع تلك النغمات والأناشيد الدينية على الهواتف النقالة، ولكن استخدام مقاطع لآيات قرآنية هو اللامقبول لأن القرآن الكريم محفوظ والمتاجرة به تعد مخالفة للشريعة الإسلامية، كما أن هناك البعض من الناس الجاهلين لا يحبذون الاستماع إلى هذه المقاطع القرآنية، وهو الأمر الذي يعتبر تعديا على حرمة كلام الله عز وجل· سيدة أخرى تقول بأنها ضد هذه الخدمة، لأنها تعتبرها نوعا من التهرب لأن هناك البعض من الناس يستعملونها كغطاء يتسترون به عن أفعالهم المشينة، لأنه في رأيها من غير المعقول أن تكون على معرفة بشخص، وتعرف عليه كل ما يفعله، وعند الاتصال به تستقبلك رنة عذبة من آيات القرآن الكريم أو الأدعية الدينية· وفي السياق ذاته يجمع الأئمة والشيوخ على أن إذا كان الترويج لهذا الأمر بدافع الإنسانية، فهو مرغوب ومحبب، لأنه بذلك يعد وسيلة من وسائل الدعوة لله تعالى، أما إذا كان غير ذلك، وكان الهدف منه الربح والمتاجرة لا غير، فإن هذا الأمر يدخل في باب المتاجرة بكلام الله، كما أن القرآن يهدى ولا يباع، والمتاجرة به عن طريق رسائل الأس أم أس، يعد مخالفا للشريعة، ويعرض الإنسان للوقوع في الخطأ·