حان موعد نهاية العطلة الصيفية، ومعه شرع العديد من المواطنين المغتربين في جمع أمتعتهم وهذا من أجل العودة إلى مختلف البلدان الأوربية التي قدموا منها لقضاء العطلة الصيفية ورمضان في بلدهم الأم الجزائر، وبين أهلهم وأقاربهم وأحبابهم، حيث تنتظرهم هناك أعمالهم وانشغالاتهم الكثيرة، التي تركوها لمدة فاقت الشهر تقريبا، غير أن ما يلفت الانتباه في كل هذا، هو الكم الكبير من الأمتعة التي يأخذها هؤلاء المغتربون من هنا، في حين أن البلدان التي يعيشون فيها تتوفر على أحسن وأفخر أنواع الألبسة والأغطية، وأجود أنواع الأغذية والمأكولات. ففي الماضي كانت عودة المغتربين إلى بلدانهم بمثابة بوابة الخير للعديد من الأهل والأقارب، نظرا لجلبهم الملابس والحلويات والأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية، لا يستطيع من يعيش بالجزائر مجرد الحلم بها، غير أن اليوم انقلبت الأدوار، وأصبح المغتربون لا يتوانون في أخذ كل ما يلزمهم من حاجيات، يتم اقتناؤها من السوق الجزائرية وبأسعار جد رخيصة، ليتم بعد ذلك شحنها معهم إلى بلاد الغرب، فبداية من الألبسة والأغطية، يقوم المغتربون بشراء كميات هائلة من المواد الاستهلاكية، خاصة التقليدية منها، كالعدس واللوبيا والكسكسي و البركوكس، إضافة إلى مختلف أنواع زيت الزيتون، وغيرها من المواد التي لا توجد بكثرة في تلك البلدان، وإن وجدت فإن أسعارها تكون جد غالية. ومن خلال مكوثنا بقاعة الانتظار لمطار هواري بومدين، من أجل توديع أحد أقاربنا العائد إلى فرنسا، وهي القاعة التي كانت ممتلئة عن آخرها بالمسافرين العائدين إلى بلدانهم، لاحظنا أن هؤلاء المسافرين، كانوا يحملون كما كبيرا من الأمتعة مختلفة الأنواع والأشكال، من أفرشة وأغطية وملابس وغيرها، غير أن ما يثير الدهشة والاستغراب في هذا الوضع، هو أن هذه الدول الأجنبية هي واحدة من أهم الأسواق العالمية، ومعقل لأجود وأفخر المنتجات العالمية. ولمعرفة المزيد عن هذا الأمر، قمنا بالحديث مع البعض منهم، إذ قال لنا السيد محمد البالغ من العمر 50سنة، والذي كان متجها إلى فرنسا رفقة زوجته وأولاده، بأنه يحمد الله كثيرا على العطلة الرائعة التي قضاها في كنف عائلته وأحبابه، ليضيف بأن الوقت قد حان للعودة إلى الديار، وهذا من أجل مزاولة أعمالهم وبقية أشغالهم، وعن رأيه حول الكم الهائل للأمتعة التي صار المغتربون يأخذونها معهم، قال لنا بأن الأسعار في بلاد الغربة جد غالية، وهو لا يستطيع شراءها من هناك، لذا فهو يتعمد في كل مرة يأتي فيها إلى الجزائر في الذهاب إلى السوق واقتناء كل ما يحتاج إليه من أفرشة وأغطية وألبسة، وفي الكثير من الأحيان يقوم باقتناء البعض من المواد الاستهلاكية التي لا تتوفر عليها أسواق فرنسا، لتضيف سيدة أخرى، بأنها كلما تأتي إلى الجزائر تقوم بشراء أكبر كمية ممكنة من الملابس والأفرشة وأحيانا حتى الأدوية التي نحتاجها طيلة إقامتنا في انجلترا، وهذا كي تتمكن من ادخار المال المناسب والذي يكفيها لبناء بيت أحلامها في مسقط رأسها بتيبازة، وهذا كي تجتمع فيه مع أفراد عائلتها، وهي التي تفكر بالعودة والاستقرار في البلاد بعد أكثر من عشرين سنة قضتها في بلاد الغربة، بعيدا عن الأهل والأقارب والأحباب.