* أنا حديث الزواج ولم أكمل سنة تقريباً، وفي انتظار طفلي الأول قريباً، سؤالي ماذا أفعل مع زوجتي التي لا تعرف كتمان حديث أو سر بيننا إلا ونشرته لكل من معنا في البيت، حتى إنها وصلت إلى درجة التحدث عن معاشرتنا الزوجية، ليس بالشكل الفاضح إنما بدأت تعطي تفاصيل عامة على حد قولها بعد كشفي لها بدافع إظهار مدى حبي لها وعلاقتنا القوية، لا أستطيع أن أحدثها في موضوع، أو أعطيها وعداً أو أحدثها عن طموح لي أو حلم إلا وعرف كل من حولي عنه، لا أستطيع أن أحضر شيئاً لغرفتنا إلا والجميع يعرفه، وفي بعض الأحيان تعمد إلى إخراج أشياء من غرفتي دون علمي، أو تسمح لأشخاص بدخول الغرفة رغم أني في مناسبات كثيرة شرحت لها مدى حبي لجعل عش الزوجية خاصاً جدا. جربت معها النصح والخصام والامتناع عن المعاشرة وحتى أني وصلت معها إلى الضرب، لا أقول إنها لا تمتنع بل هي تمتنع وتتوب وتبكي وتعِدني أنها لن تكرر هذا الفعل مرة أخرى، ولكن لا تمر علينا فترة إلا وعادت إلى ذلك بطريقة أو بأخرى! ما الحل مع مثل هذه الزوجة علما أني في عمر 27 وهي في ال 20 من عمرها؟ أرجو توجيه نصائح لها تُعرفها مدى خطورة ما تفعل ونصائح ترشدني لكيفية المعاملة معها. ** اعلم رعاك الله أن الله تعالى شرَّع الزواج تسكيناً للنفوس، وإشباعاً للغرائز، وتقوية لأواصر المحبة والمودة بين الأسر والمجتمعات، وامتداداً للنسل البشري، ولولا أن الله تعالى ربط بين الجنسين، وجعل حاجة كلٍّ منهما تَتِمُّ وتَكْمُل بالآخر لما قامت الدنيا ولما استمرت الحياة، ولكنَّ النساء للرجال خُلقن، ولهنَّ خُلق الرجال، ومع ذلك فلا تخلو البيوت أبداً مهما كانت ديانة أهلها وشدة التزامهم من هفوات ومشاكل، ولكن الرجل العاقل هو الذي يستطيع أن يعبر بسفينة أسرته وبيته من أمواج المشاكل، وعواصف الأزمات، حتى يصل بهم إلى شاطئ الاستقرار، والمُوفق من وفقه الله، والحكمة ضالَّة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها، والحكمة أيضاً مطلوبة في التعامل مع الناس على كل حال، وخاصة مع النساء. وأما نصيحتنا لهذه المرأة ولأمثالها من النساء فهي أن تتقي الله تعالى في زوجها وفي بيتها، وأن تراقب الله تعالى فيه، وأن تحفظ لسانها، وأن تصون سرَّ بيتها وسِرَّ زوجها فهي راعية في بيت زوجها ومسؤولة عنه، فقد روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْأَمِيرُ رَاعٍ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ). ومن المسؤولية حفظ الأمانة، وصيانة أسرار الزوجية، وخاصة أسرار الفراش، وقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاً من الزوجين من إفشاء سِرِّ الآخر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عسى أحدكم يخبر بما صنع بأهله؟ وعسى إحداكن أن تخبر بما يصنع بها زوجها؟ فقامت امرأة سوداء فقالت: يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بمَثل ذلك؟ إنما مَثلُ ذلك كمَثل شيطان لقي شيطانة فوقع عليها في الطريق والناس ينظرون فقضى حاجته منها والناس ينظرون) أخرجه ابن أبي شيبة . وروى مسلم عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا). ثم إنك كيف ستربين مولودك القادم بإذن الله نسأل الله أن يُتم ولاته بخير وسلام على الصدق والأمانة وحفظ الأسرار وأنت لا تصونين الأمانة ولا تحفظين الأسرار؟ إن فاقد الشيء لا يعطيه! كما أن من رجحان عقل المرأة وحصافتها فضلاً عن كونه إرضاء لربها طاعة زوجها وتلبية رغبته، وإدخال السرور عليه، ومنه إجابة رأيه فيما يدعوها إليه، خاصة إذا كان فيما دعاها إليه طاعة ربها، وكذلك سلامة بيتها والحفاظ على استقرار الأسرة من حفظ الأسرار وخاصة ما هو خاص بهما، روى ابن ماجة عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا )_. وينبغي للمرأة أن تتريث قبل أن تنطق بأي شيء لترى أيصلح ما تتكلم به أم لا؟ وهل يجب أن تكتم الكلام أم لا؟ وهل فيه طاعة ربها وطاعة زوجها أم لا؟ فإن وجدت خيراً تكلمت وإلا أمسكت عن الكلام، فكثرة الكلام تفضي إلى الخطأ، ومن كثر لغطه كثر غلطه، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ). وأما نصيحتنا لك أخي السائل فلتعلم أن زوجتك صغيرة السنِّ، وهي حديثة عهد بالحياة الزوجية، ومثل هذه من النساء يقع منها الهَنَّات والزلات في أول حياتها، وكذلك سائر الناس إلا من رحم الله، والحكمة مطلوبة في التعامل مع النساء، وخاصة مع صغيرة السن، حديثة العهد بالحياة الزوجية، التي هي حديثة عهد أيضاً بالمسؤولية الزوجية وما ينبغي أن تقوم به من واجبات اتجاه زوجها، فكُنْ حليماً عليها، ولا تتصيد لها دائماً الأخطاء، فمن الحكمة التغافل أحياناً وغض الطرف أحياناً عن بعض الزلات، وإسداء النصيحة بالحكمة والموعظة الحسنة، وذَكِّرْهَا بِِحَقِّ الله تعالى فيك وفي بيتها، وإياك من الإساءة إليها أو ضربها حتى لا تزرع شوك الضغينة بينك وبينها، فما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم، ولكن قوِّمها بالمعروف، واعرف متى ينبغي الحِلم، ومتى يحسن استعمال الشدة، ولك في كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وفي سيرته وحياته مع أهله أسوة وقدوة. * روى ابن ماجة عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: (مَا اسْتَفَادَ الْمُؤْمِنُ بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرًا لَهُ مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ إِنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَإِنْ نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ وَإِنْ أَقْسَمَ عَلَيْهَا أَبَرَّتْهُ وَإِنْ غَابَ عَنْهَا نَصَحَتْهُ فِي نَفْسِهَا وَمَالِهِ).