الميسورون بين تركيا ودبي.. والفقراء لا يعرفونها هكذا يقضي الجزائريون عطلتهم ميزانية رمضان تخلط الأوراق ونحن في موسم الاصطياف الذي استبقت دخوله الكثير من العائلات قبل بلوغ رمضان في هذه السنة بركضها إلى شواطىء البحار، يُبرمج الكثيرون يوميات عطلتهم بغية استغلالها في الراحة والاستجمام، وهناك من اختار الاستمتاع بالعطلة استثناء قبل شهر رمضان، ليختار البعض أخذها في رمضان الذي سيشهد جوا حارا باقترانه بشهر جويلية، بحيث رأوا أن الصيام يتلاءم والجلوس في البيت في هذه السنة، وأجلها البعض الآخر إلى ما بعد رمضان بسبب ضيق الوقت وإيجاد متسع منه بعد رمضان للاستجمام برفقة العائلة، ومن الأسر من ألغت عطلتها نهائيا بسبب تخوفها من الميزانية التي يتطلبها الشهر الكريم. اختصر العديد من الأشخاص عطلتهم في أيام معدودة قبل بلوغ الشهر الكريم الذي لا يتوافق مع عقد تلك الجولات إلى شواطىء البحر بحكم الصيام، ويفضل الكل قضاء رمضان إلى جانب العائلة لعيش تلك الأجواء الحميمة التي تطبع الشهر الفضيل. الولايات السياحية مقصد الكثيرين تتميز ولاياتنا السياحية بطبيعتها الساحرة مما جعلها تستقطب العديد من الزوار من داخل وخارج الوطن على غرار وهران، عنابة، سكيكدة، تيزي وزو، بجاية... خصوصا وأن ذلك لا يستلزم تأشيرة أو مبالغ مالية ضخمة فيكفي بعض السويعات في الطريق لبلوغ تلك الولايات الساحرة مما أوقع الكثيرين في اختيار تلك الولايات بغية قضاء بعض من الأيام على مستواها قبل رمضان وفضلوها على بلدان أوربية وعربية، ورأوا أن الجزائر بولاياتها الشاسعة هي جنة على وجه الأرض وليس هناك أي داع للتفكير في الابتعاد عنها. ما وضحته إحدى السيدات التي اقتربنا منها لترصد كيفية قضاء الجزائريين لعطلتهم الصيفية من خلال سبر لآراء المواطنين فردت أنها استفادت من عطلة لمدة 15 يوما مع زوجها وسيشدون الرحال إلى مدينة وهران وبالضبط منطقة عيون الترك التي تتمتع بشاطىء جذاب بغية قضاء فترة مع الأبناء هناك قبل حلول الشهر الفضيل، وقالت إنها اختارت في السنة الماضية مدينة القالة ليقع اختيارها في هذه السنة على منطقة عيون الترك بولاية وهران لما سمعته عن شواطئها الخلابة، وأضافت أن تجوالها عبر ولايات الوطن لا يكلفها ما قد يكلفها التجوال خارج الوطن، ومادام أن بلادنا تضم مناطق سياحية هامة ما شأننا وشد الرحال إلى بلدان أخرى على حد قولها وإنفاق مبالغ باهظة. أما مواطن آخر التقيناه بساحة أودان فقال إن وجهته في هذه السنة ستكون ولاية سكيكدة السياحية بشواطئها الجميلة على غرار شواطئ بن مهيدي، المرسى، القل، بعد أن كانت وجهته في السنة الماضية ولاية عنابة بشواطئها الممتعة خصوصا منطقة القالة، لكن أشار أنه أجل عطلته إلى ما بعد رمضان لتكون الفترة طويلة نوعا ما يستغلها في التجوال والتمتع بنسمات شاطىء القل الذي يعول على زيارته في هذه المرة. عطلة الميسورين بين تركيا ودبي وإذا فضل البعض الولايات الساحلية تبعا لقدراتهم المادية فإن عائلات أخرى اختارت الطيران إلى ما وراء البحار للاستمتاع بالعطلة خارج الوطن، بحيث تهاطلت الحجوز على الوكالات المنتشرة هنا وهناك وكانت البلدان الأكثر طلبا تركيا ودبي بالإمارات العربية المتحدة، خصوصا وأن أحلام الكثيرين تتمحور حول زيارة تلك البلدان التي ذاع صيتها من خلال الأفلام التركية وكذا الخليجية التي تذاع عبر القنوات الفضائية، والتي تبين سحر تلك البقاع، وفي هذا الصدد تحدثنا إلى عون رئيسي بوكالة سياحية بالعاصمة فقال إن الحجوز تتهاطل في هذه الآونة بالذات بعد أن استبق الكل عطلتهم السنوية قبل رمضان، وأكد أن البلدان الأكثر طلبا هما دبي وتركيا إذ تراجع الإقبال نوعا ما عن تونس ومصر على الرغم من الأسعار المغرية للرحلات التي تطلقها جل الوكالات السياحية، وذلك بسبب الأوضاع الأمنية التي تشهدها الدولتان معا، وعن أصناف الزبائن المقبلين على الرحلات قال إنه بطبيعة الحال هم من العائلات ميسورة الحال وكذلك الأزواج الجدد الذين يفضلون الاستمتاع ب(شهر العسل) كما يقال في دولة أجنبية، ويكثر الإقبال من طرفهم على تركيا خاصة