تسلّمت القوات العراقية مهام الحفاظ على الأمن في بغداد والمدن والبلدات الأخرى بالتزامن مع انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من المناطق السكنية. وقد بثت قوات التلفزيون المحلية العراقية عدًا عكسيًا انتهى بمنتصف ليل الاثنين للاحتفال بانسحاب القوات الأمريكية، وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المناسبة عطلة رسمية، واعتبر يوم 30 جوان يوم "السيادة الوطنية". وسلّم مبنى وزارة الدفاع، الّذي تمّ الاستيلاء عليه عقب الغزو عام 2003، إلى الحكومة العراقية أول أمس الاثنين، فيما يظل في العراق 131 ألفًا من قوات الاحتلال الأمريكية، منها 12 فرقة مقاتلة، ومن غير المتوقع أن ينخفض العدد عن 128 ألفًا حتّى ما بعد الانتخابات العراقية في جانفي المقبل. في غضون ذلك، وضعت القوات العراقية في حال تأهب تحسبًا لشن المسلحين هجمات مسلحة خلال فترة تسليم المهام من القوات الأمريكية إلى القوات العراقية. ومع تولي قوات الأمن العراقية مسؤولية الأمن في المدن والبلدات الرئيسية من 1 جويلية، فقد ألغيت إجازات الشرطة وتم حشد المزيد من القوات. ونصّبَت الشرطة العراقية نقاط تفتيش للتدقيق في الهويات وتفتيش السيارات بحثًا عن أسلحة، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد الكريم خلف في تصريح للصحافيين إن جميع القوات الأمنية العراقية وضعت في حالة تأهب قصوى بينما جرى تعليق الإجازات وتكثيف الوجود الأمني في الشوارع والساحات العامة والأحياء في أنحاء البلاد تحسبًا لأيّ أعمال عنف. وأعلن مسؤول في جهاز مكافحة ما يسمّى بالإرهاب إحباط هجوم بالصواريخ على بغداد واعتقال ثلاثة بينهم خططوا لتنفيذه أمس الثلاثاء تزامنا مع انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من المدن العراقية. ومن جهة ثانية اعترف جيش الاحتلال الأمريكي أمس الثلاثاء بأن أربعة من جنوده قتلوا في العراق أول أمس الاثنين متأثرين بجروح أصيبوا بها خلال معارك قتالية. وقال بيان أصدره جيش الاحتلال إن الجنود الأربعة القتلى أعضاء في الفرقة متعددة الجنسيات بغداد، مشيرًا إلى أن الحادث قيد التحقيق الآن، ولم يزد البيان أية تفاصيل أخرى. من جانبه، قال وزير الخارجية العراقي هو شيار زيباري إن الانسحاب من المدن هو الخطوة الأولى في طريق الانسحاب الكامل من العراق. أما الرئيس جلال الطالباني فقدّم الشكر لقوات التحالف باعتبارها "خلّصت العراق من النظام السابق"، مؤكدًا أن الثلاثين من جوان 2009 سيصبح "بداية مرحلة جديدة في تاريخ عراق ديمقراطي اتحادي مستقل وموحد يكون فيه الشعب سيد نفسه ومالك خيراته ومقرر مصيره وصانع تاريخه". وفي كلمة له أمس بمناسبة انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من المدن العراقية، حمّل الطالباني على مَن وصفهم ب"الإرهابيين من القاعدة وفلول الصداميين"، وقال إنهم يسعون لزعزعة الاستقرار والإيهام بعجز الحكومة عن الإمساك بالملف الأمني. وفي المقابل، اعتبر المتحدث باسم حزب البعث في العراق خضير المرشدي الانسحاب بأنه غير كامل. وقال في لقاء مع الجزيرة إن إستراتيجية البعث والمقاومة للمرحلة المقبلة ستتركز في استهداف قوات الاحتلال الأمريكية في كافة أرجاء العراق، داعيًا أفراد القوات العراقية إلى "الانضمام للمقاومة لطرد الاحتلال وعملائه وجواسيسه". يذكر أن انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من المدن العراقية يمثل مرحلة أولى للانسحاب الكامل المقرر تنفيذه بنهاية عام 2011 وفق توقيتات الاتفاقية الأمنية التي وقعت بين البلدين في ديسمبر الماضي.