لا تزال البنايات القديمة الآيلة إلى السقوط، مع فوضى التجارة وبيوت الصفيح، الشغل الشاغل لأغلب مواطني بلدية بلوزداد، الذين ينتظرون تحسين الإطار المعيشي، واستدراك النقائص التي تشكل هاجس المواطنين، خصوصاً شاغلي العمارات المصنفة في الخانة الحمراء بنهج ''سارفنتاس''، مثلما لاحظناه في زيارتنا الميدانية، والتي صارت هشاشتها مصدر خوف وتوجس للشاغلين منذ عدة سنوات. وفي الجولة الميدانية التي قادتنا إلى أزقة وشوارع بلدية بلوزداد العتيقة بالعاصمة، جعلتنا نلاحظ قدم العمارات التي يعود تاريخ البعض منها إلى الحقبة الاستعمارية والعهد العثماني، وتكاد التشققات تنطق وتحكي روايات أبطال بلوزداد، وهو شعور يلتمسه الزائر لهذه المنطقة التي تقع بقلب العاصمة، لكن العودة إلى الواقع تكشف مدى الخطر المحدق بالسكان، معرضين للموت تحت الأنقاض في أية لحظة. عمارات مصنفة في الخانة الحمراء لا تزال آهلة بالسكان وقد أصبحت الحياة مستحيلة في بعض العمارات الموجودة ببلدية بلوزداد، خصوصا بعدما صنفت في الخانة الحمراء عقب زلزال بومرداس ,2003 وأصبحت حياة سكانها معرضة للخطر، حيث لم تعد تستجب هذه العمارات لعملية الترميمات التي يقوم بها القاطنون بها في كل مرة، وهو الأمر الذي لاحظناه في زيارتنا لبعض العمارات، نذكر منها العمارة رقم 41 و33 بنهج ''سارفونتاس''، ويمكننا القول؛ إن الساكن بهذه العمارات يحس دائما بهزات ارتدادية مستمرة، حيث أن المتجول في غرف العمارات أو الصاعد عبر سلالمها، يحس باهتزاز الأرضية تحت أقدامه، وحسب السكان، فإن هذه العمارات تشهد انهيارات جزئية خطيرة تسببت مرارا في إصابة مواطنين بأضرار، وقد سجلت أغلب الإنهيارات في سقوط شرفات المنازل، مع انهيار بعض السلالم -يقول محدثونا من السكان- مشيرين إلى أن هذه العمارات تجعلهم يعيشون في خوف دائم، منتظرين السلطات المحلية التي زارت المكان وعاينته ووعدتهم بالترحيل، لكن تبقى الوعود مجرد حبر على ورق. كما أوضح السكان أن سكناتهم تشهد تصدعات وتشققات خطيرة على مستوى الجدران والأسقف التي تسمح بتسرب مياه الأمطار إلى داخل السكنات وكأنهم في العراء، فضلاً عن ضيق مساحة الشقق، فهناك عائلات تعيش في غرفة واحدة لا تسع لشخصين، إلى جانب مطبخ في حالة جد متقدمة من الاهتراء، كما أن قنوات الصرف الصحي جد متضررة، فحسب ما ذكرته لنا إحدى القاطنات التي تسكن بالطابق الأرضي بإحدى العمارات القديمة، فإن المياه الملوثة تغمر سكناتهم بمجرد امتلاء قناة التجميع الكائنة بوسط فنائها، وهي مغطاة بعجلات، مما يشكل خطرا على أطفالهم، لاحتمال سقوطهم، نفس الشيء يشكو منه سكان عمارة 87 و89 بشارع بلوزداد. سكان الصفيح بأعالي ''سارفنتاس'' في خطر وتؤكد العائلات الساكانة في البناءات الفوضوية بأعالي ''سارفنتاس''، أنها تلقت أمراً بإخلاء السكنات، بعدما أصبحت الحياة جد خطيرة؛ فبعد انهيار إحدى البنايات التي أدت إلى وفاة العديد من السكان، حسب ممثل الحي الذي ذكر لنا أن السلطات المحلية أمرت بترحيل السكان الأصليين للبنايات إلى شاليهات نتيجة الأضرار التي لحقت بها، وهذه العائلات الساكنة حاليا دفعتهم أزمة السكن للجوء إلى عمارة مهجورة لا تحتوي حتى على النوافذ، وجزء منها كان منهارا كليا، لكن فضلوا المجازفة بحياتهم على العيش في الشارع، كما قام البعض منهم ببناء سكنات فوضوية بأعالي