مهما تعددت الأسباب والمبررات إلا أن إزهاق روح إنسان ليس لديها أي مبرر حتى ولو تعرض القاتل لضغوط نفسية ومادية لأنه سيتحول من ضحية في نظر المجتمع إلى جان لابد من القصاص منه، فالمحاكم تعج بالكثير من قضايا القتل العمدي سواء كانت مع سبق الاصرار أو الترصد أم لا. فهناك من يقتل للانتقام وهناك من يقتل لأن العنف غلب على طباعه، وهناك من يقتل لأنه تعرض للحقرة وهذا هو حال (س. ع) الذي ارتكب جريمة قتل في حق ابن حيِّه لأن هذا الأخير ظلمه واستولى على دراجته النارية بالقوة ليتحول من ضحية إلى متهم ويدفع الثمن غاليا حيث أدانته العدالة ب15 سنة سجنا نافذا. حيثيات الجريمة، حسب ما سرده المتهم أمام هيئة محكمة جنايات العاصمة، تعود إلى تاريخ 24 ديسمبر 2010، عندما استيقظ باكرا للذهاب إلى سوق الدلالة الكائن بمنطقة بوروبة، وذلك بغرض بيع دراجته النارية ووصل إلى المكان في حدود الساعة الثامنة صباحا، وعند حوالي الساعة التاسعة إلا ربع، اقترب منه الضحية (م) المعروف، حسبه، بسلوكاته السيئة، حيث طلب منه بيعه الدراجة النارية له، والسماح بتجربتها، إلا أن المتهم رفض، مبررا ذلك أنه باعها لشخص آخر، ولكن الضحية استغل انشغاله لدقائق معدودة، ليقوم بامتطاء الدراجة والهروب بها، فلم يجد الجاني بدا من انتظاره إلى غاية منتصف النهار لعل الضحية يريد ممازحته، لكن لم يظهر له أثرٌ ما دفعه إلى تقديم بلاغ لدى مصالح الأمن مفاده تعرضه لسرقة دراجته النارية من طرف المدعو (م). ويواصل المتهم تفاصيل ارتكابه للجريمة، حيث صرح أنه مباشرة بعد خروجه من مركز الشرطة التقى بصديقين له وأخبرهما بالواقعة وطلب مساعدتهما في البحث عن الضحية لأجل التفاهم معه واسترجاع دراجته، مشيرا إلى أنه لم تكن لديه نية في قتل الضحية الذي ظلمه واستفزه بهذا العمل، وفي تلك الأثناء أخبره أحد الأشخاص أن غريمه يتواجد بالمفرغة العمومية بواد السمار والمعروفة باسم (الطيميط) ليتوجه مباشرة إلى هناك، حيث التقى بالضحية وهو على متن الدراجة النارية التي تعرضت إلى عدة أعطاب، ودار بينهما نقاشٌ حول المشكل حيث رفض الضحية الذي كان يحمل قاروتين من الخمر تسليم الدراجة النارية للمتهم، الأمر الذي جعل مالكها يقوم بأخذها بالقوة، مما أدى إلى حدوث عراك بينهما أخرج فيه المتهم سكينا ووجه لغريمه عدة طعنات على مستوى الوجه والرأس وأسفل البطن ما أدى إلى حدوث نزيف داخلي تسبب في وفاة الضحية حيث تركه غارقا في الدماء وعاد إلى منزله حتى سمع في منتصف الليل بوفاته فتوجه إلى مصالح الأمن حيث اعترف بجريمته النكراء. المتهم أصرَّ على أنه كان في موقف الدفاع عن النفس رغم شهادة الشهود بأنه اشترى السكين مباشرة بعد خروجه من مركز الأمن وأنه هو من أعار الضحية دراجته النارية، كما لم يخفوا أنه معروف ببطشه وسلوكه المنحرف ما جعل الجاني في موقف قوة خاصة أمام إنكاره لوجود نية القتل، وأمام هذه المعطيات التمس ممثل الحق عقوبة الإعدام في حقه قبل أن تقر هيئة المحكمة بعد المداولات القانونية بحبسه 15 سنة سجنا نافذا.