حذّر أمس اتحاد التجّار والحرفيين الجزائريين المشاركين في أشغال الثلاثية المزمع انعقادها بداية شهر أكتوبر المقبل من الزيادة في الأجور في الوقت الحالي لأنها ستؤدّي إلى خفض القدرة الشرائية للمواطنين وإلغاء إجبارية العمل برخصة الاستيراد التي ستزيد من احتكار المستوردين للسوق الجزائرية، داعيا الثلاثية إلى مناقشة واقع الاقتصاد الوطني وطرق تطويره وتنميته من أجل التخلّص من التبعية للخارج وتطبيق إصلاحات إدارية ومالية وقانونية. أكّد الحاج الطاهر بولنوار النّاطق الرّسمي باسم اتحاد التجّار والحرفيين الجزائريين خلال الندوة الصحفية التي عقدها بمقرّ الاتحاد لمناقشة أشغال الثلاثية أن على المشاركين فيها التطرّق إلى شروط الإسراع في الإصلاحات الثلاثة وهي الإصلاح الإداري الذي سيسمح بالقضاء على البيروقراطية والمحسوبية والإصلاح المالي والبنكي الذي من شأنه تحفيز الاستثمارات في السوق والإصلاح القانوني حتى يتماشى مع متطلّبات الوقت، حيث لابد أن يكون القانون عاملا مشجّعا للتنمية من خلال سنّ قوانين تسهّل إجراءات الاستثمار، كما أنه لابد من توفير شروط لإنجاح الإنتاج الوطني. كما طالب النّاطق الرّسمي باسم الاتحاد الثلاثية بضرورة اتّخاذ الإجراءات التي تسمح بالقضاء على الأسواق الموازية وعدم رفقع الأجور لأنها ستؤدّي إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين على اعتبار أن أسعار أغلب المواد الواسعة الاستهلاك سترتفع تأثّرا بهذه الزّيادات، ما قد يحوّل نعمة المواطن البسيط إلى نقمة على حد قوله . من جهة أخرى، انتقد بولنوار مقترح الاتحاد العام للعمال الجزائريين خلال لقاء الثلاثية القادم والقاضي بإلزام مزيد من التراخيص على عمليات الاستيراد تشجيعا منهم للمنتوج الوطني، حيث اعتبر النّاطق الرّسمي باسم اتحاد التجّار أن وضع قيود على عمليات الاستيراد في الوقت الحالي سيؤدّي إلى تنامي ظاهرة الاحتكار، وبتالي ارتفاع الأسعار وعدم التحكّم فيها في ظلّ ضعف تغطية المنتوج الوطني لأغلب السلع والمواد المستوردة، وهو ما سيؤدّي حتما حسب بولنوار إلى احتكار عمليات بيع السلع المستوردة على فئة قليلة من المستوردين الذين سيتحكّمون في الأسعار، ما دفع اتحاد التجّار إلى إبداء امتعاضهم من اقتراحات النقابة المركزية. حيث حمّل الطاهر بولنوار سيدي السعيد مسؤولية فشل جميع لقائات الثلاثية المقبلة وذلك باقتراح مشاريع قرارات دون دراسات مسبقة أو تنسيق مع ممثّلي الهيئات المهنية في ظلّ منع النقابات المستقلّة من حضور اجتماع الثلاتية منذ أن أسست. وحول هذا أبدى بولنوار سخطه من حرمان ممثّلي فئة التجّار من المشاركة في اجتماع تطبّق قرارته عليهم، خصوصا وأنهم حلقة مهمّة في دورة الإنتاج الوطني، كما أن العديد من الدول النّاشئة والمتطوّرة تخصّص لقاءات دورية بين التجّار وأرباب المؤسسات. التجار يريدون المشاركة في الثلاثية كما تأسّف بولنوار لعدم إشراك التجّار في أشغال الثلاثية رغم أنهم يلعبون دور الوسيط بين المستهلكين والمستوردين أو المنتجين وهم على اطّلاع واسع بحاجة السوق من المنتوجات ويتحكّمون فيها بشكل