قبل يوم من موعد انسحاب القوات القتالية الأمريكية من العراق والمقرر غداً الثلاثاء الحادي والثلاثين من أغسطس 2010 بعد سبع سنوات على اجتياح بلاد الرافدين والذي أدى إلى الإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين، اعتبر الناطق باسم الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية "جامع"، أن هذا الانسحاب نصر للمقاومة العراقية، مؤكداً أن هذا الانسحاب إنما جاء بفعل الضربات التي وجهها رجال المقاومة للقوات المحتلة منذ اليوم الأول لاحتلال بغداد. وقال الدكتور عبد الله الحافظ في حوار مع صحيفة "العرب" القطرية: "إن انسحاب الاحتلال الجزئي من العراق نتيجة حتمية لشدة الضربات التي وجهت لقواته على يد المقاومة العراقية بكل فصائلها، وهو بحد ذاته نصر للمقاومة العراقية، لكن لا يعني ذلك نهاية المطاف". اضاف: "حسب تقرير صدر مؤخرا من معهد برويكنجز الأمريكي للدراسات والبحوث، فإن عدد العمليات التي نفذت ضد قوات الاحتلال في العراق بلغت حتى نهاية العام 2009، 326.000 عملية، وجاء في تقرير جمعية المحاربين القدامى الأمريكية أن عدد القتلى الأمريكان 33 ألف جندي وعدد الجرحى 224 ألف جريح فضلاً عن المصابين بأمراض نفسية، يضاف لذلك مئات من الآليات المدمرة من دبابات وسيارات دفع رباعي وهمرات وطائرات حربية وإنفاق مالي ضخم على الجيش". وتابع: "الإدارة الأمريكية عانت من اضطراب سياسي وعسكري جعلها تغير العديد من قيادتها العسكرية والسياسية طوال سنين الاحتلال السبع، وشهدت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، استقالة عدد من القادة العسكريين أو تبديلهم أو التغيير في الخطط والاستراتيجيات، حيث استقال وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وبدل الجنرالات جون أبوزيد ومارك كميت وسانشيز وغيرهم، وتعاقب على إدارة الاحتلال في العراق عدد من الدبلوماسيين ابتداءً بجارنر وبربارة، مروراً ببريمر ونجروبوتني وزاده وكروكر وهيل، وهذه النسبة من التغييرات لم تشهدها قيادة جيش الاحتلال الأميركي في الحرب العالمية الثانية، مما يوضح أثر المقاومة على العدو المحتل". وقال: "تضرب أمريكا أزمة اقتصادية خانقة كان أحد أسبابها التكاليف الباهظة لنفقات حربها في العراق التي تقدر بأكثر من 3 تريليون دولار (3 ألاف مليار دولار)، بذلك تعتبر الحرب في العراق أكثر تكلفة من حرب فيتنام، وتأتي الثانية بعد تكلفة الحرب العالمية الثانية، لتمثل أكثر من ضعف ما كلفته الحرب في كوريا". وأكد الحافظ أن "المقاومة العراقية غيرت الخارطة السياسية داخل الولاياتالمتحدة، وأخذت تعصف بالنسيج السياسي داخل البيت الأبيض والكونغرس، ونجحت في تحطيم استمرار اليمين الأمريكي داخل الإدارة الأمريكية نفسها وتساقط زعماؤها كأوراق الخريف إلى أن مني الحزب الجمهوري بالهزيمة الساحقة في الانتخابات الأخيرة، وانهار بذلك مشروع الإمبراطورية الأمريكية الذي تبناه اليمين الأمريكي المتمثل في المحافظين الجدد، وفشلت خطة ما يسمى بإقامة الشرق الأوسط الكبير". وقال: إن "العبء الذي يقع على كاهل الإدارة الأمريكيةالجديدة هو كيفية ترتيب الأوراق الأمريكية في العراق بالطريقة التي تحفظ كرامتهم وتصون هيبتهم، وتمنع المزيد من الخسائر البشرية والمادية لهم في العراق, أما العملية السياسية فصنيعة الاحتلال وأقطابه الذين جاء بهم إلى سدة حكم دولة كبيرة مثل العراق بعدما كانوا يقتاتون من فتات موائد لندن وطهران وواشنطن من أجل أن ينفذوا أجنداته وسياساته لا العكس". وحول ما إذا كانت أمريكا حققت ما تريده من احتلال العراق، قال الحافظ: "أمريكا احتلت العراق ليكون نقطة الانطلاق إلى باقي دول المنطقة ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يصب بدوره فيما يسمى النظام العالمي الجديد الذي كان بوش الابن يبشر به العالم، لكنه بفضل الله قبر على يد أبطال العراق". وأضاف: "المقاومة العراقية لها فضل تاريخي على العرب وعلى المسلمين وعلى العالم عندما ألحقت بأمريكا انتكاسة عسكرية وسياسية واقتصادية وأخلاقية وقانونية بإيقاف التمدد الأمريكي إلى سوريا ولبنان وإيران وربما مصر