في شهر رمضان الكريم يزداد تعلق الجزائريين بالأكل واشتهاء مختلف الأكلات، وحتى الذي كانوا يفضلون الأكلات السريعة خارج البيت، فإنهم يصبحون شغوفين بمختلف الأطباق خاصة تلك التقليدية، والتي قد لا يتسنى لهم تذوقها خلال أشهر السنة الأخرى. لكن قد لا يتسنى للبعض تناول مثل تلك الأطباق حتى في شهر رمضان، خاصّة المتزوجين حديثا، والذين تكون زوجاتهم عادة غير قادرات على تحضير أطباق على أكمل وجه، فما بالك بتلك التقليدية التي تحتاج إلى مهارة وصبر كبيرين، ولهذا فانك كثيرا ما تجد بعض الأزواج يفضلون إمضاء رمضان عند عائلاتهم، حتى يحسون بنكهته، أما آخرون فإنهم ينتقلون بين أسرهم بغرض الزيارة، وكذلك تذوق أشهى المأكولات، وهو ما يفعله كثيرون. زياد، 28 سنة، تزوج في الصيف الفارط، وكان يعلم أن زوجته لا تحسن تحضير حتى الأطباق البسيطة والتي لا تحتاج إلى عناء كبير، إلاّ انه وعند قدوم رمضان أدرك أن نكهته ستتغير تماما بغياب الشوربة والمثوم والبوراك وغيرها من الأطباق التي ألف تناولها في رمضان من كل سنة، والتي كانت والدته وأخته تتفننان في تحضيرها، ورغم انه لم يستأ من زوجته إلاّ أنه لم يصبر على الأمر، وعلى الأكلات المعلبة والمحضرة سريعا، فانتقل بزوجته لتمضية شهر رمضان في بيت العائلة، لكي يتمكن من تذوق أشهى الأطباق من جهة، ولكي تستطيع زوجته تعلم شيء ما في الطبخ، ويضيف زياد مازحا:"إن لم تتعلم زوجتي الطبخ فسأحاول أن أتعلمه أنا، أما أن اقضي رمضان في أكل الحلويات والبطاطا والبيض وغيرها من الأكلات السريعة التي نتناولها عادة في الإفطار، فهذا لا يعقل، سأعمل مستقبلا على الإكثار من الزيارات إلى بيت أسرتي حتى تتعلم زوجتي شيئا من الطبخ، وأنا لا ألومها على أنها تجهل كل ما يتعلق بالطبخ، لأنها عاشت بعد وفاة أمها، وحيدة مع والدها، أي لم يكن معها من يعلمها الطبخ، أما أمي فقد أدركت ذلك، رغم أنني حاولت إخفاء الأمر عليها في البداية، إلاّ أنها أبدت نيتها في مساعدتها ومساعدتي، ووعدتني بأنها ستفعل كل ما بوسعها لتحولها إلى ربة بيت ممتازة". أما سهيل فقد كاد ينفصل عن زوجته بسبب عدم قدرتها على تحضير الأطباق الرمضانية، ففي كلّ سنة يكتشف عجزها عن تحضير أكلات بذوقها العادي، لهذا يقول:"صرت لا ارفض أي دعوة من أسرتي او أقاربي او حتى أصدقائي أحيانا للإفطار فانا اعلم إن أنا بقيت في البيت، فلن استطيع تذوق أطباق شهية، فزوجتي تتعلم الطبخ منذ أكثر من ثلاث سنوات غير أنها بقت عاجزة عن تحضير الأطباق بشكل جيد، وقد تشاجرنا أكثر من مرة خاصة واني انصحها دائما بان تلتحق بأي مدرسة لتعلم الطبخ، لكنها تفضل عملها على ذلك، وتتحجج بأنه ليس لديها الوقت الكافي".