عشرات العائلات تلجأ إليها لتقليص المصاريف المدرسية الكتب المدرسية المستعملة تتحول إلى تجارة رائجة في كل دخول مدرسي الخوف من أزمة ندرة قد تعصف بالكتب المدرسية عند الدخول المدرسي، دفعت العديد من العائلات إلى شرائها قبل وقتها أو حتى استبدال كتب السنة الفارطة بكتب السنة الجديدة، عند بائعي الكتب على الأرصفة والطرقات، مع زيادة يتفق عليها الطرفان تكون لصالح البائع طبعا. اكتسحت تجارة الكتب المدرسية الأرصفة والطرقات بقلب العاصمة، فلقد توافد العديد من الباعة لعرض الكتب المدرسية لمختلف الأطوار التعليمية، لعلمهم أن العائلات تحضر بشكل مبكر للدخول المدرسي الذي سيحل غدا الأحد، من خلال لجوء العديد منهم إلى اقتناء الكتب المدرسية المستعملة من الأرصفة، بالنظر إلى التكاليف الباهظة للكتب، خاصة أن الكثير من العائلات رغم حالتها المادية المزرية إلا أنها لا تنجح في الغالب في الحصول على الكتب المدرسية كإعانة من المؤسسة التعليمية، وعليه فهي تتدبر نفسها من خلال البحث عن كتب مستعملة وبأسعار زهيدة، وهو ما استغله العديد من الباعة.. وفي جولة استطلاعية، قادتنا إلى بعض الشوارع بالعاصمة، سألنا إحدى المواطنات التي كانت تريد أن تبيع كتب السنة الثانية متوسط لتشتري كتب السنة الموالية، ولكن الدهشة كانت حين أعطاها البائع مبلغ 250 دج في كل الكتب المقررة للسنة الثانية والتي قد يصل ثمنها داخل المؤسسات إلى 1000 دج، وعندما استفسارنا عن السبب فيجيبك البائع قائلا إنه في بعض الأحيان لا يجد المواطن الكتاب إلا عندنا ونحن نتعب في إقتنائه إما عن طريق الاستبدال أو عن طريق شرائه بمعارض الكتب التي نتبع أثرها عبر الولايات. وتعتبر هذه الفترة إلى غاية ما بعد الدخول المدرسي واقتناء التلاميذ للكتب المدرسية أفضل فترة لرواج تجارة الكتب المعروضة على الأرصفة والتي يبيعها شباب وحتى أطفال في سن العاشرة يرجون من ورائها مصروفا من أجل إعانة عائلاتهم أو شراء بدلة جديدة للمدرسة أو حتى اقتناء أدوات مدرسية .. وتخضع تجارة الكتب الدراسية المستعملة لقانون العرض والطلب، إذ يرتفع سعر الكتاب في بداية الموسم، وحين يقل الطلب تنخفض الأسعار. ويعمل البائعون على بيعه بنصف سعر الكتاب الجديد، لتبدأ من جديد عملية المساومة التي تخضع لمهارات الزبون التفاوضية، بغية الحصول على كتاب مدرسي يتلاءم مع قدراته الشرائية، وحتى يستطيع اقتناء ما تبقى من لوازم مدرسية على فترات. تلاميذ يبيعون كتبهم الجديدة لاقتناء الملابس يتحوّل الكثير من الأطفال المعوزين، مع كل موسم دراسي جديد إلى باعة كتب، عارضين كتبهم القديمة أو كتب منحها لهم بعض المحسنين لأجل استغلال مالها في اقتناء أدوات جديدة، لمساعدة أوليائهم على تخطي أحد أحرج الفترات المادية في السنة، خاصة لتزامنها هذا الموسم مع مناسبتي رمضان وعيد الفطر وما يفرضانه من مصاريف إضافية تخل بميزانيات الأسر مهما كان مستوى دخلها، وتشعر معدومي الدخل بالغبن واليأس أكثر. ويتكرّر مشهد باعة الكتب المدرسية الصغار بطرقات العاصمة وماجاورها، عشية كل دخول مدرسي أين يعرض الأطفال كتبا بعضها ممزّق وبعضها الآخر مصلّح، بأسعار تروق الكثير من الأولياء الذين يجدون صعوبة في توفير مصاريف الدخول المدرسي، لاسيّما العائلات التي يزيد عدد المتمدرسين فيها عن الثلاثة أفراد. وعرفنا من خلال تحدثنا إلى بعض الأطفال أن بيع الكتب المدرسية، تحوّل إلى حرفة يمتهنها الكثيرون حتى المتسربين من المدرسة، لما وجد فيها من فرص لجمع المال .. ومن المواقف الملفتة في الدخول المدرسي أيضا لجوء بعض الأطفال المعوزين إلى بيع كتبهم الجديدة مباشرة بعد تسلمها مجانا من الإدارة والاعتماد على الكتب القديمة التي يهبها لهم بعض المحسنين لاستغلال المال الذي يجنونه من وراء ذلك في اقتناء أغراض ضرورية أخرى أو شراء ملابس جديدة. ولا تقتصر سوق الكتب القديمة على الأرصفة أو عند الباعة الصغار المتجوّلين على كتب الطور الثالث فقط وإنما كل الأطوار بما فيها الابتدائي، وذلك بتشجيع الأولياء الذين يحمّل الكثيرون منهم أبناءهم الصغار مسؤولية أكثر من طاقتهم. حيث لا يهتم البعض إن كانت تلك التجارة قد تحرج صغارهم أو تعيقهم عن مشوارهم الدراسي، خاصة و أن العملية تستمر عند البعض حتى بعد الدخول المدرسي.