شهر رمضان ليس شهر العبادات وزيادة الطاعات فحسب، بل صار الناس يترقبون حلول هذا الشهر المبارك لمشاهدة البرامج التلفزيونية التي تتنافس في تقديم الجديد والأحسن، خاصة أن ما يقدم في رمضان يعتبر زبدة ما ينتج طول السنة، حيث يترقب المشاهدون بشغف جديد المسلسلات العربية الإمام ليشياني: الإفراط في تتبع القنوات الفضائية يلهي الصائم عن أداء فرائضه حتى تحول الأمر إلى هوس يطارد الجنسين، والسيدات بصفة خاصة، ما يجعلهن ينشغلن عن واجباتهن المنزلية وعن الطابع التعبدي للشهر الكريم.. وقد اختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض حول فكرة مشاهدة المسلسلات في شهر رمضان المبارك، خاصة أن بعض هذه المسلسلات يعرض لقطات إباحية لا تحترم خصوصية المشاهد المسلم، الذي يعتبر الصوم ليس عن الأكل فقط، بل بغض البصر أيضا عن كل المفاتن. قامت “الفجر” بجولة في الشارع لمعرفة بعض الآراء حول تأثير مشاهدة المسلسلات العربية في شهر رمضان، فكان لنا حديث مع بعض السيدات اللواتي التقينا بهن في شوارع العاصمة. تقول السيدة منال، ربة بيت، إنها في شهر رمضان تحاول أن توازن بين أداء الطاعات الدينية ومشاهدة المسلسلات. أما محمد، بائع في إحدى محلات بيع الألبسة بحسيبة بن بوعلي في العاصمة، فقال إنه يتابع المسلسلات، وخاصة “باب الحارة”، لكنه في الوقت نفسه يحرص على أداء صلاة التراويح والفجر بالمسجد. في شارع ديدوش مراد، وبينما كانت سيدة بصدد شراء ملابس العيد لأبنائها، لم تتردد في التعبير عن تذمرها الشديد من الناس الذين يقضون جل وقتهم أمام التلفاز لمشاهدة المسلسلات، وأضافت قائلة:”إن المسلسلات مضيعة للوقت تعوّد المرء على الكسل وتجعله يبتعد عن جو رمضان الذي يمتاز بالروح الدينية”. وفي السياق ذاته، تقول إحدى الفتيات ممن التقت “الفجر” بهن في شوارع العاصمة:”إن شهر رمضان هو شهر العبادات وليس شهر المأكولات والمسلسلات.. كما يحسبه البعض”. ولعل أهم ما يلاحظ في هذا الشأن هو أن هناك من السيدات الماكثات بالبيت تتابعن هذه المسلسلات بكثرة رغم ما فيها من تضييع للوقت، بدل الإنشغال بأمور أخرى تكون أكثر أهمية، أو على الأقل التثقف وأخذ العبر من المسلسلات ذاتها. وفي هذا الشأن سألنا عبد الكريم ليشاني، إمام ورئيس مكتب الثقافة والإعلام بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف بولاية الجزائر، عن حكم الإسلام حول مشاهدة المسلسلات في شهر رمضان، فقال إن شهر رمضان المبارك فرصة تتجدد كل سنة لتوطيد العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، فالمسلم الصائم يجب عليه أن يكثر من التهجد وتلاوة القرآن الكريم والإنشغال بصور التعبد لله، فكل دقيقة يقضيها الصائم تمر بميزان الحسنات، لذا يجب عليه استغلالها أحسن استغلال. من جهة أخرى، قال المتحدث إن المسلسلات الرمضانية التي تعالج القضايا الإجتماعية، أوالتي تعرض فصلا من فصول التاريخ الإسلامي لا حرج في متابعتها، وينبغي أن لا تشغل الصائم عما هو مهم، بشرط عدم المبالغة فيها. أما المسلسلات التي تخدش حياء الإنسان، وتكون سببا في انتهاك حرمة الصائم من خلال ظهور النساء في مظاهر غير لائقة وبعض اللقطات الماجنة، فمن الواجب الإبتعاد عنها استنادا إلى الحديث النبوي الذي ينص على وجود خمس خصال مفطرات هي.. الكذب، الغيبة، اليمين الغموس، الشهادة الزور، والنظرة الآثمة”، فعلى الصائم تجنبها..!