السودان، الهلال الخصيب، البلد العربي الممتد بثقله إلى قلب إفريقيا، إن لم يكن هو قلبها النابض، يتغلغل بمكوناته الاجتماعية والثقافية إلى الجنوب، كما تمد ذات المكونات بثقلها إلى الشمال لتؤسس وجودا لقطب عربي عارب، استطاع أن يلعب عبر التاريخ الإسلامي دورا قويا وفاعلا في الاضطلاع في بعث المشاريع الثقافية في الوسط الإفريقي، والتأثير في عملية تفاعل مختلف الأطياف الإنسانية، والألوان الاجتماعية حولها مما أوجد مناخا متوائما ومتجانسا مع الوجه المثالي لحركة الفاتحين وانجازاتهم عبر التاريخ. دخل السودان بداية العقد الماضي وهو ما زال دولة عضوا في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي وفي الاتحاد الإفريقي وفي الأممالمتحدة، وهو أكبر الدول من حيث المساحة في إفريقيا والوطن العربي، ويحتل المرتبة العاشرة بين بلدان العالم الأكبر مساحة. تحده من الشرق أثيوبيا وأريتريا ومن الشمال الشرقي البحر الأحمر ومن الشمال مصر ومن الشمال الغربي ليبيا ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونجو الديمقراطية ومن الجنوب الشرقي أوغندا وكينيا. والسودان دولة ليست حديثة الوجود، بل تمتد بثقلها إلى القدم، حسب ما تؤشر المعالم الأثرية التي لم تعنى بالاهتمام الإعلامي اللائق، مما ساهم في قتل فضول السائحين، فقد خلفت الحضارة النوبية الممتدة بين العام 592 قبل الميلاد و350 بعد الميلاد، 50 هرما في عاصمة مملكة مروي على بعد 200كم شمال الخرطوم، وفي ممالكها القديمة في نوري والكرو، وحوت تلك الأهرامات رفات 20 ملكا، و8 ملكات، و3 من الأمراء، و10 من النبلاء حكموا بلاد النوبة. وتشير القراءات إلى أن ملكة مروي امتد حكمها إلى مصر لنصف قرن من الزمان، وسقطت في القرن الرابع الميلادي وورثتها مملكتان مسيحيتان هما علوة، وعاصمتها سوبا على بعد 10 كم جنوبالخرطوم، والمقرة في دنقلا واستمرتا أكثر من ألف عام إلى مطلع القرن لسادس عشر، حيث جاء المسلمون إلى الحكم في البلاد. ولا تزال الحضارة المروية النوبية من الطلاسم في علم الآثار رغم ارتباطها الواضح بالحضارة المصرية والإغريقية والرومانية ورغم أنها طورت حروفا لكتابة لغتها وديانة خاصة بها. وفي العصر الحديث برز السودان إلى الخارطة العالمية كدولة في العام 1956، بعد ما خرجت منه بريطانيا مخلفة بؤر قلق وسمت بالمناطق المقفولة التي منعت التواصل الثقافي والاجتماعي بين الشمال والجنوب، ولعل من أبلغ تجلياته تظهر في تمرد حامية عسكرية من الجنوبيين في مدينة توريت الجنوبية عام 1955، ليصبح نواة لتمرد بقيادة حركة "أنانيا 1" استمر لأكثر من 17 عاما، حيث أسست تمردها على مطلب أساسي يقوم الإلحاح على رفع نسبة المشاركة في الخدمة المدنية خلال الحقبة الاستعمارية، قبل أن يتطور إلى ربط هذه المطالب ببعض المطالب السياسية، مثل اقتسام السلطة والمطالبة بتطبيق الفدرالية. 