الرياضة الجزائرية ولدت من رحم المعاناة...وهي تضرب بجذورها في تاريخ الجزائر المستعمرة الفرنسية...الجزائر التي صنع رياضيوها مجد فرنسا إبان الاستعمار أو بعد الاستقلال... وربما القليل يعلم بأنّ أول عداء جزائري تحصل على الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية هو العداء الجزائري (علي ميمون) سنة 1958 وآخرون كثر من الملاكمة إلى الدراجات...دون أن ننسى رياضة كرة القدم وما قدمته لفرنسا من تتويجات وإنجازات...كل ذلك بعضه أصبح من التاريخ وبعضه مازال يقدم لفرنسا...فكان الجزائريون إما مرغمين لتمثيل فرنسا أو بحب الانتماء لها والدفاع عن ألوانها...وبين الجزائروفرنسا قصة بغض وحب... قصة لا تنتهي بانتهاء الاستعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي...فهي قصة أجيال وأجيال جذورها هنا وتكوينها هناك... فالجيل الذي يداعب الكرة ويحترف في البطولة الفرنسية هو مبتغانا وغايتنا وهدفنا نبحث عنه ونلهث من وراءه ونربطه بتاريخه طوعا وكرها أو برضاه لكي يعود هذا الولد إلى وطنه الأم.....فتكونت أرجلهم على مداعبة الكرة هناك وقلوبهم هنا.... هؤلاء يمتلكون قدرا كبيرا من عزة النفس لم يقبلوا يد هولند أو من سبقوه في سدة الحكم ليلعبوا لفرنسا بل قبلهم الفرنسيون وصنعوا لهم تماثيل وكرموهم....هؤلاء فيهم من ترك مجدا كرويا...وباعه لأجل الوطن ولم ينحن أو يخضع لمساومات الفرنسيين...هؤلاء الكثير منهم يشعر بالحرج حين يخاطب جماهيره الواسعة من الشعب الجزائري بلغة فافا...هؤلاء يصنعون فرحنا هنا وهناك...نفتخر بهم ونعتز بما يقدمون فاسم الجزائر موجود في الضوء أو في الظل...معهم حين تجد جزائريا يقبل يد الرئيس الفرنسي وآخر يصرخ بملء فيه (الفيزا) سيادة الرئيس، والأخرى تلوح بعلم فرنسا أبيض أزرق أحمر...فلم نرتاب في لاعبينا القادمين من الخارج؟ ولم نتسرع في تصويب سهامنا القاتلة نحوهم؟ ولم نتأسف على عدم حديثهم باللغة العربية؟ ولم نتباكى على بطولة لم تلد لنا لاعبين... ففرنسا لنا ونحن لها أو هكذا بدا لي الأمر وقد تذكرت المرحوم فرحات عباس في مقولته المشهورة (وجدت فرنسا أنا وأنا فرنسا...فنحن أصبحنا جزءا من فرنسا الكروي نفرح حتى لتتويج فريقها القومي...وترانا نشجع فرقها المتواجد فيها لاعبونا ونتمنى لهم الانتصارات لأنّ أبناءنا الذين يحملون في معصمهم علم الجزائر...أو أسماء جزائرية فهم يمثلون هويتنا هناك...ونحن نمثل فرنسا هنا. لا يمكن فك الارتباط الكروي بفرنسا...لأننا جزء منها...علينا أن نفتش عن أنفسنا على حد تعبير فرحات عباس...وعلينا أن نبحث عن هويتنا التي أرادوها أن تكون ضائعة بين تاريخ صنعه الشهداء وجيل يصنع أفراح فرنسا وأفراحنا زيارة كل رئيس أو مسؤول فرنسي للجزائر كشفت المستور...وجعلتنا نكذب كما نتنفس...ندعي ما ليس نؤمن به...فهل رأيتم شعبا يحمل علمين ويعيش بقلبين...قد نكون نحن من هذا الجنس الذي يصفق لبنزيمة وناصري فما الضير إذا اختار كلاهما فرنسا إنّه اختيار الانتماء...ونعجب بفغولي ويبدة ومغني الذين اختاروا القلب.... أليس كل من يحمل العلم الوطني (جزائري)...وأليس كل من يحمل علم بلد ما يعدّ منه...فشكرا زيدان لأنك مفخرة الجزائر بالقلب لقد تردد اسم الجزائر في الكثير من المرات معك...فلم نتنكر لك أو نلومك فلك ظروفك كما هي ظروف بنزيمة وناصري...لقد أوهمنا أنفسنا بوطنية زائفة...جعلتنا نبيع ونشتري في الوطن...وقت ما يشاءون... شكرا لك فغولي وشكرا لكل لاعب توزع قلبه بين بلدين فاختار الأصول والجذور...فأنتم والله أكثر وطنية منا وجزائرية منا وما نحن إلا زيف وباطل ومجرد أكذوبة كبيرة في حب وطن مذبوح... فبيننا وبينكم تاريخ صنعتموه أنتم هناك وأضعناه نحن هنا... إننا نعتذر لكم وأنا أولهم ولكم منا كل التقدير والاحترام.... لقد آمنت بأنّ العزة ليست في وجودك داخل رقعة جغرافية.... فما أروع هذا الجيل الذي اختار الجزائر... ولبى نداء وطن...تنكرنا نحن له...فما أقبحنا....! العضو: ابن الصحراء