إنّ منظر المحل من بين الأمور التي تجذب الزبون وتجعله يفضله على محل آخر، وهو الأمر الذي تفطن إليه الكثير من التجار وأصحاب المحلات، ومن بينهما محلات بيع المواد الغذائية، حيث راح كل واحد منهم يحاول أن يبدو محله الأفضل، ومطابقا لأعلى مقاييس النظافة والأناقة، حتى لو كان ذلك قد يكلفه مصاريف زائدة، حتى انه من الملاحظ أن كل او الكثير من محلات بيع المواد الغذائية تحولت إلى محلات ضخمة او ما يطلق عليه ب"السوبرات"، وعادة ما تكون هذه المحلات مجهزة بكل شيء، خاصة ما يتعلق بحفظ الأمن، وكذا الحواسيب التي لا تخطىء، وغيرها من المظاهر التي يجدها البعض أساسية ولا بد أن يتوفر عليها كل محل، فيما يرى آخرون أنها مجرد مظاهر لا غير، وان وجودها كعدمها، بل اتجه آخرون إلى اتهام هؤلاء التجار بأنهم لا يسعون من وراء ذلك إلا رفع الأسعار، والتعذر بأن مصاريف المحل تستدعي ذلك. يقول لنا عمي بوعلام الذي جهز محله بكل الأدوات والأجهزة الحديثة، وذلك بعد ان أغلق أبواب محله خلال شهر رمضان، واستغل الفرصة لكي يعيد ترتيبه وديكوره: "منذ مدة وأنا أريد أن أضيف على المحل أشياء جديدة، لكنّ الفرصة لم تكن مواتية، وكان لا بدّ علي أن انتظر ففعلت، إلى أن قررت إن هذه السنة وقبل حلول شهر رمضان أن افعل ففعلت، ولم يتطلب الأمر جهدا كبيرا، إلا أنني أضفت حاسوبا لأعمل به، ودهنت الجدران وغيرها من الأمور التي جعلت محلي يبدو في شكل آخر، وانوي في المستقبل أن أوسع في رقعة المحل، واجعله اكبر، لكنني سأنتظر ربما سنة أخرى حتى يتوفر لي المال الكافي لأفعل". أما المواطنون فمنهم فمن أعجبه الأمر، يقول لنا حسام الساكن بحي هواء فرنسا: "لقد جهزت كل المحلات في الحي، او اغلبها على الأقل بالحواسيب وكذلك صناديق النقد الالكترونية، وهكذا أفضل أن نحس على الأقل أننا في سنة ألفين عشرة، رغم أننا لسنا من صنعنا تلك الأجهزة، كما انك عادة ما تجد تلك المحلات تهتم بالنظافة، وهو أمر هام يغفله الكثيرون، حيث أن بعض المحلات لا زالت تضع أكياس الحليب مثلا في الشارع والخبز تحت الحرارة وغيرها من المظاهر المشينة التي تجعلك تهرب من المحل ولا تقترب منه". أما عيسى فلم يبدِ نفس التحمس لتلك المحلات حيث قال: "ليست تلك التغييرات إلاّ مجرد تمويه لا أكثر ولا اقل، فالسلع نفسها وكل ما يعرض نفسه، وحتى العامل لن يتغير، إلا أن تلك الأجهزة تجعل بعض الزبائن يتهافتون على تلك المحلات، وهو ما يبرر أن يختلس صاحب المحل بعض الدنانير من جيوب المواطنين بحجة أن محله أنيق، حتى أنني سألت احدهم مرة لما اقتطع من مالي بعض الدنانير، فقال لي أنها ضريبة لدفع ثمن الورق الذي يضعه في جهاز الحاسوب لاستخراج ثمن التذاكر".