17 عاما من التوتر طريق إلى أديس أبابا بعد 17 عاما من التوتر بين الحركة الجنوبية استطاعت القيادة في السودان في عهد الرئيس السوداني السابق جعفر محمد النميري في مارس 1972، أن تجلس أشقاء الجنوب إلى طاولة المفاوضات التي توجت بتوقيع اتفاقية، عرفت باتفاقية أديس أبابا، وقد تم بموجبها دمج عناصر حركة الأنانيا الجنوبية في صفوف الجيش السوداني، وتمتع الجنوبيون بالحكم الذاتي لإقليمهم، غير أن الانفصال لم يكن وقتها مطلبا في المفاوضات. غير أن الاتفاقية لم تكن بالقوية، فسرعان ما انهارت في العام 1983، عندما قام النميري بتقسيم الجنوب إلى ثلاث ولايات، وهي أعالي النيل وبحر الغزال والاستوائية، وهو اعتبرته الحركة الجنوبية إلغاء لاتقافية أديس أبابا التي كانت تنص على إقليم واحد. وعلى خلفية هذا الإجراء التقسيمي الذي قام به النميري في العام ذاته تمردت إحدى الكتائب العسكرية في جنوب السودان، اتبعت بتمرد العقيد جون غرنق الذي عينه النميري للتفاوض مع الكتيبة المتمردة، مما قاد إلى نشوء الحركة الشعبية لتحرير السودان التي انبثق عنها جناحا مسلحا الجيش الشعبي، قاد البلاد إلى حرب أهلية، من أهم مطالبها نصيب أكبر في السلطة والثروة وفصل الدين عن الدولة، وشهد التوتر فصولا دامية قتل وشرد فيها مئات الآلاف، قادت في حيثياتها إلى ظهور أول أتفاق للتقرير المصير بين الحركة الشعبية لتحرير السودان برئاسة لام أكول، وبين حكومة الإنقاذ الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير في جانفي 1992، قبل أن تتوسع في إعلان أسمرا عام 1995 لتشمل التجمع الوطني الديمقراطي المعارض الذي كان يضم قوى المعارضة الشمالية. اتفاقية نيفاشا ونقطة التحول في الرؤية اتجاه السودان تشير القراءات إلى أن اتفاقية نيفاشا في أصلها اتفاقية أمريكية تم اقتراحها في أحد مراكز الدراسات الإستراتيجية في أمريكا العام 2001 وتتضمن مقترح دولة واحدة بنظامين، وفي ذلك الوقت كانت مفاوضات السلام التي ترعاها الإيفاد قد مضى عليها ثماني سنوات منذ توقيع إعلان المبادئ في 1994م، والإسهام هذا كان له أثر في أن تصبح المفاوضات جادة أكثر، بهدف إنهاء الحرب في السودان، بعد ما كان الهدف في التسعينات النظام النظام السوداني. وقد أدركت الحركة الشعبية هذا التحول في الرؤية فبادرت إلى إبداء ليونة تامة مع أهم حلفائها في المجتمع الدولي وهما الولاياتالمتحدة والنرويج، حفاظا على تواصل دعمهما، وعلى ذلك حولت إستراتيجيتها من إسقاط النظام بل إيقاف الحرب. وعلى خلفية هذا التحول سارعت إلى رئيس حزب المؤتمر الشعبي المعارض حسن الترابي، الحليف السابق للرئيس البشير لتوقع معه في العام 2001 مذكرة تفاهم فتحت الهوة أكثر، ونقلت المشهد السوداني في وجهة غامضة في العام 2002، حيث عرف المشهد السوداني توقيع الحكومة على اتفاق سلام مع الحركة الشعبية في نيروبي، تضمن وقفا لإطلاق النار لمدة ستة أشهر في جبال النوبة التي تعتبر أحد المعاقل الأساسية للمتمردين، قبل أن تتوسع في محادثات نيفاشا بكينيا في عام 2003، حيث وقّع الطرفان اتفاقا أمنيا يسمح بدمج القوات في مناطق معينة متنازع عليها ويحتفظ الطرفان بقوات مسلحة منفصلة في المناطق الأخرى. اتفاقية السلام ومؤشرات الانفراج وفي جانفي 2005، وقّع الطرفان اتفاق السلام الذي تضمن وقفا دائما لإطلاق النار وبروتوكولات تقاسم السلطة والثروة، وحل النزاع في جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق وبروتوكول حل النزاع في أبيي، وتضمن الاتفاق آليات مراقبة دولية وفترة انتقالية مدتها ست سنوات تنتهي باستفتاء على تقرير مصير الجنوب. وجرت المفاوضات برعاية الهيئة الحكومية لدعم التنمية لدول شرق ووسط أفريقيا (إيفاد) وشركائها