تشهد عدة أحياء سكنية بالعاصمة ظاهرة غير حضارية دخيلة على المدن الجزائرية، يلجأ إليها الكثير من سكان الطوابق الأرضية بالعمارات، حيث يقوم هؤلاء بالاستحواذ والتعمير فوق المساحات المجاورة لمنازلهم وبنائها من كل الجهات سواء من الواجهة الأمامية أو من الجهة الخلفية للعمارات. يلاحظ المتجول للوهلة الأولى بأحياء الجزائر العاصمة وخاصة الأحياء الشعبية منها، مدى حجم التحول في شكلها الخارجي، حيث عمد أغلبية ساكني الطوابق الأرضية داخل العمارات إلى استغلال المساحات التي تطل عليها نوافذهم وكأنها ملكية خاصة لهم، إذ يقومون ببناء أسوار تحيط بمنازلهم باستعمال الآجر أو الأسلاك وأحيانا باستخدام صفائح القصدير، فبعضهم يستعملها كحدائق خاصة بهم حين يقومون بغرس الأشجار والزهور والأعشاب داخلها، فيما يستعملها البعض الآخر لبناء غرف نوم أو مطابخ أو حتى مخازن للخردوات وجعلها آخرون كمرائب لسياراتهم مبررين ذلك بضيق منازلهم وأزمة السكن الحاصلة بالبلاد. وتؤثر هذه الأبنية الفوضوية التي تبنى على شكل أكواخ على المنظر الجمالي والطابع العمراني للأحياء، إضافة على تضييق الأزقة والأرصفة التي تعد مساحات لمرور الراجلين وكذا للعب الأطفال، هذا ما يدفع الأطفال بهذه الأحياء للعب وسط الطريق ما يشكل خطرا على حياتهم، حيث يرى أصحاب الطوابق العلوية في العمارات التي تشهد هذه الظاهرة أن هذه البنايات أو بالأحرى الأكواخ تشوه الحي والمدينة على حد سواء، فحسب رأيهم صارت أحياؤهم وكأنها أحياء قصديرية رغم أنها عبارة عن عمارات، كما يقول أحد سكان الأحياء التي تعاني من البنايات الفوضوية الملتصقة بالعمارات، إنه وأبناء حيه قد استفادوا من سكنات اجتماعية بعدما كانوا يسكنون بأحياء قصديرية ليجدوا أنفسهم أمام نفس المنظر الذي كان يزعجهم سابقا. ويرى آخرون أن هذه البنايات تسبب عدة مشاكل بين الجيران جراء تصرفات مالكيها الذين يعتبرون كل ما يجاور منازلهم ملكية خاصة ممنوع على أي أحد الاقتراب أو الوقوف فيها، وهذا ما يتسبب في شجارات بين الجيران بالأخص حين يحاول أحدهم ركن سيارته بجوار إحدى هذه البنايات الفوضوية ليتدخل صاحبها مانعا مالك السيارة من ركنها ما يخلف شجارات عنيفة بين السكان، ليضيف آخرون أنه في كل مرة تسقط أشياء من نوافذهم إلا و استعصى عليهم الأمر لاستردادها كونها عوض أن تسقط في الشارع وتسترد حين وقوعها فهي تسقط داخل هذه البنايات التي أحيانا يكون أصحابها خارج بيوتهم ما يضطر مالكيها إلى الانتظار حتى يعود أصحابها إلى مساكنهم، ولعل أكبر مشكلة تواجه جيران من احتلوا الأرصفة هي أماكن لعب أولادهم بعدما استولى عليها هؤلاء، حيث لم يعد هناك مكان آمن وبعيد عن السيارات يلعب الأطفال فيه، إضافة إلى عدة مشاكل أخرى تسببها هذه البنايات الفوضوية. ويبرر أصحاب هذه التصرفات أفعالهم كون شققهم ذات مساحات صغيرة وقليلة الغرف، ما يجعل العيش فيها صعبا مع العدد الكبير لأفراد العائلة مما اضطرهم إلى توسيع مساكنهم واستغلال المساحات الشاغرة المحيطة بهم، ويقول أحدهم إن ضيق مسكنه المتكون من 3 غرف ومطبخ لم يتسع لأبنائه السبعة وابنه المتزوج فلم يكن منه إلا أن قام ببناء غرفة نوم لابنه المتزوج بجنب مسكنه كحل للمشكل بعدما قدم ولده عدت ملفات للحصول على مسكن لكن دون جدوى، وإن كانت مشكلة ضيق المساكن هو الدافع وراء هذه التصرفات بالنسبة لمحدثنا فإن هناك آخرين لا يعانون من أي مشاكل بسكناتهم لكنهم يقومون بإنشاء أكواخ ملتصقة بمنازلهم واستعمالها كأماكن لوضع الخردوات، كحال أحد المواطنين والذي يقيم مع زوجته وابنه فقط، وعندما سألناه عن السبب الذي جعله يطوق مسكنه من كل الجهات بالأسلاك كان رده أن ما قام به هو من حقه وأن ما جعله يفعل هذا هو منع أي أحد من الجلوس أمام نوافذ منزله، وأيضا للاستفادة من مكان شاغر قد يصبح مكانا لتجمع البطالين، وعن المنظر غير الحضري الذي تخلفه هاته التصرفات كانت إجابته بأن الكل يقوم ببناء المساحات المجاورة لهم وأن هذا لا يؤثر على البيئة بشيء. وتبقى قلة الرقابة ونقص الوعي لدى المواطنين هو وراء انتشار هذه الظاهرة التي تعطي للأحياء إطلالة غير لائقة ولا تمت للحضارة التي نسعى إليها بصلة، لهذا يطالب البعض بتكثيف الرقابة بالأحياء للقضاء على هذه البنايات والأكواخ التي تشوه المنظر الجمالي للعاصمة.