تلاميذ يبيعون كتبهم الجديدة لاقتناء الملابس يتحوّل الكثير من الأطفال المعوزين، مع كل موسم دراسي جديد إلى باعة كتب، عارضين كتبهم القديمة أو كتب منحها لهم بعض المحسنين لأجل استغلال مالها في اقتناء أدوات جديدة، لمساعدة أوليائهم على تخطي أحد أحرج الفترات المادية في السنة، خاصة لتزامنها هذا الموسم مع مناسبتي رمضان و عيد الفطر و ما يفرضانه من مصاريف إضافية تخل بميزانيات الأسر مهما كان مستوى دخلها، و تشعر معدومي الدخل بالغبن و اليأس أكثر. "ريما" 12سنة، لم تجد طريقة أفضل لمساعدة والدتها في غياب والدها المحبوس منذ أكثر من ثلاث سنوات، سوى جمع كتب زملائها في الصف قبل انقضاء الموسم الدراسي الأول لاستغلالها في بداية الموسم الجديد، و ذلك من خلال إعادة بيعها لأبناء الجيران بأسعار مغرية، يجد فيها الكثيرون مخرجا لهم مع غلاء الكتب الجديدة على مستوى المؤسسات. و ذكرت "ريما" التي يبدو أن الحياة أكسبتها مهارة الإقناع، أنها عملت بنصيحة زميلة لها في الصف التي اقترحت عليها جمع الكتب القديمة من بعض التلاميذ في نهاية السنة لإعادة بيعها مع انطلاق الموسم الجديد، و جرّبت ذلك لسنتين على التوالي مع شقيقها مروان الذي يكبرها بثلاث سنوات، و تمكنت بفضل ذلك من تخفيف العبء على والدتها،على الأقل من حيث توفير مصاريف أدواتها و ثمن المئزر كما قالت. و يتكرّر مشهد باعة الكتب المدرسية الصغار بسوق الخروب بقسنطينة عشية كل دخول مدرسي أين يعرض الأطفال كتب بعضها ممزّق و بعضها الآخر مصلّح، بأسعار تروق الكثير من الأولياء الذين يجدون صعوبة في توفير مصاريف الدخول المدرسي، لاسيّما العائلات التي يزيد عدد المتمدرسين فيها عن الثلاثة أفراد. و عرفنا من خلال تحدثنا إلى بعض الأطفال أن بيع الكتب المدرسية، تحوّل إلى حرفة يمتهنها الكثيرون حتى المتسربين من المدرسة، لما وجد فيها من فرص لجمع المال مثلما هو شأن الطفل "عبد المنيب" 14سنة الذي تعوّد على التجارة منذ سن العاشرة كما قال. و من المواقف الملفتة في الدخول المدرسي أيضا لجوء بعض الأطفال المعوزين إلى بيع كتبهم الجديدة مباشرة بعد تسلمها مجانا من الإدارة و الاعتماد على الكتب القديمة التي يهبها لهم بعض المحسنين لاستغلال المال الذي يجنونه من وراء ذلك في اقتناء أغراض ضرورية أخرى أو شراء ملابس جديدة. و ذكر عامر تلميذ في طور المتوّسط بأن الكثير من زملائه في الصف يلجأون إلى هذه الطريقة لشراء ملابس، أو حقائب مدرسية جديدة و أدوات ضرورية. و لا تقتصر سوق الكتب القديمة على الأرصفة أو عند الباعة الصغار المتجوّلين على كتب الطور الثالث فقط و إنما كل الأطوار بما في الابتدائي، و ذلك بتشجيع الأولياء الذين يحمّل الكثيرون منهم أبناءهم الصغار مسؤولية أكثر من طاقتهم. حيث لا يهتم البعض إن كانت تلك التجارة قد تحرج صغارهم أو تعيقهم عن مشوارهم الدراسي، خاصة و أن العملية تستمر عند البعض حتى بعد الدخول المدرسي.