كبير يؤهّلهم لكي يقدّموا عدّة اقتراحات قد تساهم في تنمية الاقتصاد الوطني، موضّحا أن الجزائر استوردت ما لا يقلّ 11 مليار دولار من المواد الغذائية خلال سنة 2013. وأبدى ذات المتحدّث تحفّظات عن القروض الاستهلاكية التي ستكون أحد محاور الثلاثية، داعية إلى إعادة النّظر فيها من جديد وعدم توجيهها فقط لشراء الأجهزة الالكترونية، مؤكّدا أن المواطن لديه القدرة على اقتنائها دون الحاجة إلى هذا النّوع من القروض، داعيا إلى تعميمها على بعض المنتوجات الأخرى كالأدوية وتشجيع الإنتاج المحلّي منها أو العقارات وقطع الغيار. من جهته، عضو الغرفة التجارية والصناعية مزري السعيد أكّد خلال مداخلته أن الجميع ينتظر من الثلاثية التي خصّصت لمناقشة مناخ الأعمال والاستثمار، والذي تعتبره المؤسسات الخاصّة (معرقلا) لأداء نشاطها، العمل على إيجاد حلول لتأمين التطوّر الاقتصادي، خاصّة الوطني بعيدا عن التبعية للخارجية، موضّحا أن الواقع يؤكّد عدم وجود تنمية اقتصادية حقيقية وهذا بسبب المحسوبية التي طالت أيضا الغرفة التجارية والصناعية، مشيرا إلى أن من لديه علاقات يستفيد من مشاريع واستثمارات ومن ليس لديه فسيبقى في مكانه، كما أكّد أن الجميع يبحث عن دعم الإنتاج الوطني وليس توقيف الاستيراد لأنه ليس الحلّ في تنمية الإنتاج الوطني، والذي لجأت إليه الحكومة منذ سنة 2009 من خلال تضييق الخناق على المستوردين إلاّ أن ذلك لم يأت بجديد، بل ساهم فقط في رفع الأسعار، وأشار إلى أن الإنتاج الصناعي عرف في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا رغم الإجراءات التي اتّخذتها الدولة للنهوض به من خلال دعم مشاريع الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب، مؤكّدا على الإسراع في إطلاق الإنتاج الوطني لأنه إذا لم ينطلق الآن فلن ينطلق أبدا، داعيا الحكومة إلى الاهتمام بفتح مجال الاستثمار للجزائريين والتفكير في حلول ناجعة للنهوض بالإنتاج الوطني. لعريبي يطالب بتخفيض نسبة التأمين الاجتماعي أيضا، طالب رئيس جمعية منتجي وموزعي المواد التنظيفية ورئيس مؤسسة (كوفتاد) للمنظفات بتخفيض قيمة المصاريف التي تدفعها المؤسسات الخاصّة على التأمين الاجتماعي للعمال، مؤكّدا أن تشجيع المؤسسات على إضفاء مزيد من المرونة فيما يتعلّق بسياساتها التوظيفية يمرّ بشكل أكيد على تخفيض نفقاتها الاجتماعية، حيث تدفع المؤسسات على العامل الواحد 26 بالمائة من راتبه على ضمانه الاجتماعي، مطالبا بتخفيضها إلى قيمة تتراوح بين السبعة والثمانية بالمائة تشجيعا لسياسة التوظيف. وفي نفس الموضوع أبدى حكيم لعريبي عدم تفائله باجتماع الثلاتية المقبل قياسا على القرّارات التي خرج بها الاجتماع السابق قبل عامين، والتي لم يطبّق بعضها إلى اليوم، خصوصا ما يتعلّق بإعطاء استقلالية القرار للبنوك التي عادة ما تخضع مشاريعها التمويلية لقرارات فوقية، إضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية للاستثمار وإنشاء المؤسسات. حيث أكّد المتحدّث أن الجزائر أضحت البلد الوحيد في العالم الذي يطلب من مواطنية استخراج رخصة إن أراد الاستثمار.