أسلحة المليشيات أقوى من أسلحة الدولة ليبيا ودروعها.. نار ودخان مستمران وتكريس للفوضى بدت المدينة التي أطاحت بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي هادئة، بعد يوم دام أسفر عن مقتل 31 شخصا و60 جريحا بين قوات درع ليبيا ومجموعات من المواطنين الغاضبين، وكأنه الهدوء ذاته منذ سبتمبر من العام الماضي حين اقتحم آلاف المواطنين الكتائب غير الشرعية في جمعة (إنقاذ بنغازي). وتعكس بنغازي -وهي بوصلة الحراك السياسي الليبي- حجم الاحتقان بين قوات (درع ليبيا) والمجتمع الذي يطالب بتفكيكها ودمجها في الجيش الوطني والشرطة. والأخيرة قوات احتياطية للجيش الليبي -حسب التصريحات الرسمية- لكنها تقف في المنطقة الرمادية بين الشرعية واللا شرعية، ويصل منتسبوها من الثوار السابقين إلى ما يقارب 10 آلاف مقاتل. وتملك قوات درع ليبيا من العتاد والسلاح والإمكانيات ما لا تملكه القوات النظامية، وفق تعليقات برلمانيين ليبيين، أبرزهم عضو لجنة الدفاع بالمؤتمر الوطني جمعة السائح الذي قال إن أسلحة الكتائب غير الرسمية أقوى من أسلحة الدولة في الوقت الحالي. وأكد أن الدروع العشر (أجسام غير شرعية)، موضحا أن سيناريو تدمير الجيش الليبي بالشعب المسلح في عهد القذافي يتكرر من خلال إقحام قوات لا تمت بصلة للمؤسسة العسكرية. وردا على استفسار إن كانت ليبيا عازمة على حل الدروع، قال السائح إن وزير الدفاع محمد البرغثي ورئيس الوزراء علي زيدان هما الوحيدان اللذان لديهما صلاحيات اتخاذ هذا القرار. وعن تركيبة الدروع، فقال إنها ليست على نسق عسكري واحد، حيث بعض منها له انتماءات أيديولوجية وأخرى سياسية وقبلية وجهوية، متحدثا عن خطط لدمجها في المستقبل القريب. وعزا أسباب حساسية بنغازي والعاصمة طرابلس من الدروع إلى أن دروع بقية المدن ذات توجهات قبلية. وبينما دعا عضو المؤتمر الوطني عن بنغازي أحمد لنقي إلى مائدة حوار وطني للخروج من الأزمة، وصف الناطق الرسمي باسم (قوات درع) ليبيا عادل الترهوني ما يجري بأنه (مؤامرة كبيرة) ضد درعهم رقم واحد الذي وصفه بأنه القوة الضاربة للثورة. واتهم الترهوني (أطرافا جهوية) بالوقوف ضدهم، مؤكدا أن الهدف من تأجيج المجتمع ضدهم هو تقسيم ليبيا بقوة السلاح، مؤكدا استعدادهم التام للتصدي للمؤامرة. وعن أسباب تأخرهم في تسليم الغنائم إلى الجيش، تساءل (أين هو الجيش والدولة؟). وكانت الحكومة الليبية قد أعلنت الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا اشتباكات بنغازي، بينما قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) استقالة رئيس أركان الجيش يوسف المنقوش على خلفية هذه الاشتباكات التي قتل فيها 31 شخصا وأصيب أكثر من مائة. فيما فوض المؤتمر الوطني مساء الأحد الحكومة بإنهاء التواجد الفعلي للكتائب والتشكيلات المسلحة غير الشرعية في كافة مدن ليبيا ولو باستخدام القوة العسكرية، وطلب منها وضع خطة تنفذ في مدة زمنية محددة لا تتجاوز نهاية العام الحالي لإنهاء تلك التشكيلات. كما طالب الحكومة بضرورة العمل على انضمام الكتائب التابعة لشرعية الدولة إلى الجيش الوطني كأفراد يحملون رقما عسكريا، وكلف النائب العام بانتداب قاض للتحقيق في الأحداث التي وقعت في بنغازي. وطلب المؤتمر أيضا من وزارة الدفاع ورئاسة الأركان متابعة الضباط التابعين لها واتخاذ الإجراءات القانونية حيال من يخالف اللوائح والنظم العسكرية، وخاصة الإدلاء بالتصريحات لوسائل الإعلام دون علم الوزارة أو رئاسة الأركان.