تهدف الإعلانات الإشهارية إلى الترويج للمنتجات، في ظل المنافسة بين المنتجين للتأثير على المستهلك ويتأثر المجتمع الجزائري بكل الأحداث الجديدة عليه، ويتابع باستمرار التطورات التي تحصل على مختلف الأصعدة، لا سيما المتعلقة بالمواد الاستهلاكية والتي تعرف حملات اشهارية واسعة، تزداد مع كل موسم خاصة في الشهر الكريم الذي يكثر فيه الاستهلاك والإسراف وأيضا قبل العيد بترويجها لمختلف المواد المستعملة في صنع الحلويات. يعتبر الاستهلاك حالة نفسية قبل أن يكون حالة اقتصادية من خلال تأثر الإنسان بما يناسب ذوقه ورغباته، فيلجأ إلى طلب السعلة التي تنال إعجابه أحيانا دون التفكير في ما إذا كان سعرها فعلا معقولا حسب ما قيل في الإشهار، وينطبق هذا على المجتمع الجزائري باعتباره استهلاكيا، فلا يضيع أي فرصة لتجريب منتوج جديد شاهده في إعلان إشهاري ما على إحدى القنوات الفضائية أو الوطنية وسمع عن جودته أو انخفاض سعره من قبل الأصدقاء. ومن المعروف عن المواطن الجزائري ازدياد استهلاكه في الشهر الفضيل أين تكثر الأطباق وتتنوع وهذا ما يترجم في الكثير من الأحيان بإسرافه وتبذيره، بحيث يقوم بشراء كل ما هو جديد أو ما لم يستعمله أو يجربه من قبل متحججا برمضان واعتياد الناس على التنويع، هذا الاستهلاك الذي يتضاعف قبيل العيد حيث يصل الاستهلاك ذروته. ولكن في حقيقة الأمر ما دفعه إلى ذلك هو نجاح الحملات الترويجية لبعض المنتجات الغذائية، التي تبث بكثافة على شاشة التلفزيون، ويستعمل في تصويرها أساليب متطورة بعد دراسة متأنية للسوق. ربات بيوت لا يتحكمن في المصروف خلال رمضان نجاح الإعلانات الإشهارية يقاس بدرجة ازدياد الطلب على السلعة بعد الإعلان عنها في وسائل الإعلام المختلفة، بحيث تؤدي في العديد من المرات بربات البيوت إلى الخروج عن حدود الميزانية المسطرة للشهر، كحالة السيدة فاطمة الزهراء التي عبرت عن ذلك قائلة: ''أنا أم لثلاثة أبناء وأحاول في كل شهر أن أوفق في مصروفي بين حاجات المنزل وما يلزم أبنائي من ملابس وأدوات مدرسية، وأحرص على ذلك أكثر خلال شهر رمضان، لكني لا أوفق في ذلك بسبب ازدياد معدل الاستهلاك عن حدوده العادية، فنقبل على شراء كل ما نرغب فيه حتى لو لم نكن فعلا في حاجة إليه، والسبب في هذا يرجع إلى تأثر أبنائي الشديد بما يعرض في التلفاز من ومضات إشهارية، وبما أنني اعتدت على تلبية طلباتهم لا يمكنني أن أرفض لهم تجريب نوع معين من المنتجات ترغب فيه أنفسهم، خاصة في رمضان وأواصل على هذا المنوال حتى أجد نفسي مضطرة إلى الاستدانة من إحدى أخوتي في منتصف الشهر لأكمل شراء ملابس العيد لأبنائي وإعداد الحلويات. وكل هذا بسبب الإشهار'' وأضافت: ''قررت هذه السنة أن أشد الحزام وأرسم الحدود لمصاريفي حتى لا أتكبد توابع تهوري الاستهلاكي بعد انقضاء رمضان حيث نضطر منذ الأسبوع الأول إلى العودة للبقول الجافة''. أما السيدة بهية التي عبرت عن نجاح المنتجين والمسوقين من خلال اختيارهم الوقت المناسب قائلة: ''عندما نجلس جميعا إلى مائدة الإفطار ومباشرة بعد انتهاء آذان المغرب، يشرع التلفزيون في بث الإعلانات الإشهارية وخاصة تلك المتعلقة بالمواد الغذائية كالعصائر والمشروبات الغازية والأجبان والزيوت وغيرها من المواد التي يدفعنا شكلها والطريقة التي قدمت بها في التلفزيون إلى اقتنائها لتجريبها ونخدع أنفسنا فنقول إننا سنجربها هذه المرة وإذا لم تعجبنا لن نعاود شراءها، ولكن هذا السيناريو نكرره مع العديد من المنتجات فنخرج عن الميزانية المسطرة لهذا الشهر، ويرجع ذلك إلى حسن اختيار المسوقين أو المسؤولين عن الإشهار لتوقيت عرض الإشهار، فيكون أثناء اجتماع كل أفراد العائلة أو يتخلل المسلسلات والأفلام مما يفرض علينا متابعته ومع مرور الوقت نتأثر به ونسعى إلى تجريبه وخاصة إذا كنا جائعين''. ... وإشهار مكثف مع اقتراب العيد ما يزيد من حالة الإنفاق الواسع لدى النساء عموما خلال هذا الشهر هو السهرات التي تبادل خلالها الزيارات، ما يلزمهن على اقتناء أنواع مختلفة من المكسرات والحلويات الشرقية، علاوة على ما يلزم من مواد أساسية لتحضير الحلويات التقليدية في البيت كالفرينة والزبدة والخمائر الكيميائية والمواد الدسمة من سمن وزيت وغيرها من المواد التي تحتدم المنافسة بين منتجيها خلال هذا الشهر وخاصة مع اقتراب العيد، حيث يختار بعض هؤلاء المنتجين فقرات الطبخ التي تبث على القناة الوطنية لتمرير منتجاتهم سواء بعرض الإشهار بالطريقة الكلاسيكية أو برعاية البرنامج فيستعمل المنتج في تحضير بعض الأطباق الجديدة مما يضطر المشاهدات إلى شرائه للحصول على نفس النتيجة، فتقوم ربة البيت بتجريب صنع أنواع مختلفة من الحلويات التي لم تعتد تحضيرها، وتكون بذلك فرصة للتأكد من نتيجتها كيف ستكون خلال العيد، وتكون هي قد صرفت أكثر من المعتاد فقط لتجريب شيء جديد.