مشكل السكن قلص فرص زواجهن العائلات ترفض فتيات الأكواخ القصديرية حتى ولو كانت الفتاة ملاكا على وجه الأرض وتتمتع بجمال آخاذ وحصلت على أعلى الشهادات الجامعية سيرفض الطرف الآخر الارتباط بها لا لسبب سوى لأنها ترعرعت ببيت قصديري وتعيش فيه وتجابه به ظروف الحياة الصعبة وتنتظر في أي لحظة من ينقذها من هناك، إلا أن الناس معادن وصار الكثيرون في الوقت الحالي يلهثون وراء الماديات حتى صار الرجل هو الآخر يقترن بدافع الطمع من المنصب أو السكن الخاص الفخم الذي تعيش فيه الفتاة، الأمر الذي أدى إلى نتيجة واحدة وهي أن الفتاة التي تنتمي إلى الحي الفوضوي غير مرغوب فيها بل حتى أنها تتعرض إلى المعايرة والشماتة من طرف بعضهم. هي الأمور الحاصلة والتي أفرزتها بعض المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها مجتمعنا على غرار مشكل السكن الذي أفرز إمبراطوريات القصدير المنتشرة هنا وهناك على غرار الحي الفوضوي عين المالحة 1 وعين المالحة 2 بجسر قسنطينة واللذان يضمان أكثر من 1000 عائلة تعيش البؤس والحرمان، من دون أن ننسى الأحياء الفوضوية الأخرى المنتشرة بضواحي العاصمة والتي تتحد في نفس الظروف المزرية على غرار انتشار الانحراف، الظواهر المشينة مما شوه الصورة العامة لتلك الأحياء وصار الكل يرعب من وطئها حتى ارتسمت ببعض الذهنيات أن هؤلاء هم أناس غير شرفاء. وهو ما انقلب بالسلب على سمعة الشبان والفتيات القاطنين بتلك الأحياء حتى تقلصت فرص زواجهم، وينعكس الأمر سلبا على الفتيات أكثر، بحيث بتن غير مرغوبات أصلا وكأنهن لهن يد في اختيار مكان السكن وليست الظروف الصعبة من ألقت بهن إلى هناك، فمن منا لا يريد العيش في شقة فخمة أو حتى سكن خاص فخم لكن الدنيا أقدار حكمت على البعض بالغنى وحياة الترف وعلى البعض الآخر بالفقر المدقع والحمد لله على كل حال. لكن بعض الناس صاروا يحاسبون البعض الآخر على ظروف لم يختاروها وتحتمت عليهم، وكذلك الحال بالنسبة لبعض الفتيات المنتميات إلى تلك الأحياء، بحيث تحوّلن إلى فتيات غير مرغوب فيهن، ومنهم من يتحجج بعامل السمعة المشينة والبعض الآخر لا يرضى ربط مصيره مع فتاة لا حول ولا قوة لها بعد أن بين نيته السيئة ولهثه وراء الفتيات ميسورات الحال. وقد تعرضت بعض الفتيات إلى خدش في كرامتها عن طريق تلك التصرفات المشينة الصادرة من البعض، ورفض الاقتران بهن لا لسبب سوى لأن مكان الإقامة هو غير معلوم خاصة وأن الكثير من العائلات راحت تركض وراء الماديات ووراء ربط علاقات مصاهرة جالبة للافتخار. وهي المعاناة التي تكبدتها بعض فتيات الأحياء القصديرية التي كتب عليهن تحمل مشكل دولة بأكملها ألا وهو مشكل السكن، حتى أن تلك الأحياء القصديرية تعد صورة من الصور البائسة التي انجرت عن العشرية السوداء، وزحف من كانوا في الأرياف نحو المدن، دون أن ننسى الأزواج الجدد الذين فروا إلى ذلك الحل في ظل انعدام السكن. وعانت الكثير من الفتيات من ذات المشكل وتقلصت فرص زواجهن ورفضن من أهل الخاطب حتى وإن حدث وأن قبل هو بالفتاة فسيواجه الرفض من الأم أو الأب، وهو الأمر الذي تكبدته إحداهن، بحيث وبعد أن تعرفت على شاب وتفاهما معا واجها الاثنان مشكل رفض عائلة الشاب لتلك العلاقة بدعوى أن ابن (الفيلا الفخمة) لا يعقل أن يربط مصيره مع فتاة الكوخ، وأولوا الأهمية للتوافق المادي وأهملوا التوافق الفكري والعاطفي وتفاهم الطرفين، إلا أن الشاب تشبّث بالخطوة ووجد نفسه وهو يزف عروسه لوحده خاصة وأنه اغتاظ لظلم أهله للفتاة التي لم تختر مصيرها ومكان إقامتها بنفسها بل هي مشيئة القادر المقتدر. وإن نجحت تلك الفتاة في الخطوة فإن فتاة أخرى لم توفّق على الرغم من المقاييس المتوفرة فيها والتي تجعلها مطلوبة من أي شاب، بحيث نجحت عائلة الخاطب في إفشال الخطوة وإقناعه بأن الفتاة ليست من مقامه وسقط الخبر كالصاعقة على الفتاة التي لا ذنب لها. وراح سكان الأحياء الفوضوية إلى البحث عن حلول لإنقاذ هؤلاء الفتيات من آفة العنوسة، وصار الزواج يتم في حدود الحي الفوضوي كما كان في السابق في حدود العشيرة الواحدة كون أن شبان الأحياء الفوضوية يتم رفضهم من طرف الفتيات الأجنبيات عن الحي.