الأوروبيين، وشهدت دعما دوليا كبيرا، وحضر وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول إحدى جلساتها لكنه سرعان ما شهدت الخرطوم اضطرابات بين الشماليين والجنوبيين، إثر تحطم الطائرة التي كانت تقل جون قرنق في شهر أوت من ذات العام، وقد كان قبلها بأسابيع قليلة قد أدى اليمين الدستورية كنائب أول للرئيس السوداني ورئيسا لحكومة الجنوب، بعد وقع الدستور الانتقالي الذي أعطى للجنوب حكما ذاتيا واسعا. سلفاكير ميارديت والمشاركة بالحكم واضطرابات أبيي بعد مقتل قرنق خلفه سلفاكير ميارديت على رأس حكومة الجنوب الذي في ساهم في أكتوبر من العام 2005 بتشكيل حكومة الحكم الذاتي في الجنوب، وذلك تماشيا مع بنود اتفاقية السلام الشامل، غير أن هشاشة الوضع سرعان ما انفلتت في مارس 2008، على وقع اضطرابات منطقة أبيي الغنية بالنفط، مما قاد بالطرفين الشريكين إلى الجلوس بمفاوضات اتفقوا فيها على إحالة الأمر لهيئة المحكمة الدولية في لاهاي التي أصدرت بشأنها في 22 جويلية 2009 قرارا يقضي بتقليص حدود المنطقة من 18500 كلم2 إلى 10 آلاف كلم2. كمال منح القرار الشمال الحق في السيطرة على حقلين كبيرين للنقط، وأعطى حقلا واحدا صغيرا للجنوبيين، وقضى أيضا بحق قبيلة "دينكا نقوك" الجنوبية في تملك غالبية الأرض، الأمر الذي اعترضت عليه قبيلة المسيرية الرعوية التابعة للشمال قائلة إنه حرمها من مناطقها التاريخية. 2009 عام الفصل والطريق إلى الاستفتاء في 29 ديسمبر 2009 صدر قانون الاستفتاء الذي حدد آليات الاستفتاء لتقرير مصير الجنوب بعد خلافات بين الشريكين في البرلمان بشأن من يحق له التصويت من الجنوبيين وتشكيل مفوضية الاستفتاء، وإلى جانب قانون الاستفتاء، شهد تحالف الشريكين شدا وجذبا بشأن ما عرفت بقوانين التحول الديمقراطي، التي تجلت فيما بعد بالحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في العام 2010، والتي على إثرها قررت الحركة الشعبية لتحرير السودان سحب مرشحها لانتخابات الرئاسة السودانية ياسر عرمان، مع مشاركتها في الانتخابات البرلمانية وقد فاز الشماليون في الشمال كما فاز الجنوبيون في الجنوب. كما أعقب هذه الانتخابات تشكيل مفوضية أوكلت لها مهمة الإشراف على عملية الاستفتاء في نهاية جوان الماضي الذي عرف دخول الطرفين في مفاوضات بالخرطوم بشأن ترتيبات ما بعد الاستفتاء، ومنها الحدود وتقاسم العائدات النفطية، كما أجرى الجانبان مفاوضات في أديس أبابا بشأن منطقة أبيي والاستفتاء المقرر بشأنها. وعلى الصعيد الدولي المتصل بالسودان، انعقد مؤتمر في شهر سبتمبر الماضي في واشنطن شارك فيه قادة أربعين دولة بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحضور سلفاكير ميارديت وعلي عثمان محمد طه نائبي الرئيسالسوداني وقد شدد المؤتمر على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده في جانفي 2011. أبيي: الانفصال وترسيم الحدود خلال 2010، أكد رئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود بين شمال وجنوب السودان البروفيسور عبد الله الصادق اكتمال ترسيم الحدود بنسبة 80 بالمائة، لينحصر الخلاف في خمس مناطق منها منطقة أبيي التي طالب رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت من مجلس الأمن الدولي يجعلها منطقة عازلة بعرض 32 كلم على طول الحدود بين الشمال والجنوب، بموازاة ذلك ازدادت وتيرة الحملات الدعائية، وأعلنت الحركة الشعبية تفضيلها خيار الانفصال في الاستفتاء، في حين أعلن حزب المؤتمر الوطني تبنيه حملة تغليب خيار الوحدة. ماذا بعد الاستفتاء؟ بهذا هذا العرض البسيط المشحون بالأسئلة، يجرنا المقام إلى نوع من المساءلة عن ما إذا كان ما سار إليه السودان هو الخيار الوحيد والمفضل؟ وما العوائق التي حالت دون إنجاح مشروع الإنقاذ الوطني الذي أطره الرئيس البشير؟ وهل ستستقر الأمور سواء انفصل الجنوب أو لم ينفصل؟ خصوصا إذا أخذنا الجانب العقدي الذي يلون الجنوب المسيحي، ويلون الشمال المسلم؟ لقد انتهت السنوات التي أعقبت اتفاق السلام وسار الأمر إلى ما سيكون عليه بعد ظهور نتيجة الاستفتاء التي تحدد الوجه الجديد للسودان، الذي سوف لن يكون ذاته الذي يقدمه زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، وزعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي ومحمد عثمان الميرغني، ولا حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي. وبحسب المراقبين، فإن السودان الذي سيطل برأسه خلال العقد المقبل، وحتى إن احتفظ هؤلاء بأعمارهم سيكون مبنيا على واقع السياسي يؤسس لحقبة تاريخية جديدة. دارفور الإقليم اللغز ومروحة المحكمة تثير المتابعات الإعلامية لقضية دارفور السودانية أسئلة كثيرة، ذلك أن هذا الإقليم ألقى بظلاله على مختلف مراحل تلون العلاقة بين الشمال والجنوب، خصوصا ما إن بدأت ملامح اتفاقية نيفاشا للعلن، وعلم الجميع من تداعياتها أنها ستبلغ غايتها، بتحقيق سلام ووقف الحرب بين الشمال والجنوب، مما يحيل إلى توع ترجيح وجود أياد أجنبية ذات أجندة وأطماع خاصة في السودان، وقد حولت الإقليم إلى بؤرة للقلق الدائم والغامض. والمتتبع للواقع السوداني، قبل دارفور، ليدرك أنه على الرغم مما اجواء التوتر بين الجنوب والشمال، فإن السودان استطاع أن يؤسس لنوع من الانفتاح السياسي الجيد، توجته الكثير من الملامح الديمقراطية. وعلى المستوى الاقتصادي ارتفعت آمال السودانيين بمستقبل واعد، دشنه استخراج البترول، كما قبل دارفور، كما ارتفعت أمالهم أيضا أمنيا باتفاقية السلام ووقف الحرب، التي كان شكل المطلب الاقتصادي جوهرها. لكن بعد ثلاث سنوات من العقد الأول من الألفية الثالثة أطلت دارفور، كقضية داخلية وأزمة محلية ثم استفحلت لتصبح إقليمية ودولية، وتتربع على أجندة مجلسي الأمن والسلم الدوليين والأممالمتحدة، وتجر معها المحكمة الجنائية الدولية، وتدفع الحكومة إلى تنازلات ما كانت في الحسبان وتراجعات في ملف الجنوب الذي أصبح هينا مقارنة مع أزمة دارفور. والمتتبع للشأن السوداني هذه الأيام، ليقف عند سحب الحكومة مفاوضيها من مباحثات السلام حول دارفور بالدوحة آخر محطات المفاوضات حول أزمة دارفور وإعلانها أن الحوار مع أي حركة مسلحة سيكون داخل دارفور. آفاق اقتصادية واعدة ستتواصل الحركة الاقتصادية في السودان وفقا للمجرى الذي دخل فيه السودان خلال في السنوات الأخيرة بعد ظهور موجة الاستثمارات الأجنبية التي تسللت مع بداية العقد إلى السودان، وانعكست آثارها عمرانيا وتنمويا، مما غير ملامح العمارة في مدن السودان خلال السنوات العشر الماضية، غير أن سياسة شد