والسعودية، كما أوقف قطز تمدد التتار في معركة عين جالوت بل إن ظهور المقاومة العراقية منع أمريكا من تحطيم كل الرأسماليات غير الأمريكية، الأوروبية واليابانية والصينية". واستطرد الحافظ قائلا: "إن بقاء قوات النخبة الأمريكية بأعداد تصل إلى حدود خمسين ألف جندي كقوات تدخل سريع مدعومة بقوة جوية ضاربة في القواعد الأميركية المنتشرة في أرجاء العراق والبالغ عددها 94 قاعدة لا يغير من صفة الاحتلال شيئا، خاصة أن هناك أكثر من 180 ألف من مرتزقة الشركات الأمنية حسب المصادر الأمريكية المستقلة يقومون بمختلف الأعمال العسكرية، ولم تتطرق خطة الرئيس أوباما إلى انسحابها أو مستقبلها أو طبيعة واجباتها". ويرى الحافظ، أن الإدارة الأمريكية تسعى بهذه الخطوات إلى تقليل الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بقواتها في العراق وتقليص حجم النفقات المالية التي أثقلت كاهل الميزانية الأمريكية، وتخفيف الضغط الشعبي الأمريكي المُطالب بالانسحاب من العراق وعودة أبنائهم إليهم، وأنها لم تعُدْ قادرةً على خوض حربَيْن في وقت واحد، وإيهام الرأي العام بأن العراق أصبح غير محتل عبر إيجاد حكومة موالية لها تنفذ أجنداتها وتدار من قبل السفارة الأمريكية، وهذا الشكل يتطلب قوة عسكرية تحافظ عليه من أية جهة تريد المساس به. وحول قدرة القوات العراقية على مواجهة تداعيات ما بعد الانسحاب الأمريكي، قال الناطق باسم الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية: "الأجهزة الأمنية اليوم غير قادرة على مواجهة تداعيات المرحلة القادمة؛ لأنها قائمة على أسس طائفية بعيدة عن المهنية والحرفية، وجاءت نتيجة دمج عدة ميليشيات في زمن الحاكم الأمريكي بول بريمر، والخروقات والفساد يضرب أطنابها، وهي خاضعة لإرادة أحزاب السلطة وتسليحها البسيط والبدائي لا يؤهلها للصمود أمام أية مواجهة مستقبلية، والمواطن العراقي لا يضع الأجهزة الأمنية في موضع الثقة والطمأنينة، وإنما يضعها في زاوية الشك والريبة نتيجة لسلوكياتها الطائفية واللاأخلاقية تجاهه". وحول التدخل الإيراني في العراق، قال الحافظ: "إيران دعمت العملية السياسية التي أقامها المحتل في العراق، وحركت الميليشيات الطائفية المدعومة من قبلها للقتال مع القوات الأمريكية في حربها ضد المقاومة العراقية، وأسهمت في اغتيال المئات من الكفاءات العراقية وغيرها، فإيران هي أكبر المستفيدين من الاحتلال الأمريكي للعراق، وأصبح لها نفوذ واسع وكبير في العراق عبر أجنحتها السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق، وإن الانسحاب الأمريكي من العراق سيكشف الغطاء عن حقيقة هذا النفوذ، فلا نرى أن إيران ستجازف بالدخول العسكري المباشر في العراق؛ لأنها تدرك أن خطوة كهذه ستكلفها الكثير وتوحد الشعب العراقي ضدها وستجد نفس المصير الذي وجده الأميركان في العراق". تصريحات زيباري كان رئيس أركان القوات العراقية الفريق أول بابكر زيباري، قال إن "الجيش العراقي ليس جاهزا بعد للانسحاب الأمريكي من البلاد،" ولن يكون قادرا على ضمان أمن البلاد قبل عام 2020 وانه يجب أن تبقي الولاياتالمتحدة قوات في العراق حتى ذلك الحين." ويفتقد الجيش العراقي للقوات المدرعة او الجوية والبحرية ولا يمتلك سوى معدات قتالية تكفي لأعمال "شرطوية" على حد وصف هذه المصادر الامنية، التي اشارت الى ان "عديد القوات العسكرية العراقية يتجاوز 100 فوج مسلحة بعجلات همر، ولا تمتلك حتى مدافع المورترز، او قذائف الكاتوشيا، في وقت تمتلك فيه المليشيات المسلحة لمثل هذه الاسلحة التي تهاجم بها المنطقة الخضراء بين حين وآخر"، على حد قول هذه المصادر. * حسب تقرير صدر مؤخرا من معهد برويكنجز الأمريكي للدراسات والبحوث، فإن عدد العمليات التي نفذت ضد قوات الاحتلال في العراق بلغت حتى نهاية العام 2009، 326.000 عملية، وجاء في تقرير جمعية المحاربين القدامى الأمريكية أن عدد القتلى الأمريكان 33 ألف جندي وعدد الجرحى 224 ألف جريح فضلاً عن المصابين بأمراض نفسية، يضاف لذلك مئات من الآليات المدمرة من دبابات وسيارات دفع رباعي وهمرات وطائرات حربية وإنفاق مالي ضخم على الجيش".