الجبال التي توجد بها كهوف موحشة. وأكد محدثنا أن السكان يعيشون حياة صعبة وسط المخاوف، لأن بناياتهم محاذية لأحد الكهوف، ومن لا يعرف المنطقة، من المحتمل أن يسقط من أعلى، إضافة إلى ذلك، شهدت المنطقة حالة وفاة لطفل صغير بسبب لسعة ثعبان. وناشد السكان السلطات المحلية بضرورة التدخل قبل حدوث ما لا يحمد عقباه، مشيراً أن الخطورة تكمن في فصل الشتاء، بانجراف التربة وتسرب مياه الأمطار إلى البيوت، حيث تتحول المنطقة إلى شبه شلال، كما أن السكان رفعوا عدة شكاوى للسلطات المحلية من أجل ترحيلهم، كما تنقل رئيس بلدية بلوزداد ليقف على الوضع ويعاين المكان، وعلى الرغم من الوعود التي قدمها، بإيجاد حل لمعالجة المشكل وتسجيل أسماء هذه العائلات ضمن القوائم التي ستستفيد من عملية الإسكان، إلا أنها بقيت مجرد وعود شفوية، وأمام هذا الوضع، يطالب القاطنون بهذا الحي بضرورة التدخل العاجل من قِبل السلطات لتسوية وضعيتهم الحرجة. التجار غير الشرعيين يحرمون المواطن من الراحة ونحن نتجول بشوارع بلدية بلوزداد العتيقة، لاحظنا الانتشار الكبير للباعة الفوضويين الذين اكتسحوا الأرصفة والطرقات، مما يجعل تنقل المواطن وسائقي السيارات صعبا، كما اكتشفنا لدى زيارتنا لسوق ''مارشي ''12 و''العقيبة'' انتشارا للتجار غير الشرعيين داخل الأسواق الرسمية، وهو ما أكده لنا التجار الشرعيون، معتبرين الأمر خارجاً عن نطاق القانون، في ظل عدم مبالاة السلطات المحلية، حيث وضع بعض الشباب طاولاته جنبا إلى جنب مع الباعة المرخص لهم، مما ضيق من المساحات داخل الأسواق وصعب من تجوال المواطنين المتبضعين. من جهة أخرى، عبر سكان عمارة رقم 7 بشارع ''العربي التبسي''، عن قلقهم إزاء السوق الفوضوية المعروفة بسوق ''الدلالة'' المجاورة لعمارتهم، حيث تحول حيهم -مثلما يروي أحد السكان- إلى ساحة خاصة بالبطالين الذين استغلوها لعرض مختلف المنتوجات الاستهلاكية، مما عرقل حركة السكان الذين يجدون صعوبة في الخروج من منازلهم، إلى جانب أصوات الباعة العالية، التي تحرم سكان هذه العمارة من النوم والراحة، ناهيك عن الانعكاسات السلبية التي تلحق بالمحيط، البيئة والسلامة الإنسانية. القمامة ديكور يطبع شوارع بلوزداد أصبحت شوارع بلدية بلوزداد لا تخلو من القمامة، خصوصا في الفترات المسائية، أي عقب رفع التجار غير الشرعيين لطاولاتهم، تاركين وراءهم ديكورا منفراً، وعلى الرغم من أن المنطقة يقصدها العديد من الأجانب المتوجهين إلى حديقة ''الحامة'' و''مقام الشهيد''، مرورا بحي ''لعقيبة''، يقول أحد باعة الأقمشة بشارع بلوزداد؛ إن المواطن لا يعير المنطقة انتباها، كما أن السلطات المحلية لا تقوم بدورها كما ينبغي لرفع القمامة أو إلغاء الأسواق الفوضوية، مضيفا أن السلوكات غير الحضرية هي الأخرى تصدر من المواطن الذي يقذف بقمامته في أي مكان، ولا يهمه المنظر الخارجي للحي، واعتبر محدثنا أصحاب محلات الأكل السريع المتسببين الأوائل في هذه الوضعية، وأن انتشار القمامة راجع لعدم مبالاة عمال النظافة الذين يقومون فقط بتفريغ صندوق القمامة الكبير الذي يمتلئ في نفس اليوم، ويتركون ما حول الصندوق من أكوام القمامة. من جهتنا، توجهنا إلى بلدية بلوزداد لرفع انشغالات المواطنين حول المشاكل التي تشكل هاجسهم في عدة أحياء، لكن يقال لنا في كل مرة بأن المسؤولين غير موجودين.