احتفلت دولة جنوب السودان قبل نهاية الأسبوع بذكرى استقلالها الثانية عن السودان بعد استفتاء شهير رجح خيار الانفصال، وسط أجواء تسودها إخفاقات حكومية في تحقيق إنجازات ملموسة، وإحباط شعبي عنوانه الرئيسي انتقادات للحزب الحاكم، الحركة الشعبية لتحرير السودان، ودعوات دولية للإسراع نحو تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي في أسرع وقت ممكن. وأقر رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت في خطابه الرسمي الذي وجهه لشعبه من أمام ضريح الدكتور جون قرنق زعيم الحزب الحاكم الراحل، بأن حكومته فشلت في تحقيق تطلعات المواطنين في مجالات التنمية والإصلاح الاقتصادي، ووعد بتوسيع دائرة محاربة الفساد على كافة المستويات، وتفعيل برامج المحاسبة والمساءلة وسط كل المسؤولين بلا استثناء، وأضاف (لن أرضى بغير التغيير، وكذلك لن أتسامح مع المفسدين داخل الحكومة). وتتعرض الحكومة لضغوطات محلية ودولية بشأن انتشار الفساد وسط الدوائر الحكومية، وعدم تقديم المفسدين للمحاكمة. وكان سلفاكير قد أعلن قبل أشهر أنه أرسل خطابات لنحو 75 مسؤولا يطالبهم فيها بإرجاع أموال مفقودة تقدر بنحو أربعة مليارات دولار. ويمثل الفساد أحد العوامل الأساسية التي أخّرت تحقيق المشروعات التنموية. ويشير سايمون دينق وهو ناشط في مجال المجتمع المدني إلى أن تجربة عامين من الاستقلال أثبتت عدم قدرة الحكومة على تحقيق الأولويات للشعب، وفشلها أيضا في تحقيق الاستقرار والسلام في منطقة جونقلي. وأوضح دينق أن استمرار الحرب وبطء عمليات التنمية مؤشر على عدم رضا الجميع من حكم سلفاكير ميارديت، (كنا نتوقع افتتاح مستشفى جديد لكن هذا لم يحدث فكيف سيرضى الجميع عن حكمه)، داعيا رئيس البلاد إلى ضرورة تبني تغيير حقيقي على أرض الواقع بدلا من الأقوال السياسية. ويعلل مسؤولون حكوميون غياب إنجازات تنموية خلال العامين إلى التحديات الداخلية والخارجية التي اعترضت عمل الحكومة، ويشيرون إلى أن تدهور العلاقات مع الخرطوم ووقف عمليات إنتاج النفط وتصديرها عبر الأراضي السودانية واحدة من تلك التحديات. ومن جهته يعتقد مدير مركز النيل الثقافي الدكتور آرثر غابريال ياك بأن نسبة كبيرة من الشعب غير راضية عن أداء الحكومة مع مرور عامين على الاستقلال بصورة عامة، ويقول إن أغلب المواطنين لا يزالون يصدقون حتى الآن ذريعة (حداثة الدولة) وهو أمر لا يدعو للتفاؤل أيضا. وأضاف غابريال أن تعهدات الحكومة المتعلقة بمحاربة الفساد لن تتم إلا عبر مؤسسات قوية وهي غائبة الآن، ويشير إلى أن الجميع يتوقع من الرئيس تشكيل حكومة جديدة وتخفيض العدد الكبير من الوزراء، وهو ما قد يحسن أداء الحكومة خلال المرحلة المقبلة. ويواجه الحزب الحاكم خلافات داخلية بشأن حال البلاد، حيث برز على السطح إعلان رياك مشار نائب رئيس جنوب السودان عزمه الترشح لرئاسة الحزب أمام رئيسه سلفاكير ميارديت، ويشير المراقبون إلى أن سوء إدارة هذا الصراع السياسي قد يؤدي إلى انهيار الدولة.