إلى جانب دبي، وعن الأسعار قال تكون تبعا لعدد الأشخاص إذ تبدأ من 7 ملايين سنتيم إلى 10 ملايين فأكثر، كما تكون تبعا للخدمات المقدمة وكذا فترة المكوث بالبلدان المستقبلة للسواح. ونحن هناك حتى وفدت سيدة وزوجها بحيث قدما إلى ذات الوكالة لغاية تسجيل الحجز اقتربنا منهما فأوضح الزوج أنهم بصدد الحجز لشد الرحال إلى دبي بالإمارات العربية المتحدة هو وزوجته وابنتاهما، وقال إن التكلفة كانت ب8 ملايين سنتيم لقضاء 10 أيام هناك وقال إنه مبلغ لا بأس به ولا يضاهي الأوقات الممتعة التي سوف يمضيها برفقة عائلته الصغيرة بذلك البلد. شاطىء "الكيتاني" نصيب المعوزين وإذا كانت وجهة البعض بعض البلدان العربية والأوربية فإن البعض الآخر لا وجود لبرنامج العطلة في رزنامته، ويغيب معناها في قواميس بعض العائلات فهي بالكاد تقوى على استراق بعض الجولات إلى شواطىء البحار المنتشرة عبر العاصمة على غرار (لامدراك) بعين البنيان أو (كيتاني) وهي الوجهة السهلة لأغلب العائلات التي لا تقوى على السفر إلى شواطىء أخرى أكثر رقي وتنظيم من حيث الخدمات، ومن العائلات من سارعت إلى إدراج أبنائها في القوائم عبر البلديات لأجل استفادتهم من المخيمات الصيفية على مستوى البلديات بالنظر إلى عدم قدرتها على التكفل بمتطلباتهم لوحدها والتجوال بهم إلى شواطىء البحار، وما يلحق ذلك من متطلبات مادية ضخمة في ظل العوز التي تعاني منه العائلات. وفي زيارة لنا إلى شاطىء كيتاني بباب الوادي وقفنا على ذلك التدافع الذي شهده الشاطىء من طرف النسوة والأطفال خاصة، اقتربنا من البعض منهم فأجمع الكل أنه الشاطىء المتاح لهم على الرغم من عدم توفر العديد من المرافق الضرورية على مستواه، ومقاسمتهم للنفايات حتى أن مياهه تكون معكرة في غالب الأحيان من دون أن ننسى مخاطر القفز من تلك الصخور والتي أودت بحياة الكثيرين في السنوات الماضية، إلى جانب غياب الأمن وانتشار المنحرفين والسكارى بذات الشاطىء مما يهدد العائلات الوافدة إليه. وهو ما أعربت عنه السيدة ريمة التي كانت برفقة ابنتيها، إذ قالت إنهم عائلة معوزة خصوصا بعد وفاة زوجها معيلهم الوحيد، وشغف بنتيها بشاطىء البحر مثلهم مثل أقرانهم جعلها تفد إلى شاطىء الكيتاني مكرهة كونه أقرب شاطىء بحكم أنها تقطن ببلكور وتفد إلى ذات الشاطىء بواسطة حافلة، و ابنتاها كانتا تستمتعان بصناعة مجسمات متنوعة بالرمال ورمتا بكل الهموم إلى الوراء. حتى أن الشاطىء يستقبل زوار من الولايات الداخلية على غرار البليدة، المدية وذلك ما استنتجناه من خلال استوقافنا لبعض الآراء لاسيما وأنه الشاطىء المتاح للعائلات المعوزة، بحيث لا يختار الشاطىء أن يكون زواره من الطبقات الميسورة وأصبح ذات الشاطىء من نصيب العائلات المعوزة. ميزانية رمضان تخلط الأوراق ما أثر على برامج العطلة بالنسبة للكثير من الأسر في هذه السنة هي ميزانية رمضان الذي هو على بعد أيام قلائل من الآن بحيث ألغت الكثير من الأسر رزنامة عطلها وراحت إلى التحضير للشهر الكريم من حيث توفير الحاجيات خصوصا مع اللهيب الذي يشهده الشهر في أوائل أيامه، بحيث اختارت العائلات الانتهاء من بعض التحضيرات قبل بلوغ الشهر الكريم، الأمر الذي أجبر البعض على حذف العطلة نهائيا أو ربما تأجيلها إلى ما بعد رمضان، هذا في حال ما إذا تكرّمت ميزانية رمضان وعيد الفطر المبارك على ترك قسط للاستجمام، ما بينه أحد المواطنين وهو رب عائلة في العقد الخامس الذي قال إن اقتران رمضان في كل سنة بموسم الاصطياف أخلط الأمور نوعا ما وأضحت العائلات تتخوف من ميزانيته الكبيرة ولا تتاح لها الفرصة أصلا في التفكير في برنامج العطلة، وأضاف أنه شخصيا ألغى العطلة بصفة نهائية في هذه السنة خصوصا وأنه عامل بسيط ولا يقوى على تغطية متطلبات رمضان ومن بعده العيد المبارك، لتليه مباشرة مناسبة الدخول المدرسي وهو ثالوث أسود ينتظر الأسر، فكيف له إقحام ميزانية العطلة مع كل تلك الميزانيات الكبيرة على حد سؤاله، وقال إنه بالكاد سيقوى على أخذ أطفاله إلى أقرب شاطىء والعودة بهم في المساء كأحسن حل يريح به ضميره لضمان استمتاعهم قليلا.