في أحد الأيّام المشمسة والجميلة اجتمع كبار المعلّقين العرب وقرّروا الذهاب إلى أحد المطاعم لقضاء بعض الوقت الممتع والابتعاد قليلا عن جوّ التعليق، وبعد أن أنهوا طعامهم أتى النّادل وسألهم: (ماذا تشربون يا أغوات؟)، فأجابه يوسف سيف: (واللّه شوف، هو عاد ممكن مثلا يعني مثلا نشرب قهوة مثلا لأن ميسي ممكن مثلا يكون قاعد مع شافي وبيدرو في البارصا عم يشرب كمان قهوة مثلا يعني ممكن مثلا). قال فارس عوض: (ياااااااا ربّاه يا يوسف كنت بقولها)، قام رؤوف خليف بسؤاله عن المشروبات الموجودة فأجابه النّادل: (عندا وقهوة وميلو وشاي وزهورات وكمّون وكولا وعصير و كوكتيل و مياه و...)، فقاطعه رؤوف قائلا: (يا سلام، يا سلام، هذا المطعم حقيقة وليس أوهاما، سأشرب كأس ماء ثاني وأغنّي أجمل الأغاني ولن أشرب الكولا لأنه فنون وجنون والماء من أجمل ما يكون)، فالتفت النّادل إلى الشوالي وقال له: (وحضرتك؟)، فأجابه الشوالي: (أريد أن تجلب لي كأس الشاي الأطيب والأمهر والأحسن والأروع والأفضل، وأن تضع فيه ملعقتي سكّر تكونان كالقمر في السّماء، كالجمل في الصحراء، كالسمكة في الماء وكالجناح لدى الحرباء). ثمّ سأل النّادل علي سعيد الكعبي: (وأنت يا معلّم)، أجابه الكعبي: (شوف حبيبي لمّا كنت في ألمانيا كنت أسير في الشارع وكانت ماطرة الدنيا. فلاقيت شخصا عم يشتغل بالحفريات فسألته وقلتله: ليش عم تشتغل والدنيا ماطرة؟ فأجابني قائلا: نحن الألمان لا نترك عملا، بدأنا فيه حتى ننهيه)، النّادل: (باشا يعني شو بتشرب؟)، الكعبي: (زهورات)، التفت النّادل إلى علي محمد علي وسأله: (وأنت يا باشا؟)، فأجابه: (في هذه اللّحظة بئى أنا يعني حاخذ وحدة منجا بئى، وهنا أمامنا بئى، في هذه اللّحظات حيعني أصر بئى على عصير المنجا بئى)، أما أيمن جادة فقال له: (أعتقد عزيزي النّادل أنني سأطلب كأسا من الكمّون، لا سيّما وأن الساعة الآن الخامسة وسبع وعشرون دقيقة وثلاث ثواني، ويجب أن تصنع الكمّون وأن تسخّنه جيّدا حتى يغلي الكمّون وأستطيع شربه والاستمتاع بمذاق الكمّون لأنه كما يعلم الجميع الكمّون لذيذ وهو ساخن وأرغب في أن يأتي كأس الكمّون في الساعة الخامسة واثنين وثلاثين دقيقة وأحد عشر ثانية). بعدها التفت النّادل إلى حفيظ درّاجي وسأله عن مشروبه، فأجابه درّاجي: (ممممممممم، أعتقد أنني سأطلب.. مممممم.. واللّه متحيّر)، قال له النّادل: (شو رأيك بالكولا أستاذ؟). فأجابه درّاجي: (أولالالالالالالا.. كل شي إلاّ الكولالالالالالالالا.. ممممممممم.. أعتقد أنني سأشرب عصير كوكتيل، اجلبه لي وضعه على مسافة خمسة أمتار وخمسين منّي). وبعد أن جلب النّادل كلّ الطلبات جلس كلّ المعلّقين العرب مع بعضهم البعض يتجاذبون أطراف الحديث، وبعد أن أنهوا مشاريبهم أصرّ درّاجي على دفع الحساب كاملا، لكن الكلّ اعترض وأصرّوا على تقاسم الحساب، لكن درّاجي أصرّ على الدفع، فقال رؤوف خليف: (يا أخي أنت ليش ما بدك الحساب يتوزّع بيناتنا؟)، فأجابه درّاجي: (ممممممم.. واللّه بصراحة لا أعرف، بس اللّي بعرفو أنّو أولالالالالالالا لن يدفع الحساب أحد غيري يا سيّدي الحكم)، فانبرى الشوالي: (دلائل، إثباتات، تأكيد، يقين، براهين على أنك يا درّاجي شخص عظيم، ذو فكر سليم وذو طبع كريم، اللّه يخلّيك يا فهيم واللّه إنك بأصول الذوق واللباقة لعليم، والحمدللّه أنّو رح تطلّعنا من دفع الحساب مثل الشعرة من العجين)، فقال فارس عوض: (مستحيل يا درّاجي هذا ما لا طاقة لي به يااااااا ربّاه فلتحاسب). أمّا علي محمد علي فقال: (في هذه اللّحظة بئى درّاجي يعبّر عن نفسو بئى بأنّو شخص كريم أوي في هذه اللّحظات بئى)، أمّا يوسف سيف فقال: (واللّه شوف هو عاد الحساب لمّا بيدفعه درّاجي يعني مثلا ممكن لأنو مثلا شخص كريم مثلا وبزمانه ميسي مثلا عزم إينييستا وبويول مثلا على الغداء مثلا وما رضي إلاّ أنّو يدفع الحساب مثلا، يعني واللّه عاد مو مثل كريستيانو مع الرّيال مثلا)، أما أيمن جادة فقال: (أعتقد زميلي حفيظ درّاجي أنك عبّرت الآن عن كرم في أخلاقك وطيبة في مظهرك وسأقوم الآن بشكرك على هذه البادرة اللطيفة التي أبديتها، والتي تتمثّل في دفع النقود وتكاليف هذه العزيمة، حيث أنك لم ترض أن نقوم بتقاسم هذه التكاليف وهذه النقود، علما بأننا بقينا في المطعم لمدّة ساعتين وثلاث وأربعين دقيقة وسبع ثواني). ثمّ قال علي سعيد الكعبي: (في زماني لمّا رحت لهولندا التقيت بيوهان كرويف، سألته ليش يا يوهان هولندا ما أخذت كأس العالم سنة 74 وسنة 78؟ فنظر إليّ نظرة مطوّلة ملءها الحسرة وأجابني قائلا: لأن هولندا خسرت في النّهائي أمام ألمانيا والأرجنتين، واللّه أنا ما أدري عن كرويف، بس أنت يا درّاجي شخص كريم كثير، كريم كثير يا درّاجي)، أمّا رؤوف فقال: (واللّه يا درّاجي إنك ولا في الأحلام، وأنت قمر هذا الزمان، وهذه حقيقة وليست أوهاما، وإن شاء اللّه بعمرك لن تعلّق كمان وكمان).