الذكرى ال55 لتأسيس منتخب جبهة التحرير الوطني "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه".. شاءت الصدف أن يغادرنا إلى الأبد في الذكرى ال55 لتأسيس منتخب جبهة التحرير الوطني، واحد من رموز هذا المنتخب إنه عبد المجيد كرمالي، الذي غيبه الموت السبت الماضي عن عمر يناهز ال82 سنة، تاركا وراءه ذكريات لا تمحى ولا تندثر من سجل الكرة الجزائرية. بتاريخ 14 أفريل من سنة 1958 تأسس فريق منتخب جبهة التحرير الوطني، المنتخب الذي أعطى للثورة التحريرية بعد أن اشتد عودها، وبات الفرنسيون بين مطرقة المجاهدين وسندان الشعب الجزائري الذي رفض أن يعيش تحت الذل والإهانة، فكان لتأسيس منتخب الجبهة بمثابة دفع معنوي للثورة ككل، خاصة وأن جل اللاعبين الذي التحقوا بفريق جبهة التحرير كانوا ينشطون في النوادي الفرنسية، وبعضهم كان يصنع أفراح الفرنسيين في منتخب (الديكة) نذكر منهم على وجه الخصوص الثنائي رشيد مخلوفي وأحمد سوكان. إعداد: بن عبد القادر (أخبار اليوم) ومن خلال هذه النافذة التاريخية، تغوص في أعماق التاريخ، وتعود بكم إلى الوراء لأكثر من نصف قرن من الزمن وسنتعرف سويا عن قصة تأسيس منتخب جبهة التحرير الوطني، ومن كان وراء فكرة تأسيس هذا المنتخب، وأهم الأسماء الذين لعبوا لهذا المنتخب وأهمية المباريات التي خاضها زملاء رشيد مخلوفي، كما سنتعرف عن أسماء اللاعبين الذين حملوا الألوان الوطنية، الأحياء منهم والأموات، وكل من فارق الحياة داعين لهم العلي القدير أن يتغمدهم برحمته الطاهرة وأن يسكنهم فسيح جنانه، أما الأحياء فندعو الله أن يطول في أعمارهم، ويقيهم من كل داء، أما الذين يعانون المرض نتمنى من العلي القدير أن يشفيهم. الراحل محمد بومزراق وراء تأسيس منتخب الجبهة يرجع الفضل في تأسيس منتخب جبهة التحرير الوطني إلى المناضل محمد بومزراق رحمه الله، كان ذلك في المهرجان العالمي للشباب في موسكو سنة 1957، رافعا الراية الخضراء والبيضاء، وكان يمثل فريق كرة القدم والرياضة الجزائرية في هذا الحدث. وفي الوقت الذي راح فيه الجمهور الحاضر يحيي العلم الجزائري وينادي باسم الجزائر، سالت من عيني بومرزاق دموعا، لم يتمالك نفسه وراح يبكي بكاء الصبيان، تأثرا بالترحاب الكبير الذي لقاه من طرف السوفيات، وهو على هذا الحال، تذكر أنه قبيل انطلاقة الثورة التحريرية ببضعة أسابيع قام لاعبوه من شمال أفريقيا بهزيمة منتخب فرنسا ب 3 أهداف مقابل صفر في المباراة التي نظمت لصالح ضحايا الزلزال الذي ضرب مدينة أورليانسفيل (مدينة الشلف حاليا وقد كانت تسمى أورليانسفيل أثناء الفترة الاستعمارية والذي راح ضحيته 1460 شخصا قبل شهرين. وقد ضم الفريق اللاعبين المغربيين العربي بن بارك والمدافع عبد الرحمن محجوب والجزائريين مختار عريبي وسعيد الإبراهيمي وعبد الرحمن بوبكر وغيرهم من نجوم الكرة الجزائرية في تلك الفترة. بضع دقائق كانت كافية للمناضل محمد بومرزاق أن يبلور فكرته، ويحولها من مجرد فكرة إلى واقع في مخيلته، فقرر تجسيدها على أرضية الواقع، لكن ما السبيل لتجسيد فكرة المناضل محمد بوزراق، طالعوا لتتعرفوا عن المزيد من أسرار تأسيس منتخب الجبهة، والتي لن تجدونها إلا عبر هذه النافذة التاريخية لجريدتكم المفضلة (الشباك). ميلاد فريق جبهة التحرير الوطني بعد صدور قرارات مؤتمر الصومام