"البريكولاج" يحوّل نعمة الغيث إلى نقمة أمطار قليلة تكشف عيوبا كثيرة.. الأمطار التي سقطت نهاية الأسبوع الماضي والتي تدخل في خانة النعم التي أنعمها الله علينا تحوّلت بين عشية وضحاها إلى نقمة كادت أن تودي بحياة الكثيرين لولا لطف الله تعالى الذي أمدنا بالأمطار وحفظنا من كوارث طبيعية، والمشكل الواقع دوما على رؤوس الجزائريين هو انسداد البالوعات صيفا وشتاء، ذلك المشكل الراجع في الأول والأخير إلى سلطة البلديات، ولعل أن المنتخبين الجدد تعبوا قبل بداية مهامهم، أو أن الطقس الشتوي والبارد أثر عليهم وأشعرهم بالنعاس والرمي بالمهام الثقيلة التي تقع على كاهلهم عرض الحائط، بدل معاينة الأوضاع على مستوى الأقاليم التي يشرفون عليها والسهر على حماية الأرواح، حتى أن الكل بات يرعب من تساقط الأمطار التي تقترن دوما بتسجيل وفيات هنا وهناك بسبب الانزلاق الذي يحدث بالأحياء القصديرية الواقعة بمنحدرات جبلية أو حتى بسبب الفيضانات التي ترجع إلى انسداد البالوعات، وتتحول مهمة فك الانسداد في كل مرة إلى المواطن البسيط المغلوب على أمره في ظل غياب السلطات المحلية التي تغرق في سباتها العميق. فالأمطار الطوفانية التي سقطت مؤخرا كان من الممكن جدا أن تؤدي إلى كوارث حقيقية وكان قد يرجعها البعض إلى قضاء الله وقدره، إلا أن الحقيقة أنها لو حدثت فسوف تكون بفعل الفاعلين الذين أهملوا مهامهم في رعاية المواطن وحمايته من المخاطر المتربصة به من كل جانب، خصوصا مع سوء الأحوال الجوية التي قد تؤدي إلى كوارث، ويبدو أن الكل لم يحفظ درس حملة باب الوادي التي سجلها التاريخ وأودت بحياة الآلاف من الأشخاص ناهيك عن المفقودين، ويرجع سببها الأول إلى انسداد البالوعات والمشكل يستمر ويتكرر، حتى من المواطنين من تكفلوا بالمهمة عبر أحيائهم بسبب هاجس الخوف الذي مكث بأذهانهم بعد كارثة باب الوادي لسنة 2001 والتي لازالت راسخة بالأذهان بعد سنوات طوال. ولعل أن البالوعات ليست بالمشكل الكبير الذي يحتاج إلى التأطير والتكاتف لأجل فك انسدادها الذي يحدث في كل مرة بسبب امتلائها بالنفايات، بل يستوجب تخصيص عونين أو ثلاثة أعوان على الأكثر بكل بلدية من أجل رقابة تلك البالوعات بصفة دورية وفي كامل الفصول خصوصا وأننا لسنا في غنى عن تساقط الأمطار حتى في فصل الصيف بسبب التقلبات الجوية وتحول جل الفصول التي لم تعد تعرف استقرارا بسبب التغيرات المناخية. لذلك وجب التأهب دوما إلى مثل تلك الظروف الطارئة عن طريق الرقابة الدائمة لقنوات صرف المياه والإلمام بكل المشاكل التي من شأنها أن تمهّد لحدوث كوارث طبيعية تخاطر بحياة المواطنين، وهو المشهد الذي قابلنا على مستوى بلدية بئر توتة على سبيل المثال لا الحصر كون أن السيناريو تكرر بباب الوادي وبني مسوس وبوفريزي... وغيرها من النواحي التي غرقت في الأوحال ومياه الأمطار، بحيث مررنا على حفرة كبيرة شديدة العمق كان لها الدور البارز في ابتلاع مياه الأمطار إلا أن لجوء بعض الأيادي إلى ردمها مؤخرا برمي عجلات وخردوات هناك أدى إلى انسدادها وتحولت مع تساقط الأمطار إلى شبه بركة كبيرة من الممكن جدا أن تؤدي إلى غرق من تعثر فيها خصوصا من الأطفال، وما كان علينا إلا التمتع بالحس المدني والاتصال بنائب رئيس البلدية الذي رد أن الأعوان قاموا بمهمتهم في رقابة البالوعات، وتمنينا أثناء كتابة هذه السطور أن نمر مساء ونرى فك الانسداد عن تلك الحفرة التي كان لها الدور الكبير في امتصاص مياه الأمطار لحفظ أرواح الناس وهي تلك الغاية المرجوّة.