الحزام الخاصة فقط بالمواطنين، والتي انتهجتها الحكومة خلال السنوات الماضية ما زالت ماضية، ونجحت الدولة في بناء اقتصاد حر، اكتست مظاهره صبغة الرفاهية التي اكتظت بها الحياة العام. وعلى الشق البترولي فالظاهر أن السودانيين لن يهنأوا كثيرا به، بعدما أصبح أحد عوامل الخلافات السياسية، بين شريكي الحكم خلال السنوات الخمس التي أعقبت اتفاق السلا تقسيم السودان هو مشروع صهيوني لتفتيت العرب تحذيرات من مخططات إسرائيلية في الجنوب السوداني بعد الانفصال أكد سودانيون من شمال وجنوب البلاد أنه لا عودة للحرب بينهما مهما كانت نتيجة الاستفتاءب، محذرين من اتخاذ كيان الاحتلال الإسرائيلي الجنوب قاعدة له للانطلاق منه في مخططاته ضد الشمال. وقال القنصل العام في سفارة السودان في بيروت سمير باتبوت، إن كفة الانفصال تبدوالأرجح مع تمنيات الشمال أن يكون الرجحان للوحدة، رغم أن الواقع لا يشير إلى ذلك، معتبرا أن الشمال دعم حتى آخر لحظة خيار الوحدة ودعا لها، مع أن الخيار سيكون لأهل الجنوب. وأضاف باتبوت: إن انفصال الجنوب عن شمال السودان هو مشروع صهيوني بالأساس لتفتيت الدول العربية، وقد خطط له كيان الاحتلال منذ عقود، لأن استقرار السودان يدعم مصر، وهذا ما لم يكن في مصلحة كيان الاحتلال. وتابع: إن موقع السودان الاستراتيجي كونه حلقة الوصل بين الجنوب الإفريقي والشمال العربي، وكذلك إمكانياته في التطور الزراعي والاقتصادي، يجعل منه خطرا على التفوق الإسرائيلي المطلوب ضمن مخططات الاحتلال، مشيرا إلى وجود خبراء إسرائيليين في الوقت الحاضر بالجنوب، وتوقّع فتح سفارة لكيان الاحتلال في الجنوب مستقبلا، محذرا من أن استغلال إسرائيل وجودها في الجنوب ضد الشمال سيكون موقفا عدائيا من الجنوب. واعتبر أن دولة الجنوب الوليدة ستكون مفتقدة لأي مقومات الدولة والبنى التحتية نتيجة الحرب الطويلة التي استمرت عقدين، وستكون التنمية ضعيفة فيها، مشيرا إلى أن حكومة الجنوب لم تهتم بتنمية الإقليم طيلة السنوات الماضية، ما يستدعي إيجاد تعاون اقتصادي بين الشمال والجنوب حتى تستطيع دولة الجنوب الوقوف على قدميها. وأشار باتبوت إلى أن اتفاقية السلام التي تم توقيعها في عام 2005 وضعت نهاية للحرب بين الشمال والجنوب إلى الأبد، مهما كانت نتائج الاستفتاء في الجنوب، مشددا على عدم وجود أية هواجس لدى الطرفين بخصوص امكانية عودة الحرب. ونوه القنصل العام في سفارة السودان في بيروت إلى ضرورة حسم القضايا العالقة مثل الحدود وابيي وغيرها بعد الاستفتاء الذي تليه فترة انتقالية، ستكون كافية لحل تلك القضايا من أجل التأسيس لشراكة استراتيجية بين الطرفين الأمر الذي يمكن أن يمهد حتى لعودة السودان موحدا. من جهته، قال القيادي في الحركة الشعبية في جنوب السودان اقوك ماكور، إن الدولة الوليدة ستقرر بنفسها أمر علاقاتها الخارجية ولا تكن العداء لأية دولة، مشيرا إلى أن العلاقة مع إسرائيل ستكون شأنا داخليا، معتبرا أن علاقات الجنوب مع أي دولة ستحكمها مصالح دولة الجنوب اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. وأكد هذا القيادي في الحركة الشعبية في جنوب السودان اتفاق الشمال والجنوب على عدم العودة إلى الحرب واحترام نتائج الاستفتاء في الجنوب، ما أوجد جوا من الارتياح بين الشعب في الجانبين.