عادل إمام، محمود عبد العزيز، يحيى الفخراني، نور الشريف، جمال سليمان... نجوم يزداد تألقهم مع السنوات ولا يخبو نورهم حتى لو انسحبوا لفترة من المشهد الدرامي. ورغم ازدحام الساحة الفنية بممثلين شباب فإنهم لم يظهروا أنهم في طريقهم إلى نجومية تعادل نجومية هؤلاء الكبار. هنا تبرز علامة استفهام: {ما الذي يساهم في استمرارية تألق فنان حتى لو تقدّم به العمر؟ وما الذي يجعل أدواره تُحفر في الذاكرة حتى لو مرت عشرات السنوات على أدائها؟ على رغم التباين الكبير بين عادل إمام والإخوان المسلمين، إلا أن الرئيس {الإخواني} لم يستطع إلا أن يدعو {الزعيم} إلى لقاء، نظراً إلى ما يمثله من ثقل فني وتأثير لدى جمهور عريض، آمن بكل ما قاله سواء في أفلامه أو مسرحياته التي تمثل وجهة نظر المجتمع الذي ينتمي إليه، فحضر إمام اللقاء واستمع وتحدث. يعود سر نجومية عادل إمام إلى كونه ذلك الشاب الأسمر الحالم الذي بلغ مرتبة {الزعامة} الفنية وحافظ بذكائه على هذه الصورة، من خلال تجسيده شخصيات تكافح الظلم والفساد ومظاهر التطرف والإرهاب ومواجهة إسرائيل، فلعب على أحاسيس الجمهور العربي المعروف بعاطفته الجياشة، وبحثه المستمر عن شخصية البطل كما ترويها الأساطير. آخر العنقود مسلسل {فرقة ناجي عطا الله} الذي سجل أكبر نسبة مشاهدة في الوطن العربي، وأثبت عادل إمام فيه، على رغم تجاوزه السبعين من العمر، أنه ما زال قادراً على أن يكون عنصراً جاذباً لملايين المشاهدين. محمود عبد العزيز يرى كثر في محمود عبدالعزيز نموذجاً هوليوودياً بالمقاييس كافة، وتكمن عبقريته في إضفاء قيمة خاصة على أي شخصيّة يجسدها، وأكبر دليل على ذلك أن الفنان أحمد فؤاد سليم الذي جسد شخصية مسؤول عن جهاز أمن الدولة في مسلسل {باب الخلق}، أشار إلى أن الوقوف أمام محمود عبد العزيز ليس بالأمر السهل، فهو قادر على سرقة الكاميرا من أي ممثل يشاركه في أعماله. لا شك في أن أي مقارنة بين محمود عبد العزيز وبين ممثل آخر تأتي لمصلحة عبد العزيز. وهذا ما حصل مع خالد صالح في مسلسل {تاجر السعادة} عندما جسد شخصيّة كفيف، وهي ذاتها التي جسدها محمود عبد العزيز في فيلم {كيت كات}، وجاءت النتيجة لمصلحة الأخير. يحسب لعبد العزيز أنه يجعل الجمهور في حالة تعطش دائم لمشاهدته، نظراً إلى قلّة الأعمال الفنية التي يقدّمها، لا سيما الدرامية منها، لذا ما زالت شخصيّة {رأفت الهجان} محفورة في ذاكرة الجمهور إلى اليوم. يختلف أداء عبد العزيز عن أداء إمام، فهو يميل إلى المزاجية في اختيار أدواره، ويحركه حسه الفني الذي يحاكي مزاجه الشخصي، وهنا يكمن سرّ نجوميته. نور الشريف نور الشريف قيمة فنية لا يختلف عليها اثنان، فقد جسد عبر أعماله، في السينما والتلفزيون، شخصية الرجل الذي ينتمي إلى الطبقة الوسطى وصوّر معاناته بتفاصيلها كافة. فهل ننسى دوره الرائع في فيلمي {سواق الأوتوبيس} و{الكرنك}؟ مع تقدمه في السن تحول نور الشريف إلى حاضن للمواهب، قدم في مسلسلي {الدالي} و{حضرة المتهم أبي} وجوهاً جديدة شقت طريقها نحو النجومية. كذلك لا يمكن أن نتجاهل أنه أحد أكثر الفنانين تماهياً مع قضايا الشعوب العربية، وله آراؤه السياسية التي يجاهر بها ويعمل لأجلها. هنا تكمن أهميته وتأثيره بين صفوف محبيه، ولا يمكن أن نتجاهل ثقافته الواسعة التي أكسبته شعبية في أنحاء الوطن العربي. جمال سليمان فتح جمال سليمان الباب على مصراعيه أمام الممثلين السوريين لغزو الدراما المصرية، بعدما اختير لبطولة مسلسل {حدائق الشيطان} بدل فاروق الفيشاوي الذي طلب أجراً مبالغاً فيه، بمبادرة من الكاتب محمد صفاء عامر. أبهر سليمان الجمهور بتجسيده شخصيّة رجل صعيدي وشكَّل حالة خاصة حازت إعجاب الصحافة والمشاهدين في أنحاء العالم العربي، فكرّت سبحة الممثلين السوريين الذين حلوا ضيوفاً مرحباً بهم في الدراما المصرية، ومن بعدهم جاء دور الممثلين الأردنيين، وآخرهم منذر رياحنة الذي شارك في بطولة {خطوط حمراء}، وقبله إياد نصار الذي أدى أفضل أدواره في {الجماعة}، شخصيّة مؤسس {جماعة الإخوان المسلمين} حسن البنا. ما زالت مسيرة سليمان مستمرة بنجاح في الدراما المصرية، وآخرها مسلسل {سيدنا السيّد} الذي عرض في شهر رمضان الماضي. ظواهر توضح المنتجة دينا كريم التي أنتجت مسلسلات ذات طابع اجتماعي وحصدت نجاحاً مثل {المواطن اكس} و{طرف تالت}، أن تحوّل هؤلاء النجوم إلى ظواهر يعود إلى قدرتهم على ملء الساحة بمفردهم، وهذا مرتبط بالعصر الذي ظهروا فيه. تضيف: {عادل إمام ومحمود عبد العزيز ويحيى الفخراني برزوا في عصر كانت الوجوه الجديدة فيه قليلة، بعدما حُصرت الأضواء بين حسين فهمي ومحمود ياسين ونور الشريف، الذي شكل بعد سنوات منافساً شرساً لهما، ونادراً ما كانت تظهر إلى جانبهم وجوه أخرى لا تلبث أن تتحول إلى أدوار ثانية}. تشير إلى أن عادل إمام ومحمود عبد العزيز ويحيى الفخراني قدم كل واحد منهم نموذجاً مختلفاً عن الآخر، فالأول ابن بلد والثاني عاشق والثالث ينحت أداوره نحتاً. من هنا أصبح كل واحد من هؤلاء ظاهرة ما زالت محافظة على بريقها إلى اليوم. تؤكد دينا كريم، بحسب خبرتها، أن هؤلاء الكبار هم آخر عنقود العمالقة، وأن الممثلين الحاليين مشروع نجوم سيعتمد بعضهم على البعض في استمرار مسيرتهم الفنية، بعدما أسدل هؤلاء الكبار الستار على مقولة {النجم الأوحد}.