والتي من بينها إنشاء تنظيمات تابعة لجبهة التحرير الوطني، وبعد ميلاد الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين والاتحاد العام للعمال الجزائريين، رأت جبهة التحرير الوطني ضرورة إيجاد تنظيم رياضي يحمل إسمها ويكون سفيرا لها في المحافل الدولية وذلك لما للرياضة من شعبية على المستوى العالمي وخاصة كرة القدم، فقررت تأسيس فريق لكرة القدم من اللاعبين الجزائريين المنتمين إلى البطولة الفرنسية ورأت في فكرة المناضل محمد بومزراق الذي كان أحد النشطاء البارزين في حزب جبهة التحرير الوطني، طريقا مناسبا لتجسيد ذلك على الواقع خاصة وأن المناضل بوزراق كان قد طرح فكرة تأسيس هذا المنتخب على أحد النشطاء الفاعلين في حزب جبهة التحرير الوطني. التأسيس تأسس المنتخب الجزائري لكرة القدم في ظروف سرية سنة 1958 أثناء فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، حين قام محمد بومرزاق وهو زعيم من جبهة التحرير الوطني الجزائرية (حزب جبهة التحرير الوطني) التي كان مقرها بفرنسا، بالاتصال مع 10 من أبرز لاعبين محترفين من أصول جزائرية كانوا ينشطون في الدوري الفرنسي آنذاك، وحدث ذلك خلال المهرجان العالمي للشباب في سنة 1957، حيث طلب منهم مغادرة فرنسا سرا والتوجه إلى تونس، حيث كان المنتخب الجزائري قد أنشئ في 13 من أفريل سنة 1957. في وقت لاحق أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا بعد احتجاج الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، أن أي فريق يواجه الجزائريين سيطرد من نهائيات كأس العالم، في حين أن الحكومة الفرنسية نجحت في إلقاء القبض على اللاعبين الآخرين الذين حاولوا مغادرة البلاد للانضمام إلى الفريق، على الرغم من هذه العقبات، فإن فريق حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري لعب 91 مباراة على مدى السنوات الأربع المقبلة، وساعدت انتصارات الفريق في منح وزيادة الاعتراف الدولي بكفاح الجزائريين من أجل الاستقلال. تشكيلة فريق جبهة التحرير الوطني بعد مغادرة اللاعبين الجزائريينلفرنسا والتحاقهم بتونس، تم تشكيل فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم عقب النداء الذي وجهته الجبهة إلى كل اللاعبين الجزائريين في فرنسا والذي رافقه صدى إعلامي كبير على الصعيد العالمي، خاصة وأن العالم كله يراقب التحضيرات المكثفة للمشاركة في كأس العالم، كما أثر الحادث كثيرا على الشرطة الفرنسية التي لم تتمكن من التفطن للعملية. بعد تشكيله بتونس تحت قيادة بومزراق قام فريق جبهة التحرير الوطني بتمثيل القضية الجزائرية في المحافل الدولية، فسافر عبر أقطار عديدة من تونس إلى بكين وبلغراد وهانوي وطرابلس والرباط وبراغ ودمشق وغيرها من العواصم التي نزل بها حاملا علم الجزائر، وقد لعب فريق جبهة التحرير الوطني 62 مقابلة فاز في 47 مقابلة وتعادل في 11 منها وانهزم في 04 مقابلات فقط. فريق الجبهة ودوره النضالي في تحرير الجزائر واصلت تشكيلة فريق جبهة التحرير دورها الرياضي النضالي إلى غاية 1962، أين شكلت النواة الأولى للفريق الوطني الجزائري الذي خاض أول لقاء له بعد الاستقلال في السادس من شهر جانفي عام 1963 بملعب 20 اوت أمام المنتخب البلغاري بفوز منتخبنا الوطني بهدفين لواحد وقع هدفي المنتخب الجزائري عبد