تعرف ظاهرة بيع الخمور في الجزائر انتشارا واسعا، هذه الظاهرة التي استفحلت خلال هذه الفترة، حيث انتشر شرب الخمر بشكل ملفت للانتباه في بلدنا، والأمر الذي أثار دهشتنا هو ذلك النشاط الكبير الذي عرفته معظم الحانات التي ذهبت مسرعة إلى فتح أبوابها بمجرد الانتهاء من شهر الصيام دون خجل أو حياء، غير مكترثين بهذه الأيام المباركة التي لا زلنا نعيشها في شهر شوال المعروف بصيام أيامه أو ما يعرف بالصابرين التي تمتد إلى غاية نهاية الشهر، ففي الوقت الذي لا يزال الكثير من المواطنين يصومون نجد البعض الآخر تحرر نهائيا من قيود رمضان ليعود إلى عالم المتعة والرذيلة التي يحياها بين أحضان الحانات التي عادت لمزاولة نشاطها وبشكل عادي حتى في الأيام الأولى من العيد. وفي الوقت الذي عرفت فيه المحلات المختلفة زحمة بسبب التأخر في استئناف العمل نجد العكس عند مالكي تلك الحانات التي فتحت أبوابها أمام مرتاديها ومدمني الخمور الذين فرحوا بانتهاء شهر الصيام حتى يعودوا إلى مداعبة الكأس واحتضان الجعة.. هي مشاهد طبعت يوميات الأحياء بالعاصمة ومناطق متفرقة داخل المدينة وضواحيها، الأمر الذي أثار استياء الكثير من المواطنين القاطنين بالحي خاصة في الفترة المسائية إلى غاية ساعات متأخرة من الليل مما انعكس بالسلب على القاطنين هناك الذين يتعرضون في الكثير من الأحيان إلى التحرشات والاعتداءات والشتائم القبيحة، هذا إلى جانب الاشتباكات والشجارات التي باتت مصدر إزعاج. ففي الوقت الذي لا يزال الكثير من المواطنين يتبادلون تحية العيد عبر العديد من شوارع العاصمة تسارع هؤلاء إلى ملء بطونهم بالخمر وتحليهم بالصفات القبيحة التي من شأنها أن تحد من قيمة الإنسان التي حفظها وصانها ديننا الحنيف ضاربين بذلك كل القيم والأعراف الاجتماعية، ففي حي ديدوش استرقنا السمع من بعض الفتيات في مقتبل العمر اللواتي كن متجهات إلى حانات الحي المعروفة باسم (القلب المقدس) التي أخذت من أسفل العمارة مكانا لها، انتظرنا برهة في الجهة المقابلة للعمارة الى غاية خروجهن فوقفنا مندهشين لبساطة المظهر عند هؤلاء وهن يحملن أكياسا تحتوي على أنواع مختلفة من قارورات الخمر الملفوفة ببعض الأوراق أمام أعين الكل، الأمر الذي زاد من حدة الفضول لدينا مما دفعنا إلى الاحتكاك بهن وطرح بعض الأسئلة وبداخلنا خوف من ردة الفعل التي يمكن أن تصدر منهن. ولدى سؤالنا لهن عن سبب لجوئهن إلى هذا المكان خلال هذه الفترة بالذات أجابت ليليا البالغة من العمر 25 سنة بقولها: (وأين المشكل في ذلك فشهر رمضان قد مضى ولا عيب في احتساء بعض الشراب مع الأصدقاء من أجل إكمال الجلسة الحميمية التي حرمنا منها طيلة شهر الصيام)! تركنا الشابات ونحن في حيرة من أمرنا من هذه الظاهرة التي اختلط مفهومها عند الكثيرين فلا ندري إن كانت تعني التفتح والتقدم ونوعا من أنواع الموضة، أم التخلف والبعد عن الدين عكس ما يظنه هؤلاء. ولعل الأمر الذي ساعد على انتشار مثل هذه الأفعال الدخيلة على مجتمعنا حسب ما صرحت لنا به السيدة (نبيلة) يعود إلى غياب الرقابة على مختلف تلك الحانات التي باشرت نشاطها مباشرة بعد انقضاء شهر رمضان الذي انتهت أيامه المباركة بعدما كان الناس ينزعجون ويشتكون من صيام ما يقارب 16 ساعة في عز الحر تولى هذا الشهر تاركا وراءه فراغ رهيبا في النفوس وفتح مجالا لانتشار مثل هذه الآفات التي انطلقت بمجرد مضي ساعات قليلة من انتهائه.