تعد العيادات الخاصة بالجزائر ملاذا للعديد من المرضى الذين لم يتسن لهم العلاج بالمستشفيات العمومية بسبب عدم قدرتها على استيعاب العدد الكبير من المرضى، خاصة من حيث عدد الأسِّرة المتوفرة، زيادة على البيروقراطية التي تشهدها عديد المستشفيات، وبالرغم من أن هذه العيادات تقدم خدمات صحية للمرضى، إلاّ أنها في المقابل تسبب إزعاجا لكثير من المواطنين كون أغلبيتها تقع بمناطق سكنية وداخل عمارات. يشتكي العديد من السكان ممن يقيمون بجوار العيادات الخاصة، الفوضى الحاصلة أمام منازلهم من قبل المرضى الذين يأتون للعلاج، حيث يعمد الكثير من الأطباء الخواص لافتتاح عياداتهم داخل العمارات ووسط الأحياء الشعبية قصد كسب الشهرة سريعا ولانخفاض أجور الكراء بهذه المناطق، ويعد الأطباء الأخصائيون من أكثر الأطباء الذين يقومون بفتح عيادات خاصة عكس نظرائهم من الأطباء العامين. وفي لقاء جمعنا مع السيد (سعيد)، وهو جار لطبيب مختص بأمراض القلب، افتتح عيادته مقابل شقته منذ ما يزيد عن 10 سنوات، وفي سؤالنا له عن الإزعاج الذي يتعرض له هو وعائلته بسبب الطبيب المجاور له، كانت إجابته بأنه يعاني كثيرا بسبب الفوضى الحاصلة أمام باب منزله جراء تجمع المرضى أمامه وهم ينتظرون الطبيب ليفتح العيادة، لضيف أنه غالبا ما يصحوا على الساعة السادسة صباحا على صوت المرضى الذين يأتون باكرا لتفادي المكوث طيلة النهار بالعيادة، كون هذا الطبيب معروف ويرتاده عدد كبير من المرضى. وواصل محدثنا سرد معاناته اليومية، ليضيف أنه أحيانا لا يستطيع حتى الدخول إلى منزله بسبب احتلال المرضى للسلالم في حال عدم وجود مكان للجلوس داخل العيادة أو في حال ارتفاع درجات الحرارة، فيخرجون طلبا للتهوية قاطعين بذالك الطريق على السكان للالتحاق بمساكنهم ومحدثين ضوضاء كبيرة، دون أي احترام للسكان. وفي مثال آخر، حالة إحدى العيادات المتخصصة بالتوليد المتواجدة بباش جراح بالعاصمة والتي تحتل الطابق الأرضي بإحدى العمارات، حيث يتساءل السكان عن مدى استيفائها لدفتر الشروط وبالأخص مدى تأثير هذا النوع من العيادات على صحة السكان، خاصة إذا علمنا أن أغلبها مجهز بأجهزة تصدر إشعاعات، ويعاني هنا سكان هذه العمارة الأمرين نتيجة صراخ وعويل النسوة أثناء ولادتهن، وما يزيد من سخط السكان هو عدم تمكنهم من النوم ليلا في كثير من الأحيان لما تكون هنالك حالات ولادة بالليل، وقد حدثنا أحد المقيمين بالعمارة عن معاناتهم، حيث قال: إن (الأشخاص الكبار والأصحاء يمكنهم التحمل، لكن الأطفال والمرضى والمسنين والذين يعد الهدوء من أكثر الأشياء التي تلزمهم لا يمكنهم التحمل). ليضيف محدثنا وهو أب لطفل يبلغ الأربعة سنوات، أن ابنه حين يسمع الصراخ تنتابه حالة من الخوف، وإن كان نائما فإنه يفيق ولا يكف عن البكاء، ليضيف أن الهدوء بعمارتهم صار حلما صعب المنال. ومع المعاناة اليومية للمواطنين بسبب انتشار ظاهرة العيادات الخاصة بالأحياء السكنية، وعن مدى تأثيرها على الصحة العمومية، يجب وضع دراسة وقوانين خاصة تتعلق بالأماكن الخاصة لافتتاح هاته العيادات، بحيث تكون في أماكن مدروسة وليس داخل العمارات، وهذا لضمان راحة السكان والمرضى على حد سواء.