يشكل توفير الكتب المدرسية هاجساً آخر يضاف إلى انشغالات العائلة الجزائرية عشية الدخول المدرسي، فيحاول الأولياء البحث عنها وتوفيرها بشتى الطرق قبل التحاق أبنائهم بمقاعد الدراسة، وذلك تحسبا لنفادها وأي نقص أو خلل في التوزيع وفي عملية البيع والشراء داخل المدارس. ولأن ميزانية العائلة قد أنهكتها مصاريف الأعراس وشهر رمضان ثم العيد، تزداد معاناتهم مع الدخول المدرسي وحتى الكتب القديمة المعروضة في الأسواق لم يعد بإمكانها تخفيف العبء عن الميزانية العائلية في ظل التغيرات المستمرة في البرامج التعليمية. تنتشر مع بداية كل موسم دراسي جديد تجارة الكتب المدرسية القديمة، وقد انتهز تجار المناسبات فرصة بداية الدخول الجديدة 2013- 2014 لعرض كتب مدرسية لمختلف السنوات التعليمية بأسعار مقبولة في الأسواق الشعبية، وذلك وسط تخوفات وتوقعات من أولياء التلاميذ بحصول تغييرات في البرامج الدراسية هذه السنة، فقد رفض الكثير من الوراقين المعروفين بتجارة الكتب القديمة في الساحة المقابلة للبريد المركزي بالعاصمة تغيير نشاطهم لأسباب مختلفة. يقول "دحام مرزاق" شيخ في الستينات من العمر، يعمل كتاجر كتب منذ 10 سنوات: "أرفض بيع الكتب المدرسية لأن البرامج تتغير كل سنة وبصفة دائمة، لذا أفضِّل بيع الكتب الجامعية والأبحاث العلمية الموجهة للأساتذة الطلبة والمؤرخين". في حين أوضح زميله "رضا" بائع كتب منذ 13 سنة، أنهم في السابق كانوا يبيعون الكتب المدرسية ويقضون عطلة الصيف بأكملها في تجميعها وإعادة بيعها بأسعار منخفضة، لكنهم منذ 5 سنوات فقط وبسبب التغييرات السنوية في البرامج المدرسية توقفوا عن مزاولة هذا النشاط لأن الخسارة تكون فيه أكبر. حديثنا جلب اهتمام إحدى السيدات والتي كانت بصدد البحث عن كتاب لابنتها الطالبة في الحقوق، وقد أكدت لنا أنها قبل سنتين اشترت الكتب لأبنائها في الطور المتوسط والثانوي من أحد الأسواق الشعبية، وبعد الدخول المدرسي اكتشفت أنه تم تغييرُها فصدمت لأنها أنفقت أكثر من 4 آلاف دينار ذهبت جميعها أدراج الريح حتى أن الأساتذة نصحوها بعدم تكرارها. أما السيدة "مريم" والتي دلتنا على شبان يبيعون كتبهم المدرسية في العقيبة ببلكور، فتوضح بأنها كانت تعمد في نهاية كل عام دراسي لشراء الكتب المدرسية من عند جاراتها أو من السوق الشعبي، لكن التغييرات المتتالية في الكتب المدرسية جعلتها تقرر شراء الكتب من نقاط بيع الكتب المدرسية في شارع "نصيرة نونو" أو الجزائر الوسطى وهو ما يقلل الأعباء والمصاريف عليها. مباشرة بعدها انتقلنا لحي بلكور في العاصمة، وهناك لاحظنا تواجدا نسبيا لباعة الكتب المدرسية القديمة إلى جانب طاولات بيع الأدوات المدرسية المنتشرة بكثرة، يصرح "محمد" وهو رجل في الأربعينات من العمر، أنه ينتهز فرصة الدخول المدرسي فيشتري مجموعة من الكتب ويعيد بيعها بعد أن يجدِّد في شكلها وغلافها وأسعارها تتراوح مابين 130 و250 دج، وتتوفر لديه مختلف السنوات والمستويات التعليمية وفي حال أراد أحد زبائنه كتابا معينا لسنة خاصة فإنه يبحث عنه عند معارفه وجيرانه ويجلبه له، مفيداً أن تجارة الكتب المدرسية قد عرفت شيئا من التراجع مقارنة بالأعوام السابقة وذلك نظرا للتغيرات المستمرة في المقررات والكتب الدراسية مطلع كل سنة، وهو ما يدفع الأولياء إلى تفادي شرائها من الأرصفة لكي لا يلقوها في سلة المهملات ويضطروا لاقتنائها مرة ثانية من المدارس. ويفضّل اغلب الأولياء ذوي الدخل المحدود انتظار أيام بعد الدخول المدرسي للتأكد من مضمون الكتب الدراسية الجديدة التي تباع في المؤسسات التربوية، وإذا لاحظوا أنه لم يحدث عليها أي تغيير، فيهرعون إلى الأسواق لاقتناء الكتب الدراسية القديمة بنصف أسعارها وبالتالي توفير مبالغ إضافية لاقتناء باقي الأدوات المدرسية.