الغني زيتوني. أشهر لاعبي منتخب الجبهة رشيد مخلوفي: غزال البحر الأبيض المتوسط ولد رشيد مخلوفي في 12 أوت 1936 بمدينة سطيفبالجزائر. يعتبر واحدا من بين أحسن اللاعبين الجزائريين لكل الأوقات، كما يعتبر أحد أفضل لاعبي البطولة الفرنسية لكل الأوقات أيضا. بدأ مشواره مع إتحاد سطيف، أقترحه أحد لاعبي سان إيتيان على مدرب الفريق المشهور جون سنيلا سنة 1954 وبعد إجرائه التجارب لنصف ساعة فقط تمكن مع إمضاء العقد مع نادي سان إيتيان وعمره 18 سنة. سجل 106 أهداف في 213 مقابلة لعبها مع سان إيتيان منها 104 أهداف في 205 مباريات في البطولة الفرنسية وهدفان في كاس أوروبا للأندية البطلة، حيث لعب 8 مقابلات. لعب رشيد مخلوفي 4 مقابلات مع المنتخب الفرنسي بين سنتي 1956 و1957 حيث كان أحد آمال الكرة الفرنسية قبيل كأس العالم 1958 بالسويد. لكن قبل شهرين من انطلاق نهائيات كأس العالم وبالضبط في 14 أفريل 1958، قرر رشيد مخلوفي الالتحاق بفريق جبهة التحرير الوطني مفاجئا بذلك الرأي العام الفرنسي وذلك استجابة منه لنداء الوطن، حيث فضل التضحية بمستقبله كلاعب حبا في الوطن والتزاما بندائه. قضى مخلوفي ست سنوات أخرى مع سان إيتيان سنة 1968 حيث فاز معه بثلاث بطولات سنوات 1957، 1964، 1967و1969 وكأس واحدة سنة 1968 ليلتحق سنة 1968 بنادي باستيا كلاعب ومدرب في نفس الوقت حتى 1970، بعدها أصبح مدربا للمنتخب الجزائري ورئيسا للاتحادية سنة 1988 لمدة قصيرة. الراحل عبد الحميد كرمالي: مهندس التتويج التاريخي ل "الخضر" في كأس أمم إفريقيا 90 ولد الراحل عبد الحميد كرمالي في 24 أفريل 1931 بسطيف، لعب للعديد من الأندية الجزائرية مثل اتحاد سطيف وغالية الجزائر واتحاد الجزائر وقد لعب في فرنسا لأندية اولمبيك كان وأولمبيك ليون، وكمدرب للمنتخب الجزائري لكرة القدم في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 1990، كما درب كرمالي العديد من النوادي الجزائرية منها على الخصوص فريقي مسقط رأسه الوفاق والاتحاد، واتحاد الشاوية، كما درب في المغرب وفي بعض دول الخليج العربي. الراحل سعيد حداد المدافع الذي كان يخشاه الفرنسيون ولد الراحل سعيد حداد في 30 أوت عام 1922، كان يلعب في مركز وسط الدفاع وساهم في الكثير من إنجازات فريق جبهة التحرير الوطني. قبل تلبيته لنداء الواجب والوطن - والتحاقه بصفوف فريق جبهة التحرير الوطني من عام 1962 إلى 1964، حيث شارك معه في 22 مقابلة كان سعيد حداد يلعب في صفوف اف. سي. سات الفرنسي من (64 الى 47) ثم مرسيليا (49 إلى 52) وتولوز (56 إلى 58). وقد وافته المنية سنة 1981. الراحل عبد الحميد بوشوك عاش في الأضواء ومات في الخفاء انتقل عبد الحميد بوشوك إلى رحمة الله في سن ال78 بمدينة تولوز الفرنسية التي كان أحد نجوم فريقها الكروي في الخمسينات وقطع مشوارا مشرقا مع فريق جبهة التحرير. وهو كما الآخرين لم يتمكن من مقاومة رغبة الالتحاق بصفوفها سنة 1958 . وعشية الاستقلال استفاد الراحل بوشوك من منحة دراسة بيوغوسلافيا تلقى خلالها تكوينا خاصا في التسيير الرياضي، ليعود بعد ذلك إلى الجزائر، حيث تولى منصب مدير الرياضات بوزارة الشباب والرياضة التي شغل فيها عدة مناصب بعد ذلك. وخصال الراحل كانت كثيرة لكن تواضعه وبساطته واستعداده الدائم لمد اليد للآخرين كانت أبرزها.